وبالنسبة للأميركيين يجب أن يكون السؤال :)هل ستفهم إدارة أوباما أنه من دون مخاطبة الاحتياجات الفلسطينية لن تكون قادرة على إخراج نفسها من ورطاتها الأعقد في الشرق الأوسط ومن إعادة الانضمام للمجتمع الدولي ومن إنقاذ اقتصادها?.
وإذا كان ترميم الاقتصاد الأميركي الضعيف يعتمد على إصلاح العلاقات مع بقية العالم, فإن أوباما سيدرك أنه دون حل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني لن يستطيع خلق تلك الظروف التي يمكن أن تقبل بها الولايات المتحدة ثانية في المجتمع الدولي الأوسع.
ولكي أكون أكثر دقة أقول: إن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني يؤثر مباشرة على الأميركيين على الأقل في خمسة طرق:
1- أإه يعزل الولايات المتحدة عن الأسواق العالمية الرئيسية, مجبراً إياها على الشروع في إجراءات عدائية لضمان الأسواق عوضاً عن التسوية السلمية.
2- وهو بذلك يحول الاقتصاد الأميركي إلى إنتاج غير منتج, ويجعله معتمداً على تمويل المصروفات العامة بالاقتراض, الأمر الذي يزيد من الاعتماد على التمويل الأجنبي في الوقت الذي تحول فيه الموارد إلى الجيش عوضاً عن التعليم أوالصحة أو الاستثمار.
3- دعم الجيش الإسرائيلي يكلف دافعي الضرائب في الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة مليارات دولارسنوياً في وقت التراجع السحيق وتقوض البنية التحتية القومية.
4-إنه يؤدي إلى التدخل الأميركي في العالم والذي هو عسكري بشكل رئيسي, وبهذايتولد العداء والمقاومة وما ينتج عنهما من تهديدات للأمن يخاف منها الأميركيون كثيراً.
5- وينتهي الأمر بتهديد الحريات المدنية الأميركية بتشجيع تشريعات مثل القانون الوطني (باتريوت أكت) وبإدخال التكتيكات الإسرائيلية لمواجهة المتمردين والأسلحة المتطورة لاستخدامها في الضفة الغربية وغزة إلى قوات الشرطة الأميركية.
بالنسبة للكثير من الشعوب في العالم يمثل الفلسطينيون حالة الأكثرية, فهم حبات رمل صغيرة تقاوم ما لايراه معظم الأميركيين والأغنياء في الغرب, إنهم شعب محروم من الحق الأساسي بامتلاكهم لدولة, حتى ولو على الاثنين والعشرين بالمئة من فلسطين التاريخية التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967,وبالنسبة لمعظم البشرية التي تعيش في ظروف اقتصادية وسياسية لايمكن تخيلها في الغرب, ترمز المعاناة التي سببها الاحتلال الإسرائيلي (الإفقار والنكران الكامل للحرية واللذان يستطيعان الاستمرار فقط بدعم من أميركا) لمعاناتهم المستمرة.
فالاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيين بدعم فعال من الولايات المتحدة يظهر بجلاء وجود نظام عالمي من السيطرة الغربية يمنع الآخرين من تحقيق أحلامهم بالرفاهية السياسية والاقتصادية.
كما الشوكة في الحلق, كذلك الاحتلال الإسرائيلي لايمكن تجاهله أو تجاوزه, وإن لم يناقش, فإن الولايات المتحدة (حتى بقيادة أوباما) ستبقى غارقة في صراعات مع الشعوب المسلمة, وستبقى عرضة لشتائم الشعوب التي تتوق إلى الحرية الحقيقية ولن تجد الأمن ولا حتى الرفاهية التي تسعى إليهما.
إننا نعيش في حقيقة عالمية لا في سلام أميركي, ومنطق إدارة بوش قد شق طريقه, وما عدادبإمكان الولايات المتحدة أن ترمي بثقلها في الحرب ضد الإرهاب وماعاد من الممكن أن يكون تدخلها عسكرياً صرفاً. المنطق الجديد الذي يجب أن يرافق أوباما يختصر بكلمة واحدة: التسوية, والولايات المتحدة لن تضع حجر الأساس الأول إلا إذا حققت تسوية مع العالم الإسلامي ما يعني إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ما يحدث للفلسطينيين يحمل أهمية عالمية, وإزالة الشوكة من الحلق, أي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والسماح للفلسطينيين بدولة ومستقبل ملك لهم, يجب أن يكون أولوية عليا في الإدارة الأميركية الجديدة, وبالطبع, محاولة أميركا لاستعادة مكانتها في العالم يعتمد على ذلك, إذ في الحقيقة العالمية التي نعيشها يحدث أن يكون مصير الأميركيين والفلسطينيين متشابكاً.
بقلم جيف هالبير مدير اللجنة الإسرائيلية ضد تدمير المنازل.
الإنترنت -عن موقع
counter punch