نسأل:
ماذا بقي في المحتوى الإعلامي الذي يتناول هموم وقضايا المرأة العربية?
وهل حقاً ما يقدمه الإعلام العربي يقدم توءمة حقيقية مع صورتها الواقعية بلا رتوش أو تجميل? وأين معاناة المرأة العربية الحقيقية في الاستراتيجية الإعلامية?!...
لاحظوا أن أغلب المجلات النسائية تفرد زاوية بعنوان ضمير الغائب (هو وهي) فلا يتحدث عنها إلا برسائل العشق وعبارات الغزل, ولا تتحدث عنه إلا بالوجد والعتب في حين تفرد مجلات عربية صفحات خرافية للحديث عن مشكلات البرود والعنانة, بينما ثمة وطن يحترق على الطرف الآخر..
زد على ذلك أخبار تتناسل بأخبار عن نجمات الفيديو كليب والإغراء, تقدمها للجيل قدوة تحتذى والمفارقة.. أن تبث إحدى الفضائيات أخبارها على صفيح ساخن, ثم تنتقل بلا مقدمات إلى لقاء مع فنانة من الدرجة العاشرة, تتكلم من نهديها أو ردفيها..
هذا هو باختصار -الخطاب الإعلامي- الموجه للمرأة العربية في البلدان النامية.. يتناول القشور, ويدع الجذور.. ويأخذ -الثانوي- ويترك الرئيسي في سياسة هدفها التخدير وتحييد المرأة العربية عن قضاياها الرئيسية التي تمسها في الوجود..
والسؤال:
لمصلحة من إقصاء المرأة بهذا الخطاب المبستر المبتذل عن الفضاء العام بما يعج فيه ويمور من تحولات عالمية كبرى وأزمات سياسية واقتصادية, وتجاهل هذا الخطاب الموجه غالباً -للنخبة- القواعد الشعبية لنساء رازحات تحت عبء الاحتلال والفقر والمرض والأمية والجهل.
وكيف نطمع إلى إيصال الرؤية العربية للمرأة في مفهوم وقضايا أمن الإنسان بالمنظورين العربي والدولي, ونحن لا نملك بعد الاستراتيجية الإعلامية التي ستكون بمثابة -الحامل- لهذه الرؤية..
نعم نحن نحتاج أن ننطلق من نقطة ما قبل البداية لترجمة أهداف هذه الاستراتيجية في صورة مشروعات تحض على رفع كفاءة الإعلام العربي في مقاربة قضايا ومشكلات المرأة الحقيقية, ودعم الرسالة الإعلامية الموجهة للمجتمع من المرأة العربية بكل فئاتها, والتنسيق والتشبيك بين الجهات الإعلامية وكافة الجهات الأكاديمية والحكومات والمجتمع بكافة شرائحه وأطيافه من أجل دعم المحتوى الإعلامي حول واقع وصورة قضايا المرأة العربية من بؤرة المفاهيم التي تمس جوهرها لا مظهرها, حتى لا تنفرد مدارس الفكر الغربي في صوغ هذه المفاهيم وتحديد معالمها بشعارات براقة (لا.. للعنف ضد النساء) أوقفوا جرائم الشرف ضد المرأة.. كافحوا كافة أشكال التمييز ضد المرأة) هذه الشعارات التي تتساقط كالمطر على رؤوس المؤتمرين والمؤتمرات في كل محفل دولي أو عربي يتناول المرأة في الشرق الأوسط.. متجاهلين حقيقة أن هذه الشعارات ستتلاشى تلقائياً, عندما تحصّل النساء حقهن في الأمن والأمان تحت مظلة وطن آمن..
فلا أمن من دون سلام.. وقد لا ندرك أهمية العمل على وضع استراتيجية إعلامية للمرأة العربية انطلاقاً من هذا المنظار.. ما لم نبحث بداية عن حلقات الحوار المفقودة ما بين أقطاب هذا الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وتصحيح الخطاب الإعلامي الموجه إلى المرأة كعلامة فارقة في أمن المجتمعات, لا بل كصمام أمان يقتضي إعادة ترتيب الأولويات ضمن وحدة القضية الإنسانية.