تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كما في التخيل.. كما في الواقع..

الثلاثاء 18-6-2013
سعد القاسم

في أواسط آسيا تمتد السهول المجاورة للجبال الشاهقة.. يجتذب بساطها العشبي الأخضر الرعاة ومواشيهم حيث يعيشون حياتهم الآمنة الهادئة الرتيبة ..

يعتنون بمواشيهم فتعطيهم بالمقابل معظم متطلبات حياتهم من طعام وثياب، لا يعلمون متى سكن أجدادهم هذه المراعي، لكنهم يعلمون أنها كانت موطنهم الذي يمنحهم أسباب حياتهم الهانئة منذ زمن بعيد..‏

السهول المتكئة على كتف الجبل تبدو وكأن لا نهاية لها..لكنها فجأة تصبح ضيقة للغاية حين يطالبهم رسل قبيلة مجاورة بالرحيل عنها لأن أرض أولئك الأخيرين لم تعد تتسع لهم ولمواشيهم..لم يقبلوا الرحيل عن وطن آبائهم وأجدادهم، فتحول الطلب إلى تهديد على قدر كبير من الجدية بحكم التفوق العددي لقبيلة الجوار:‏

- إن لم ترحلوا بإرادتكم..فهي الحرب‏

- فلتكن..‏

بدأ الطرفان الاستعداد للمواجهة الحتمية القادمة..أبناء الأرض أمنوا النساء والأطفال في كهوف الجبل.وأعدوا ما استطاعوا من أسباب القتال..والمعتدون جمعوا رجالهم المحاربين وجِمالهم وأسلحتهم وتوجهوا إلى الأرض الطامعين بها.. وفوق البساط العشبي الذي شهد على امتداد زمن يوشك على الانتهاء تفاصيل الحياة الجميلة، التقى الجمعان غير المتكافئين، في الطرف الأول عدد قليل من رجال يملكون القليل من السلاح والكثير من التصميم،وفي الطرف الآخر حشد كبير من المعتدين الطامعين..كانت ساعات طويلة من القتال الضاري غير المتكافئ، انتهت إلى ما كان متوقعاً منذ البداية، سقط معظم أبناء الأرض صرعى دفاعاً عن كرامتهم وأرضهم إلا شاباً قوياً تكاثر عليه الغزاة وأخذوه أسيراً، كان قبل المأساة ينتظر ولادة زوجته الشابة لطفله الأول، وقد تركها في رعاية أمه القوية العاقلة التي يحفظ لها في قلبه حباً كبيراً..‏

تبين أن للغزاة المتوحشين طرقهم الخاصة في التعامل مع أسراهم..حلقوا رأسه حتى لم يتبق فيه شعرة واحدة، ثم جاؤوا بجمل صغير نحروه واستلوا جلد معدته و ألصقوها على الرأس الحليق، وتركوا الضحية تحت الشمس لبضعة أيام لم يعد بعدها يذكر أي شيء عن نفسه، ولا عن حياته السابقة، فإذا ما تم هذا الأمر بدؤوا تدريبه على أعمال العبيد.وملء ذاكرته، التي صارت فارغة، بما يشتهي الغزاة.. حدث كل ذلك والأم الشجاعة الحكيمة ترقب من بعد ما يحل بولدها..وتنتظر الوقت الذي تستطيع فيه مساعدته.. وجاء هذا الوقت حين وجدته وحيداً في السهل يحرس مواشي الغزاة، استطاعت أن تتقرب إليه، رغم توجسه ونظرات الترقب في عينيه ،محاولة تذكيره بادئ ذي بدء باسمه، وفي الأيام التالية بتاريخه وأهله، لكن الحظ الرديء كان لها بالمرصاد، فقد لحظ كبير الغزاة وجودها فسبقها إلى وعي ابنها زارعاً فيه فكرة وحيدة:‏

إن هذه المرأة تريد بك شراً..وعليك حماية نفسك منها..‏

حين أقبلت الأم في اليوم التالي للقاء ابنها الحبيب..لم يكن بانتظارها وحده، كان معه قوساً وسهاماً أعطاها له سيده الجديد..وما هي إلا لحظات حتى كان أحد السهام يخترق صدرها..لتخر صريعة على الأرض فيما يد السيد تربت سعيدة على كتف القاتل..وقد زاغت نظرات الابن فاقدة أي معنى، أو إحساس..‏

.....‏

تلك كانت ملخص رواية آسيوية تحولت إلى شريط سينمائي، كان مثلها صيحة إنذار مدوية ..إنما لمن يريد أن يسمع ..ويعي..‏

www.facebook.com/saad.alkassem

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية