دوار الصدى، أحمر أبيض، خطايا، في الزمن الراجع. وهو شاعر صدرت له 3 مجموعات شعرية منها: تضاريس على أفق شاحب، موال الأرق. أما في الرواية كتب: المنار، تقاسيم الحضور والغياب، أوقات برية، المآب. وله مجموعة دراسات نقدية نذكر منها: حالات موضوعات ومواقف، في الثقافة والأدب، قريباً من القلب. إنه الأديب غسان كامل ونوس، التقيناه وكان لنا معه الحوار التالي:
• كتبتَ جميع الأجناس الأدبية من قصة وشعر ورواية وسواها، ففي أيّ منها تجد نفسك؟
•• كتبتُ ما شعرت أنه يُظهر ما أحس به، بالشكل الذي اقتضاه؛ لم أقحم نفسي في أيّ جنس أدبي؛ بمعنى: لم أتقصد أن أكتب في جنس أو آخر؛ بل تمايزت النصوص التي كتبتها في البداية بلا تجنيس ربما، إلى شعر وقصة، وغير بعيد عن تلك البدايات جاءت الرواية؛ إضافة إلى النصوص الأدبية الأخرى المشحونة بالانفعالات والرؤى؛ كما كتبت المقالات التي تتناول موضوعات أدبية وفكرية وسياسية، رغبة في أن يصل من خلالها الرأي المباشر أسرع مما يمكن أن يُستنتج من خلال النصوص الإبداعية بِسِماتِها الفنية؛ التي منها التكثيف والإيحاء والتلميح. إذن؛ الحال تفرض جنس الكتابة، والموقفُ والظرفُ. وبالتالي أجد نفسي في كل ما كتبت، حين كتبت، وحين أقرأ ما كتبت، ولو بعد حين؛ ومن الطبيعي أن هناك تفاوتاً بين نص وآخر، وجنس وآخر، مع جريان الحياة، وتقدم الخطو، وغنى الممارسة. لكن المصدر واحد، والمسارات تتنوع. ويمكن أن أشبّه الأمر كما يلي: الشمس المصدر الرئيس للنور الذي نتلقّاه إشعاعاً مباشراً يلطف أو يقسو، أو ضوءاً شفيفاً منعكساً من القمر، أو انتثاراً في الظل الذي يشفّ أو يتكاثف. هناك مصادر أخرى عميقة أيضاً كالنجوم الأخرى، ومصادر أقرب لكنها مصطنعة، ولكنها جميعاً تختفي في حضور المصدر الأصيل.
• ترصد في روايتك «المآب» الصادرة عام 2011 بعض مظاهر الفساد في مجتمعنا من دون أن تعطي إجابة واضحة للقضاء عليها؛ فما الهدف من هذا الرصد؟
•• ليس من مهمة الأدب في ظنّي إعطاء الإجابات؛ بل يكفيه أن يثير أسئلة؛ وكثير من الحلول الموفّقة يأتي بعد أسئلة مهمة في العمق كما في الأطراف. الأدب؛ بل الإبداع يضيء جوانب قد تكون أكثر تأثيراً وأقلّ تناولاً، ويُظهر انفعالات وعلاقات، ويحرك مشاعر وأفكاراً، ويلوح باتّهامات وإدانات ذاتية كما تلك الموجهة إلى الغير. إنه يضع الناس عند مسؤولياتهم؛ ليس المقصود الموجودين في السلطة فقط، ناسين أنفسنا ودورنا في استفحال القضية أو إهمال المعالجة أو إعاقة ذلك، أو السكوت عنها في أقلّ جرم. وهو قول للوجدان والعقل والواقع والتاريخ. مع تعميق الوخز وحدة المواجع؛ لكن ذلك يجب ألا ينسينا الفن والإبداع الذي يخرج من خلاله الموضوع، وأعتقد أن في المآب –وكتابات أخرى- الكثير من الإشارات التي لم يتم تناولها فيما يتعلق بالحزب واسع النفوذ، وبالقضايا التي تقض مضاجع أصحاب الضمائر الحرة الحريصين على وطنهم بكائناته وأحيازه!
•تظهر الواقعية في الكثير من أعمالك؛ فإلى أي درجة تؤثر البيئة المحيطة في كتاباتك؟
•• أعتقد أن البيئة هي الرحم الثاني بعد الرحم الأم؛ في البيئة ينمو الكائن وملكاته ومدركاته، ويتشرب المعارف والمعلومات والعادات وسوى ذلك. ولا شك في أنها تترك آثارها الإيجابية والسلبية، وللكائن في الأدب بيئته أيضاً، الواقعية أو الافتراضية، تلك التي قد يستمر ممثلاً لها، أو قد يتمرد عليها، ويمكن أن تتعدد البيئات وتتنوع للشخص نفسه بانتقاله المادي أو الخيالي أو النفسي. ويمكن أن يظهر للبيئة تأثير على الشخوص الأدبية، كعناصر كاشفة أو مساعدة في الكشف، أو مواكبة لحال أو قضية، وقد تكون البيئة أو أجزاء منها هي القضية المطروحة للتفكير أو للنقاش أو البحث. أما تأثير البيئة على الكاتب، فقد يكون في اختيار شخصيات وشرائح بِسِماتٍ يعرفها ومواقف. لكن ذلك يفترض ألا يتم بطريقة فوتوغرافية؛ بل بشكل يخرج من مختبر الكاتب أو مشغله الفني، وفق رؤاه ودربته وخبرته وموهبته وقدراته ورغبته وإحساسه.
•في رصيدك ثلاث مجموعات شعرية آخرها «حديث الروح» الصادرة أواخر عام 2012، لِمَ أنت مقلٌّ بإنتاجك الشعري؟
•• إن للشعر في رأيي فرادة بين الأجناس الأدبية، وقد يشع من خلالها بشكل أو آخر، وأقصد الشعر المعبر عن كينونة وأعماق وأبعاد وأطياف، والدخول في ذلك ليس يسيراً، والحالات التي يمكن للمرء أن يعرفها من ذلك، قد يشاغلها أو يعكرها ما في اليوميات من أحداث وهموم وانشغالات، وقد يراود الكاتب وتراوده كتابات أخرى غير الشعر يكون لها علامات فارقة أكثر. ولا أعتقد أن ثلاث مجموعات منشورة، واثنتين تنتظران النشر، قليل أو كثير؛ في كل الأحوال هذا الأمر لا يشغلني، ولا أفكر في ذلك، وفي الإبداع لا يقاس الأمر بالقلّة والكثرة؛ أي بالكمية؛ بل بالقدرة على نقل الجذوة إلى العلن نفثاتٍ أو زفراتٍ أو أنيناً مكتوماً؛ فقد يحترق المرء من دون أن يخرج منه نوح، وقد يبترد بلا أثر. الأهمّ أن يكون ما زفره إبداعاً.
•وُصفتْ مجموعتك «قريباً من القلب» باستراحة المحارب؛ فهل سعيت حقاً إلى أن تكون بمثابة الاستراحة؟
•• لا يمكن أن تكون الكتابة استراحة؛ بل هي تخويض متواصل وذوب متصل، وقلت سابقاً إن ذلك يتعلق بالحالة وما تفرزها، والشحنة وقوتها وكثافتها، وقد جاءت «قريباً من القلب» شكلاً آخر للبوح، ربما كان مختلفاً؛ لم أفكر في تجنيسه، ولا يشغلني ذلك، بقدر ما تشغلني إمكانية أن يعبر بشكل لائق عن منتجه! ولا أسعد باهتمامات القراء والنقاد بتصنيفه، أكثر من اهتمامهم بمحتواه وآثاره. وهناك مخطوط آخر يقترب من شكل الكتابة هذه، وهو ليس استراحة بالتأكيد؛ بل خلاصة معارك لا تتوقف، أو معارف لا تنوس ولا تشح، أو توق لا يشبع!
•لمن تقرأ من الأدباء والكتاب؟ وما رأيك بما يُكتب الآن وخاصة من جيل الشباب؟
•• قراءاتي منذ البداية متنوعة وواسعة، وهي شملت كتب الأدب والنقد والأساطير والفلسفة والسِّيَر والعلم، واهتممتُ -وما أزال- بانطلاق الحياة وسيرورتها ومآلها، والأسئلة الكبرى التي ما يزال الكائن «العاقل» يبحث عن إجابات عليها، وهو في طريقه هذا يتخبّط ويشوّه ما قد يكون توصّل إليه من قناعات. أقصد من ذلك أن قراءاتي تتعلّق بالموضوع أكثر منها بالكاتب، وأقرأ بحكم الظروف والواقع لكتّاب قدماء ومعاصرين، عرب وأجانب، وليس لي مواقف حادة في ذلك؛ بمعنى أنني أهرع إلى هذا النتاج، أو أُجانب هذا، ولا أميل إلى أن أكوّن فكرة سريعة أو نهائية عما يكتب اليوم؛ فهناك كتابات مهمة، وأخرى غير ذلك، هناك مبدعون حقيقيون، وتتفاوت نجاحاتهم في نتاجات تخرج بين وقت وآخر، ولا أنساق وراء حملة هنا على هذا الكاتب أو الكتاب، أو ضجة هناك؛ لأني موقن أن للإعلام دوراً إشكالياً في ذلك، وهناك الكثير من المسايرات والمحسوبيات والفقاعات.
أما ما يتعلق بكتابات الشباب فإنني أحسّ بمسؤولية تجاههم، وتنتابني أحاسيس خاصة حين أقرأ لهم، وأفرح بنصوصهم المهمة، ولديّ تعامل قريب متواصل مع كتابات هذه الشريحة منذ نحو عقدين في مناسبات ومسابقات ودورات في اتحاد شبيبة الثورة وسواها من المنظمات؛ هذا الأمر يصعب القول الباتّ فيه، ولكن هناك مسؤولية حقيقية تشملنا جميعاً أفراداً عاملين في هذا المجال، أو غير عاملين، ومؤسسات معنية ووسائل إعلام، مع التأكيد أن النشر متاح لهم اليوم أكثر مما كان في بداياتنا، وهذا سلاح خطر، والخشية لديّ في ما يتركه هذا اليُسر في الانتشار الإلكتروني مثلاً، وإمكانية قول أيّ شيء على أنه إبداع، والتعليقات المجانية والمتسرعة وغير المسؤولة! وفي ذلك استسهال وتسرع وتفاخر ويقلل من فرص الاحتراق الذي ينضج أو يتحول إبداعاً مميزاً.
•ما هو دور الأدب في الوعي والتغيير؟ وهل نحن أمام تحولات جديدة؟
•• لا شكّ في أن للأدب دوراً في تمكين الوعي العام والخاص. لكن هذا الدور مرهون بعوامل وظروف؛ فلا بدّ من سعاة خير في الأدب أيضاً من غير الكتّاب: ناشرين وعارضين ونقاداً وقراء ومسؤولين ثقافيين وإعلاميين. لا بدّ من بيادر «كيلا نقول أسواقاً» وورّاد ومناسبات ومحفزات، لكي يصل الاهتمام بالأدب إلى درجة مقبولة من الحيوية والانتشار، ولا يقتصر الأمر على التلقي؛ بل لا بدّ من النقاش حول النتاج والانشغال بذلك. وبقدر ما يكون ذلك قائماً تتعلق الفعالية التي تؤدي إلى التغيير. والأدب ليس وحده في الساحة، وقد تطغى عليه مجالات أخرى: مادية استهلاكية آنية، وأخرى ذات غايات قاتمة، وكذلك الإعلام ولهاثه وراء الأحداث الطارئة، ومواكبتها واستباقها، وقد يتأثر الأدب بذلك، ويغدو في كثير منه ردود أفعال مباشرة. في حين يتطلب الإبداع استقراء وتمثلاً وإشعاعاً، وقد يتضمن إرهاصات لما سيأتي. لا أعتقد أن التحولات تكون راهنية أو مباشرة في الأدب، وذلك يحتاج إلى وقت للبتّ فيه حسب ما تفرزه الأحداث من نتاج وإبداعات.
• يلحظ هبوط في المستوى العام للقصة في الآونة الأخيرة، ما السب برأيك وما هي مقومات نجاح القصة؟
•• هذا الرأي يحتاج إلى تأكيد نقدي، ولا أميل شخصياً إلى السير في المقولات السريعة أو التعميم الذي يكتنفه الخطأ دائماً، في كل حال، وحسب ما أتابع وأقرأ وهو ليس بالقليل، يمكنني أن أقول إن النصوص المتميزة في القصة، وفي الإبداع عموماً ليست وافرة؛ لكن.. ألم يكن الأمر دائماً كذلك؟ ويمكن أن أعود إلى ما ذكرت قبل أسطر، لأقول إن استسهال الكتابة والنشر والآراء والتعليقات التي تلقى جزافا،ً ولا سيما في النشر عبر الشابكة، يؤثر سلباً في ذلك، وهناك نصوص مغمورة لكتّاب ليس لهم حظوة في الظهور، يمكن أن تكون هامة. أما مقوّمات النص القصصي الناجح؛ فليس هناك خلطة موثوقة أو وصفة مكفولة، ويمكن القول إن للقصة فضيلة الاختصار وميزة التكثيف وزاوية الرصد ودقة الملاحظة وغنى العرض وجدوى الحركة وعمق القول واللغة المناسبة؛ وقبل ذلك الهاجس والقلق والتمثّل ولعل الكثير من ذلك ينطبق على النصوص الإبداعية الأخرى إضافة إلى القصة.
•تشغل اليوم منصب نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب.. ورئيس تحرير جريدة «الأسبوع الأدبي»، حدثنا عن عملك فيهما؟
••عملي النقابي يستمر من خلال المكتب التنفيذي، ومتابعة ما يتعلق بشؤون الاتحاد وخططه، وإداراته المتعددة، وجمعياته وفروعه، ونشاطاته التي يقوم بها بنفسه، أو بالتعاون مع الوزارات والمنظمات والمؤسسات الأخرى، في المركز –دمشق- ومقرات الفروع والمراكز الثقافية والمواقع الأخرى والمحافظات، والمخطوطات التي ترد إليه، وإصداراته من كتب ودوريات.. ولا سيما جريدة «الأسبوع الأدبي» التي أتحمّل مسؤولية رئاسة تحريرها منذ أكثر من سنتين ونصف السنة، وهذا ما يأخذ حيزاً واسعاً من الجهد والمتابعة. فالجريدة أسبوعية تعنى بشؤون الأدب والفكر والفن، وتصدر في أربع وعشرين صفحة من القياس الكبير، وتسهم في تقويم موادها التي تبلغ نحو مئتي مادة في الشهر هيئة تحرير تتغير دورياً، ونحرص في الجريدة على الجدية في العمل، والجودة الفنية، والتنوع في الأجناس الأدبية، والمقالات الفكرية والثقافية والأدبية والقراءات والمتابعات، والكتابات التي تتضمن آراء ورؤى في مختلف الموضوعات والقضايا التي تعنى بها الجريدة ويهتمّ بها الأدباء الأعضاء في الاتحاد، وغير المنتسبين إليه، في سورية وخارجها، ومن مختلف الأعمار. كما نحرص على ألا تتكرر الأسماء إلا بعد فترة يعرفها المتابعون، وتنشر «الأسبوع الأدبي» ملفات حول موضوعات أدبية نقدية مثل: الشعر السوري في مطلع الألفية الثالثة، المسرح السوري في الألفية الثالثة، أدب الأطفال في سورية.. وسواها؛ وملفات لأعلام غيّبهم الموت: «يوسف الخطيب، عبد الكريم عبد الرحيم، عبد الكريم اليافي، عادل أبو شنب، قمر كيلاني.. أو أبعدتهم الظروف: يوسف المحمود مثلاً.
كما يرافق الجريدة منذ أكثر من عامين ملحق خاص بأدب الأطفال، يصدر كل شهرين، وصدر مؤخراً العدد الرابع عشر؛ كما تعلن الجريدة عن مسابقة سنوية في جنس أدبي محدد، وقد أنجزت مسابقة العام الماضي 2012 في أدب الأطفال: القصة، وستعلن قريباً مسابقة هذا العام 2013 في أدب الأطفال: الشعر.
•لديك موقع الكتروني وصفحة على الفيسبوك؛ فهل أصبح التطور التكنولوجي ضرورة للانتشار والتواصل مع القراء؟
••أتاح الفضاء الافتراضي إمكانيات جديدة هامة للتواصل والتعرّف والتعريف، بشكل أوسع وأسرع وأشمل. ومن الطبيعي؛ بل من الضروري الاستفادة من هذه الميزات في النشر، لتتوسع دائرة المتلقين، وتتفتح المنافذ أكثر لردود أفعال أكثر تنوعاً، رغم أن ذلك يتطلب انشغالاً ومتابعة دائمة، لكن الاستثمار المعرفي والإنساني في هذا الميدان مهم ومثرٍ ومثير؛ مع تأكيد ما ذكرت سابقاً من مثالبه التي يمكن أن تؤثّر إذا ما كانت المشاركات سطحية مجامِلة، والكتابات راهنية مباشرة.
•كيف هي علاقتك مع النقد أو لنقل بشكل آخر هل أنصفك النقد الأدبي؟
••الأمر يتعلق بحركة النقد بشكل عام، ومواكبة النتاج الأدبي المنشور؛ وهي مسؤولية متّصلة، لا تتعلّق بكتبي الصادرة فقط؛ بل بالنتاج الإبداعي والأدبي بشكل عام. لقد كُتبَتْ دراسات جادة تناولت بعض ما أصدرت، ونشرتْ في دوريات، وصدرت في كتب، أعتز بها وبآراء أصحابها. وهناك قراءات ومتابعات عادية وصحفية. لكنني لست من يمكن أن يتحدث عن الإنصاف أو عدمه، حتى لو لم يتعلق الأمر بي شخصياً؛ لأن النقد عندنا ما يزال متمثلاً بجهود فردية وتناولات شخصية في معظمه، ومع أن في سورية أسماء ناقدة جادّة ومتمكنة وبعض الإصدارات الهامة في هذا المجال، لا يمكن الحديث عن حركة متكاملة ترصد مسارات ومراحل وأجيالاً وظواهر وملامح، وتستخلص ظواهر، أو تحدد ملامح يمكن الرجوع إليها، أو الركون إلى منجزاتها.
•كونك ابن محافظة طرطوس؛ كيف تصف حال الثقافة والأدب في طرطوس أولاً، وفي سورية بشكل عام؟
•• هذا سؤال يشمل موضوعين واسعين وهامين، لا أعتقد أن هذا الحيّز يتسع لهما. وقد سبق أن قمت بالبحث في المسألة الأولى، التي تتعلق بالأدب في طرطوس منذ نحو عقد من الزمن، وتوصلت إلى بعض الأفكار، التي قد تجدد وتنشر، ويمكن القول إن رواداً ومبدعين في مختلف الأجناس الأدبية، ظهروا في طرطوس، وأثروا الحركة الأدبية والإبداعية السورية والعربية، وفي الوقت الذي تجد فيه محافظات تعرف بجنس أدبي أكثر من سواه، استمرت الأجناس الأدبية جميعها في محافظة طرطوس، نمواً وحضوراً وتفاعلاً بلا منعطفات حادة، ولا صدامات أو نقاشات ضاجّة، وقد تصح هذه الملاحظة على الأدب والثقافة في سورية، وطرطوس المحافظة بمناطقها وأريافها غنية بالمواهب والمبدعين والإمكانيات، وفيها جمهور ثقافي حضاري ومتفاعل، ولكن ذلك يحتاج إلى إضاءات ومنابر إعلامية، ومتابعات نقدية وتقويمية أكثر جدية وكثافة. وفي طرطوس، كما في سورية، هناك مشكلة المسؤولية الثقافية والهاجس الثقافي والنشاطات المناسباتية والمبرمجة التي تفتقد الحيوية، وتقلّ فيها المبادرات الخلاقة! وهذا الكلام لا يتوقف على مرحلة الأزمة التي نعيشها، ونأمل أن تنتهي في أقرب وقت، لنتحدث بشكل أعمق وأوسع، ونعمل ما هو أكثر أهمية وجدوى.
•هل لديك مشروع أدبي جديد يلوح في الأفق؟
••لديّ عدد من المخطوطات في الشعر والقصة والرواية وكتابات الأخرى. وأحضر أكثر من كتاب؛ وأحسّ أن الكائن يحتاج إلى أعمار حتى يُخرج ما لديه من أفكار وأحاسيس في مشروعه الذي لا ينتهي!
•وأخيراً ما هي حكمتك في الحياة؟
•• هناك حكم عديدة تصحّ، وأقوال كثيرة تُسمع؛ ولا أحب التوقف عند ذلك، ولا الاسشهاد بها؛ لأنني أعتقد أن أي كائن يستطيع أن يأتي بأقوال تناسبه، حتى لو لم تكن طيّبة؛ لكنّ قولاً سمعته ذات مرة في «مرحباً يا صباح»، البرنامج الشهير في إذاعة دمشق، وكنت في مرحلة يافعة، ما يزال عالقاً في ذهني، وما يزال قادراً على إثارتي، ولا أذكر صاحبه: «المطر يهطل على الطيب والشرير، ولكنه يبلل الطيب أكثر، لأن الشرير يسرق مظلّته».