لقد ظهرت السياسة الغربية على حقيقتها بمعاييرها المزدوجة . فبينما يدعي الغرب دعمه الكامل للديمقراطيات ينسحب من اعلاناته عندما يتعلق الامر بالعرب والشرق الاوسط . بل وزادوا من اعتقاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان مصداقيته قد ازدادت عن ذي قبل ،وجعلوا عباس يظهر في محادثاته المتقطعة مع اسرائيل كأداة غربية اكثر من كونه رئيسا يمثل الشعب الفلسطيني. ان هذه الممارسات اثارت تخمينات مبررة بأن الهدف الحقيقي للسياسة الغربية كان تغيير النظام في الاراضي الفلسطينية عن طريق الاطاحة بحركة حماس في قطاع غزة واعطاء ضوء اخضر للمزيد من الاعتقالات لاتباع حركة حماس في الضفة الغربية على ايدي قوات امن السلطة الفلسطينية .
ان سخف تجاهل حماس سياسيا اصبح الان أسوأ بكثير مما كان عليه في السابق حيث نتجت مشكلة انسانية حقيقية في القطاع بسبب الممارسات الاسرائيلية بحق غزة من سياسة تضييق وعزل ومن ثم الحملة العسكرية العنيفة . يجب علينا فعل كل ما باستطاعتنا من اجل ارساء السلام في القطاع و تحقيق مستوى معقول من العيش الكريم للفلسطينيين عن طريق ضمان وصول مساعدة عاجلة من الغذاء والخدمات الطبية والوقود والاكثر اهمية العمل مع من يدير القطاع أي العمل مع حركة حماس.
اسرائيل تسعى لتصوير حماس على انها منظمة ارهابية لكن عدوانها على غزة كان مرتكزا على افتراضات ان حماس لاعب سياسي كبير في المنطقة. الجيش الاسرائيلي لم يستهدف مباني البرلمان والوزارات بسبب الارهاب انما بسبب المسؤولين عن هذه المباني الممثلين للقوة السياسية التي يجب ان تحتوى او تدمر كليا. ايضا لم تناقش الحكومات وقف اطلاق النار مع الناس العاديين في القطاع والحكومة المصرية واسرائيل ناقشتا بشكل مباشر او غير مباشر وقف اطلاق النار مع قيادة حماس .
وفي الوقت الذي يسعى فيه المتعصبون في اسرائيل والمدعومون من قبل شريحة اسرائيلية كبيرة الى عدم الاعتراف بحماس لرغبتهم متمسكين بزعمهم ان لا شريك لهم في عملية السلام، يتوجب على الحكومات الاخرى عدم تقييد انفسهم بهذه السياسة. الفكرة التي بات الكثير من دبلوماسيي الدول الغربية مقتنعا بها. والصعوبة تكمن في ان القادة السياسيين لا يستطيعون بعد اعلان هذا علنا وتغيير الخط الذي ساروا عليه منذ 2006.
وقد دافع مبعوث الرباعية الدولية للشرق الأوسط ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عن مبدأ اشراك حركة حماس في محادثات السلام، «لأن سياسة عزل قطاع غزة عن جهود البحث عن تسوية ما كانت لتكلل بالنجاح.»
جاءت هذه التصريحات في حديث خاص ادلى به بلير لصحيفة التايمز، انتقد فيه السياسة التي انتهجتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وإسرائيل في إدارة الصراع.
وقال بلير إن امريكا واسرائيل ركزتا كل جهود التسوية على الضفة الغربية، معتبرا تلك المقاربة «نصف ما ينبغي عمله فقط». وأضاف ان سياسة تهميش غزة ومحاولة إقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية مصيرها الفشل كما يصر عدد من مستشاري الرئيس الاميركي الجديد على ضرورة التحاور مع حماس ،لكن الفريق السياسي الجديد في واشنطن ما يزال غير جاهز بعد للقيام بذلك.
وخلال الحملة الانتخابية اكد كل من اوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون أنه لن يتحاور مع الارهابيين لكنه مع ذلك وافق على مبدأ التحاور مع الاعداء. وخلافا لإدارة بوش،تفضل الادارة الجديدة التعاطي مع ايران. لذا لن يكون هناك أي سبب منطقي لاستثناء حماس من قرار وجوب التعاطي مع من يمثلون القوة السياسية الفعلية خاصة انه لم يتم تبادل الراي معهم حتى الان .
ان حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية مسألة مقبولة الان من قبل العديد من الدول الغربية .واذا كان الرئيس الفلسطيني عباس قد اجبر على التحدث مع حماس لذا ما هو المانع من ان تحذو الدول الغربية حذوه؟ لقد مضى زمن طويل قبل ان تبدأ الحكومات الغربية التفكير بضرورة وجود حكومة وحدة وطنية فلسطينية كأرضية من اجل أي مفاوضات جادة لحل الدولتين. ولكن تحقيق هذا الحل ليس سهلا بالنظر الى السجل الدامي بين فتح وحماس واصرار عباس على الاستمرار بالقيادة بالرغم من انتهاء ولايته الرئاسية.
و تقف مشاكل كبيرة امام الفلسطينيين للوصول الى طاولة التفاوض حتى ولو كان هناك ارادة من الجانب الاسرائيلي ولكن هذا الكلام سيكون مثار شك اذا فاز نتنياهو في الانتخابات .حماس ما تزال تفضل هدنة طويلة الامد على الاعتراف باسرائيل (الذي يستوجب الجلوس وجها الى وجه والتحاور).
ان الفوائد من التحادث الاميركي مع حماس ستكون مباشرة. اولا –سيتم ابعاد واشنطن عن السياسة الاسرائيلية وستكون الولايات المتحدة وسيطا بين الاطراف وليس مساعدا لاسرائيل.
وهذا ما سيجعل الدول الاوروبية المترددة حاليا تتحلى بالشجاعة للقيام بما يقتنع به العديد من دبلوماسييهم .وهذا تاليا سيحررهم ويدفعهم للاصرار على ضرورة فتح معابر غزة جميعها تحت نظام ضمانات دولية يتم من خلالها حظر نقل السلاح والسماح بمرور المساعدات والوقود والبضائع والخدمات.
ان المقاطعة الاوروبية لحماس فشلت في اضعاف حماس في غزة او تقليل شعبيتها في الضفة الغربية . والهجوم الاسرائيلي الجوي والبري ضد غزة كان له نتائج ايجابية بالرغم من انه ادى الى ازهاق مئات الارواح البريئة .لقد حان الوقت لتغيير المواقف والمضي قدما الى الامام.
موقع بيتر ليمونز_ Bitterlemonsinternational