تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


امرأة للازدهار امرأة للانحطاط..؟!

آراء
الأثنين 16-2-2009م
حسين عبد الكريم

مهما تشرّدنا بين التسميات والمصطلحات: ذكوري وشرقي وأنثوي ونسوي.. الخ, الزمن يقاس بازدهار المرأة أولاً، وازدهار الرجل تالياً. ولا يعيب أيَّ الرجال أن يزدهر تالياً..

لأن نون النسوة مالكة مفاتيح أفعال الجمال ومصادر الرِّقة الموهوبة...‏

والازدهار ليس تسلّطاً تتمتع به المرأة: الزوجة أو الحبيبة، وليس خلخالاً، تزيّن به خطا اعتدادها الكاذب، وليس شهادة جامعية حازت عليها بين فرصتين ذهبيتين، مرّ بهما زوج أو أبٌ أو عشيق أو قريب.‏

الازدهار موهبة مؤبّدة وكونية، تبدأ مع المرأة منذ نعومة أشواقها وحياتها واهتماماتها المدرسية والتربوية، ولا تتوقف للقيلولة أو الاستراحة أو التنزّه.. ولعلّ موهبة الازدهار لا تشيخ ولا تصاب بداء الخرف، مع تقدّم العمر والازدهار..‏

أجمل الأعمار تسوّره موهبة امرأة مزدهرة، تعرف كيف ترتّب أشواقها شوقاً تلو شوق وحلماً الى جوار حلم ورصانة الى جانب رصانة وحبّاً بعد حبٍّ، وتضحية فوق تضحية.‏

عمر المرأة المزدهرة يتّسع لحاجات روحها المبدعة كمعبد عظيم جميع صلواته غير ضائعة، وجميع زواياه محتفظة برائحة بخورها اليانعة وبهجة التسابيح النضرة، كأنها للتوّ صادرة...‏

لكن تخلّت المرأة إلّا جمهرة نادرةً عن ازدهارها واتجهت الى مهرجانات الانحطاط والدناءات والنّهم المريض.. المرأةُ، لسوء حظِّ الرجل والمرأة في الوقت ذاته، سوّقت مفاتنها وبؤسها الروحي والنفسي، ونسيت أن توزّع حاجات ازدهارها ورخائها الروحي والجسدي لأنّ المرأة على صلة طيّبة بجسدها أكثر من الرجل، وتُقيم جسور عبور دائمة بين الروح والجسد، ولا تنقطع المراسلات والمعاهدات بينهما: الروح تقدّم فيض الإلغازات والرؤى، والجسد يعملُ على الانجاز والتأكيد والتعميم والأداء. المرأة العالية تؤدي حبّاً وسلوكاً عالياً والعاتية تؤدي حبّاً عاتياً والمرأة المحتكمة الى الانحطاط لا يمكنها تجاوز الانحطاط..‏

بعد أن كانت القصيدة صارت الكلمة الرخوة الموحلة.. وتجاورت مع قناعات الانحطاط، ولاذت بحيطان المال وأسواق اللذات النافقة كحيوانات أجهز عليها العطش الشديد..‏

يوم التقى جسد المرأة مع أنين روحها وحاجات الازدهار علت قيمة وجودها وعلاقاتها مع كونها وأهلها والحبِّ، ويوم انحدر الجسد الى مستوى الجسد فقط، صارت العلاقات مع الأهل والكون والحبِّ أوراقاً مالية وأساور خائنة أكثر من جائع نَهِم أمام قبيلة أرغفة...‏

المرأة موزّعة مفاتن والرجل متسوّل حاجات تالفة، لا جدوى منها أكثر من لقمة مالحة أو حامضة أو ملوثة...‏

المرأة إمّا قصيدة مزدحمة بالمعاني وإمّا مفردة ملوّثة يلوكها فمٌ ملوّثٌ بالاشتهاء، ليس أكثر...‏

على أنّ الاشتهاء في حالاته الماثلة للعافية والسلامة الروحيّة والبيئيّة ليس ضعفاً أو عيباً.. وجملة الوجود الإنساني محكومة بحرف جرّ الاشتهاء وحركات الحاجات المادية، التي لا فلات منها كطائر لا يمكنه الفلاتُ من الغصن..‏

الانحطاط متيسّرٌ وسهلٌ غير ممتنع، والعثور عليه ممكنٌ، لكن الازدهار هو الممتنع والصعب والنادر والذي يحتاجه وجود المرأة حتى يزدهر بها زمان الرجل ومونه..‏

من غير امرأة مزدهرة يضيع وعي الكون وينحدر الرجل.. وهذا ما نعانيه:‏

امرأة تلوذ بانحطاطها وتسوّق مفاتنها بأبخس الأثمان والمستهلك هو الرجل.. الخراب يشمل البائع والمستهلك...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية