تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العدوان الإسرائيلي المستمر والتضليل الإعلامي

شؤون سياسية
الثلاثاء 27-12-2011
منير الموسى

كل أسبوعين أو ثلاثة لا بد من زرع الخوف وكلما مر شهران أو ثلاثة وجب نشر الوعيد والتهديد الصهيونيين، وكل سنتين أو أقل يجب خوض حرب في المنطقة ولاسيما أن إسرائيل

تجيد لعب دور الضحية مع الشعور بضرورة رص صفوفها بذريعة مواجهة خطر خارجي كبير يلوح في الأفق في سعي إلى تطهير الجيش الإسرائيلي من شكوكه وإخفاقاته وبوضع ميزانيات باهظة لإعادة هيبة الجنرالات وتعيد لهم مجدهم ونفوذهم بعد هزيمة مشروعهم الامبريالي على يد المقاومة وخاصة في 2006 و 2008 . ألم يقل اسحق رابين بشأن التطهير العرقي لسكان غزة : «ستخلق إسرائيل خلال 10 سنوات أو العشرين سنة القادمة الظروف التي ستسبب هجرة طبيعية وإرادية لسكان غزة؟».‏

عندما بدأت الحرب على غزة قام نشطاء الجيش والإعلام الإسرائيلي بتصوير غزة على أنها قوة عظمى ، وهم لا يقومون عادة بأمر كهذا إلا لتحفيز جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يجب أن يهزم العدو بخلق مجموعة حوادث(تسخن الجبهة). والغريب أن الخطط العسكرية تظل طي الكتمان إلا مع غزة التي لا تستطيع تعزيز نفسها بأكثر من الأسلحة الفردية وبعض الصواريخ المحلية الصنع. وجرى تسخين الجبهة بتفجير إسرائيل لنفق أو لورشة صناعية يزعمون أنها لصناعة السلاح.   وقبل العدوان على غزة جهزت إسرائيل أماكن الاعتقال لقادة حماس، وأيضاً قبل الحرب قال الطبيب النفسي دافيد هالين الذي أجاب على أسئلة برنامج((Today 25 نيسان 2006 إن سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون شخص هم لاجئون وبغض النظر عن معاناتهم الكبيرة فهم يستحقون عناية خاصة تفوق كل وصف. وقد شبهت ليبيا القذافي 2008 في مجلس الامن وقبل العدوان الوضع في غزة بمعسكرات الاعتقال في الحرب العالمية الثانية فانسحبت أميركا وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى من اجتماع المجلس «وتوعدت هذه الدول القذافي» .‏

 وقال ستيفان هيسل (أحد الذين صاغوا البيان العالمي لحقوق الإنسان 1948): العدوان المشين على غزة يدل على أن إسرائيل عاجزة عن تحقيق السلام أما جدعون ليفي الصحفي في هآرتس فعلق أن 2009 كان عام العار على إسرائيل وأن تحصين الغرب لإسرائيل كان وراء مأساة غزة .‏

وقال ستيوارت ليتلوود( الصحفي والكاتب البريطاني): التضييق على الفلسطينيين والتعدي عليهم وعلى المنظمات الدولية غير الحكومية في الأراضي المحتلة مستمر على مرأى من العالم. فقوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت سيارات الإسعاف في غزة ومنع نقل القتلى والجرحى وفجرت المشافي وأدمغة الأطفال ومدارسهم وقتل الأيتام، ورأى ليتلوود وجوب فتح تحقيق في الخروقات التي ترتكبها إسرائيل بحق حقوق الإنسان ومن صور العدوان: تدمير قرية (عبد ربه) و كانت وحدها سيارات الإسعاف المدمرة تروي قصة احتقار الحياة والاتفاقيات الدولية ويستغرب البعض من افلات إسرائيل من محاكمات دولية بالنظر أولاً إلى منع شحنات الأغذية المخصصة لسكان غزة وأطفالها وقد قدرت منظمة الصحة العالمية نسبة سوء التغذية عند الأطفال بـ45% أما عدد الضحايا في العدوان فقد قتل نحو1400 فلسطيني وعدد كبير من الجرحى إضافة إلى تدمير البنى التحتية ومعظم المعامل والعديد من المدارس والابنية العامة وآلاف المنازل قوضت.‏

أما المساعدات التي تلقتها غزة بعد العدوان والتي تقدر بمبلغ4.5 مليارات دولار لإعمار القطاع فإن الحصار البري والجوي والبحري حال دون إعادة الاعمار .‏

وتبين أن دول الغرب ليست محبة للسلام وتؤيد العقوبات على غزة وتصطف خبط عشواء وراء الولايات المتحدة، وهي ساهمت في الحصار الجائر على غزة ومنعت تقديم مجرمي الحرب الذين بالغوا في وحشيتهم إلى المحاكمات، وبعد العدوان على غزة عززت شركاتها مع إسرائيل بدلاً من اتخاذ اجراءات زاجرة اقتصادياً وسياسيا  وحتى تظاهرات التضامن مع غزة اعتبرها المجلس التمثيلي للمحافل اليهودية الفرنسية أنها معادية للسامية. وغدا أن الحديث عن مجتمع دولي تتحداه إسرائيل كلام فارغ، لأن المجتمع الدولي في قسمه الغربي يحمي إسرائيل بالفيتو ويشجع الاستيطان الإسرائيلي وممارسات إسرائيل في القدس الشرقية كما يدفع إسرائيل إلى شن حرب كارثية في الشرق الأوسط من شأنها أن تزعزع استقرار العالم.‏

أما جرائم الإعلام:  الجزيرة والعربية كانتا تروجان لإسرائيل على أنها الضحية على حين أن مقالة نشرتها هآرتس 30/7/2009 كشفت الصحفية الاسرائيلية أميرة حاس حجم الكارثة البيئية الرهيبة والكارثة الإنسانية وحجم التلوث الذي خلفته عملية الرصاص المسكوب حيث تراكمت الكتل الإسمنتية جبالاً ما بين خان يونس ورفح.‏

عدم إدانة الإعلام العربي المتصهين والاعلام الغربي لاستخدام أسلحة محرمة دولياً كالفوسفور الأبيض وغيره من المواد التي جربت في قطاع غزة (والكارثة كان يمكن تفاديها لو كانت الصحافة الغربية قدمت الحقيقة ومن العهر السياسي الاسرائيلي ملاحقة (دييركز) النقابي الألماني الذي يترأس حزب اليسار لأنه «اعتقد» أن العدوان الإسرائيلي على غزة جريمة ودعا إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية ووجدت السلطات الاسرائيلية نفسها للمرة الأولى خائفة من ملاحقات القضاء في الدول الأخرى، فوجهت أوامرها إلى ضباطها بعدم السفر أو التجوال في أوروبا والعكس أن أوروبا هي التي حذرتهم كي لا تجد نفسها في الحرج لكون     الاعتداء على غزة شكل خروقات لمعاهدة جنيف و تعدجرائم حرب ضد الإنسانية، والهجمات على المدنيين المحاصرين بعد ثمانية أشهر من الحصار وقصف المشافي والمساجد والمدارس والجامعات وتخريب البنى الصناعية والتجارية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً وقنابل الفسفور واليورانيوم المنضب وصفها ريتشارد فولك منسق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأنها خرق للقوانين الدولية .‏

وقد فشلت اسرائيل في إسقاط حركة حماس ومنع إطلاق الصواريخ   وتنامي الشعور بالخيبة لدى المستوطنين وفقدانهم الثقة بأنفسهم نتيجة عدم قدرة جيشهم على حمايتهم من الصواريخ ما دفع إسرائيل إلى البحث عن تجفيف المقاومة لذلك تهاجم سورية اليوم وظهور الحراك الأوروبي للتضييق على سورية. واثار إفلات إسرائيل من العقاب جدلاً فقهياً دولياً قانونياً وسياسياً واتضح أن ثمة شرطا أساسيا لمكافحة الصهيونية: أن تكون هناك آليات إعلامية نشطة لكشف الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل أمام الأميركيين والأوروبيين كي لا تنجح مجموعة المخطط الإسرائيلي في واشنطن التي قدمت وثيقة بعنوان( قاموس للخاطب الشامل) للترويج لإسرائيل بعد المجازر الوحشية التي ارتكبتها واعترافات الجنود بأنها ارتكبت عن سبق الاصرار.   كبار مسؤولي الأمم المتحدة لم ينطقوا بكلمة واحدة تندد بالأضرار ولا بقتل 1400 من سكان القطاع معظمهم نساء وأطفال وأكثر من 5 آلاف جريح إصاباتهم خطيرة بسبب الفوسفور الأبيض وأنواع السلاح التي ارتكبت أفظع الجرائم ضد الإنسانية كما لم يلتفت مسؤولو الأمم المتحدة الى ردع الحصار المفروض على القطاع منذ الانتخابات التشريعية لعام 2008 وفي الواقع أيضاً أن ثمة تمثيلية أخرى تلعب بيد إسرائيل والأمم المتحدة تلعب أدوارها وسائل الإعلام الصهيونية_ وول ستريت جورنال) مثلاً ،ودليلها دفع إسرائيل مبلغ التعويض السخيف (10 ملايين دولار) عن تدمير مدرسة للأونروا ككفارة لإرضاء الأمم المتحدة وفتح صفحة جديدة ومحو آثام إسرائيل وهذا سوف يمنح إسرائيل في عملياتها القادمة شرعية عدوانية جديدة وخاصة أن المصادر الصحفية لا تنفك تتحدث عن صيف ساخن في غزة أو شتاء قاس في لبنان أو حرب على سورية أو إيران بعد أن دفعت الكفارة عن أعمالها في الأمم المتحدة أما تقرير غولد ستون: فانتقل من مرحلة مساواة الضحية بالجلاد إلى الغطرسة الكلية إذ كان ظالماً جداً عندما وضع الجلاد والضحية على القدم المساواة وعاد غولدستون صاحب التقرير الشهير إلى الحظيرة الإسرائيلية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية