تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معارف طفلك كيف تنميها؟

مجتمع
الثلاثاء 27-12-2011
سوسن صالح عيسى

يبدأ كل جيل من حيث انتهى إليه الجيل الذي سبقه. والأمة العربية تمتلك ذخيرة كبيرة من المعارف والعلوم من الماضي والحاضر، ما يمكنها من القيام بدور بارز كبير، هذا التراث الثقافي لابد لنا من سقاية جذوره والمحافظة عليه كي يصمد أمام الأعاصير والأهوال والمؤامرات التي تخطط لابتلاعه وتذويبه، فالأعداء يتربصون بنا ما يدفعنا للتساؤل:لماذا لا نعزز تاريخ المبدعين العرب والمفكرين الذين أثروا العالم بالعطاء والإبداع مثل ابن رشد وابن خلدون والرازي والكواكبي وغيرهم؟

وهل خلا تاريخنا العربي من البطولات والأساطير من أيام السريانيين والآراميين والسومريين والفينيقيين والعرب في اليمن والجزيرة والعراق؟‏

إن الطفل يتعرض للمؤثرات الثقافية في بيئته منذ ولادته وابتداء بالاسم الذي يسمى به وتختلف هذه الثقافة حسب الطبقة والفئة، فمثلاً أبناء الفلاحين يحملون في ثقافتهم سمات ينفردون بها وهي غير شائعة عند أطفال المدن، والأطفال الذين يتهيأ لهم السفر إلى خارج بيئتهم يمتلكون عناصر جديدة في ثقافتهم.‏

ومن أهم العوامل التي تساهم في إثراء هذه الثقافة « التلفاز» وهنا يجلس الطفل أمام هذه الكائن العجيب ساعات طويلة فيشاهد قصصاً غير عربية مختلفة عن قصصنا ومحيطنا وتتبارى دور النشر ووسائل الاتصال بإغناء هذه الأفلام بعوامل الإثارة والجاذبية والحركات الخارقة والأحداث غير المنطقية، فسرعان ما يقفز من الأرض أرض الواقع مثل بات مان، سبايدرمان، القوة الضاربة.. وهذه كلها تزعزع خيال الطفل لأنها ضرب من المستحيل.‏

الأطفال باتوا يعيشون حياة الكبار من حب وحقد وكره.. فلماذا لا يشاهد الطفل حياة الطبيب العربي ابن سينا في أفلام الكرتون بدلاً من حياة هتلر؟‏

أليست قصة مشوقة قصة مداواته للأمير الذي أصيب بمرض الوهم عندما توهم أنه تحول إلى بقرة؟‏

إن الطفل غير قادر على تحديد ثقافته بمفرده أي لا يستطيع اختيار الأحسن من السلوكيات وهو دائماً في موقع التقليد، لقد علمت طفلي أغنية عن حرف القاف حفظتها في طفولتي فجاءني في اليوم التالي يدندن بأغنية جديدة من تأليفه عن حرف النون!‏

إن كل مجتمع يريد أن يلقن أطفاله ثقافته لكن الأطفال يمتصون الثقافة بطرائقهم الخاصة لذا فإن الآباء في كل جيل يضجون بالشكوى من أطفالهم وهذه الشكوى قديمة كل القدم.‏

لقد عثر على ورقة من البردي تعود إلى أيام الفراعنة كتب عليها أحد الآباء متحسراً وهو يقول: لقد فسد هذا الزمان.. إن أولادنا لم يعودوا كما كنا أنقياء.. إن كل واحد منهم يريد أن يؤلف كتاباً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية