إنها عامل الإرادة.. التصميم.. الممانعة حين تزداد الضغوط وتهيج الأعاصير.
تجربة الشعب السوري منذ إعلان البيان الأول للتصحيح في 16 تشرين الثاني 1970, بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد مليئة بالتدليل على قدرة الشعب والقائد للسير بالمركب نحو شاطىء الأمان, وإرادة المسيرة بتحقيق النصر.
ولن نخوض هنا في تعداد وسرد المراحل والمحطات النضالية التي تحققت فيها إنجازات ملموسة, بدءاً من دستور البلاد إلى تشكيل جبهتها الوطنية وسياستها العربية والدولية, وصولاً لانتصاراتها العسكرية في حروب ومعارك ومهمات صعبة مع العدو وأتباعه.
إلا أننا لابد أن نسلط الضوء على حالة تعاقب الأجيال والفكر الذي تحمله وتنقله من جيل لآخر..
فإذا ماقيست المرحلة الزمنية لكل جيل بين 15-20 سنة نجد أن جيل الحركة التصحيحية الأول, وقد عانى من تداعيات النكبة والنكسة (1948-1967), لم يفقد إرادة العمل والمثابرة ولم يقدم التنازلات, وكان شعار تلك المرحلة كما أعلن عنه الرئيس الخالد حافظ الأسد إذا لم يقدر لنا النصر وتحرير الأرض كاملة, فلا يجوز أن نفرط بها ونورث الجيل اللاحق الهزيمة والاستسلام .
وعليه تحققت نجاحات وانتصار عسكري في حرب تشرين التحريرية 1973 ووجدنا الجيل اللاحق المولود بعد 1973, أكثر تصميماً وإرادة, وتعمق بذلك حب الوطن والدفاع عنه وظهرت شخصية المواطن العربي السوري, الكريم العزيز, الحر الرافض لأي شكل من أشكال الخنوع والاستسلام والذل, واضحة أينما حل ورحل.
ورغم المصاعب والأعباء, سواء الاجتماعية أو الاقتصادية واستمرار حالة النزف بسبب حجم التحديات الخارجية.
وتركيز المشاريع الأجنبية على منطقتنا وتحديداً على سورية وشعبها وما فعلته في سبيل ذلك من مؤامرات ودسائس ومحاولات تفريق وفتنة واقتتال, وصلت حد استهداف الأبرياء وقتل العلماء والضباط والأطفال وترويع الآمنين والضغط على البطون بهدف التجويع.
رغم كل ذلك وجدنا الجيل التالي, أكثر قدرة وأقوى وأمتن, وتجسدت ثقافة المقاومة والممانعة في تفاصيل الحياة اليومية للسوريين.
وكان نسيج الوحدة الوطنية, وحالة التماسك بين النظام السياسي وقوى المجتمع المتنوعة أحزاب- مؤسسات- هيئات مشهداً فريداً في تجارب شعوب العالم, وقدر لهذا الجيل أن يشهد أعتى المعارك الباردة والساخنة في مواجهة أقوى وأشرس المعتدين الذين وصلوا إلى عقر دارنا وكان قدرهم الخيبة والفشل وهم على وشك الرحيل مطأطئون.
أما الجيل الراهن, فأي كلام سنقول فيه, بعد أن برهن للعالم أن لاقوة أسطورية, ولاسلاحاً قاهراً, ذكياً كان أم غبياً, عابراً أم خارقاً لقارة أو محيط, إنما القوة في الإرادة, في الممانعة, في الاستبسال والدفاع عن الوطن, وما تجربة النصر المؤزر للمقاومة اللبنانية في تموز 2006 إلا مثالاً شاهداً عن هذا الجيل, هذه المقاومة التي لاقت كل الدعم, بل كل الاحتضان, وهي الحاضرة في عقول وقلوب السوريين والأبطال المقاومين اللبنانيين والشرفاء العرب.
لقد دلل السيد الرئيس بشار الأسد الابن البار للحركة التصحيحية المباركة, وممثل الجيل التالي لها, عن معنى الجيل المقاوم, ففي خطابه أمام مؤتمر الصحفيين الرابع 2006, وقال: ..لابد أن تستنتج (إسرائيل) شيئاً عن المقاومة, ويبدو أنهم لا يحللون.. لأنهم لم يحللوا وضع المقاومة ولاقوتها..
إن (إسرائيل)حاولت ولا تزال لأن تكون القوة المهيمنة في المنطقة.. معتمدة على فكرة أساسية أن كل جيل من الأجيال العربية التي ستأتي سيكون أكثرقبولاً لإسرائيل من الجيل الذي سبقه وبالتالي أكثر إذعاناً.. والحقيقة ما يجب أن تعرفه (إسرائيل) أن كل جيل يأتي هو أكثر كرهاً لها من الجيل الذي سبقه, والزمن ليس في مصلحتها.. بل العكس سيأتي جيل يكون أشد تصميماً على ضرب (إسرائيل) وسينتقم من كل ماقامت به في الماضي من قتل وتشريد وتنكيل..