ويتكرر السيناريو اليوم لكن بفارق كبير وهو أن روزفيلت كان مستعداً حينها لمواجهة الأزمة, بينما أوباما اليوم لم يستعد بعد لهذه المواجهة.
أزمة عام 1932 كانت قد بدأت عام 1929 أي قبل استلام روزفيلت الحكم بثلاث سنوات, ما منحه الوقت الكافي للبحث عن حلّ لتلك الأزمة بتشكيل فريق من الخبراء المتدربين, فخطوات إنعاش الاقتصاد كان قد حضَّرها قبل أن ينتخب ليحل محل الجمهوري هيربر هوفر.
أما الأزمة الاقتصادية الحالية فلم تصبح جادة إلا في شهر أيلول الماضي, فتدهور الوضع الاقتصادي الاميركي التدريجي جلب للمرشح الديمقراطي ورقة ملهمة من الناخبين المستقلين وانتصاراً كبيراً.
ويوم الجمعة 7 تشرين الثاني الحالي عقد الرئيس المنتخب أول مؤتمر صحفي له في شيكاغو, وكان في صباح اليوم نفسه قد التقى بمستشاريه الاقتصاديين السبعة عشر من بينهم كان وزيرا المالية السابقان لاري سامرز وروبير روبن, ومدير الاحتياط الفيدرالي السابق بول فولكر والمدير العام لغوغل ايريك شميدت, ورجل الكونغرس الذي استلم رهم إيمانويل من إيلينوا وجو بيدن.
وكان خطاب أوباما أمام الصحفيين المئة بنبرة متقطعة وجادة, وارتكز خطابه على أربع نقاط.. ولم يكن أوباما هو نفسه إذ كانت تعابير وجهه تدل على الوضع الاقتصادي الحرج في البلاد.
بدأ حديثه بعرض الواقع: عشرة أشهر من التراجع المتتابع, خسارة مليونين ومئتي ألف وظيفة وملايين العائلات تتساءل كيف تسدد فواتيرها وتتمكن من البقاء في منازلها التي اشترتها مؤخرا بموجب قروض.
قال أوباما بصوت متعجب )نحن نواجه أزمة اقتصادية هي الأكثر حدة على الإطلاق وعلينا أن نتحرك بسرعة لحلها( وهذه العبارة تشبه عبارة فرانكلين روزفيلت الشهيرة: لنعمل ولنعمل الآن.
ولعدم توافر الوقت الكافي لوضع خطة عمل ذكر أوباما أن الولايات المتحدة لا تملك سوى حكومة واحدة وأن ولايته ستبدأ في العشرين من كانون الثاني المقبل.
الإجراءات التي طرحها باراك أوباما تظل إجراءات عامة, تعود إلى وعود انتخابية: لن ندع العاطلين عن العمل يقعون, سنوقف الاستيلاء على البيوت, سننقذ صناعة السيارات ونسيطر على أموال الحكومة في البنوك.. فأمام أوباما خمسة وسبعون يوما فقط للتوصل إلى حل.
حين استلام روزفيلت مهامه الرئاسية قال: )الأمر الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف بعينه(. وفي حس وطني تبعه أميركيو عام 1933 وعادت ثقتهم بمصارفهم فأودعوا مدخراتهم في المصارف ويدرك أوباما أنه يتطلب منه الأمر ذاته: إعادة الثقة للأميركيين, كما يدرك أن بلاده تمر في فترة عصيبة لذا لا يمكنه أن يخطئ أبداً. ونظراً لهذه الأمور فقد ظل متمهلا في اختيار وزيرة المالية ولم يعين حتى المتخصصين ذوي الخبرة إلا بالقطارة.
أظهر الديمقراطيون منذ الساعات الأولى لحملة أوباما أنهم نسوا في التسميات لحساب مستشاري كلينتون السابقين وهما ايمانويل و جون بودستا. لكن لايزال الوقت غير مناسب لينجرفوا خلف هذه الأمور.
والباب مفتوح أمام الكفاءات, فلن يشكل عائقا إن كان الشخص جمهورياً:إذ لم يتوقف أوباما منذ انتخابه عن القول إنه سيعتمد في مسألة ازدهار البلاد على الحزبين.
في منزله بمنطقة بوبو بهايد بارك القريبة من جامعة شيكاغو وصفه أصحاب الحوانيت هناك أنه جار رزين , لطيف جذاب وحقي!! فهم فخورون به.. والناس هناك ينتظرون منه أن يحل جميع مشكلاتهم.
تقول أنيتادان خبيرة استراتيجية إن فاليري جاريت صديقة مقربة من عائلة أوباما وهي ذات نزاهة لامثيل لها. وأكد أوباما أن فاليري قد تساعده في الإشراف على التطور الانتقالي, وأنه من المحتمل جدا أن تصبح بعد 20 كانون الثاني المستشارة المقربة من الرئيس التنفيذي.
في مئة اليوم الأولى من ولاية فرانكلين روزفلت اعتمد على القوانين الخمس عشرة الكبرى التي أصلحت الاقتصاد الأميركي. فهل يستفيد باراك أوباما الأقل تهيؤاً من ذلك? يظل هذا الأمر رهناً بالفترة الانتقالية التي لامثيل لأهميتها في تاريخ الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس الجمهوري ابراهام لنكولن.