تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في السادس عشر من تشرين الثاني

آراء
الأثنين 17/11/2008
جلال خير بك

تستذكر هذه الصحيفة (الثورة) نفحات من علاقتها بالقائد الراحل حافظ الأسد.. ففي عهده انتقلت من بناء ضيق خلف قصر العدل بدمشق يوم كانت هي في مبنى ومطبعتها في قبو أحد الأبنية القريبة..

انتقلت إلى البناء الجديد الحالي في دوار كفرسوسة فأصبح لها مبنى مستقل يحوي مقرها ومكاتب محرريها ومطابعها ومديريتها التجارية وسواها.‏

ويوم دشن القائد حافظ الأسد هذا المبنى الجديد في أول الثمانينيات زار أقسامها واطلع على البناء وزار مقر دائرة (الرقابة الشعبية) وقدم لسيادته الزميل محمد خير الوادي (المدير العام ورئيس التحرير آنذاك: بطاقة المراسل الشعبي رقم (واحد) فقبلها شاكراً.‏

وقد كانت علاقة السيد الرئيس الراحل, بهذه الصحيفة علاقة حميمية فهي أولاً وأخيراً الناطقة باسم الدولة. وقد كرمها آنذاك بأن اختار لوزارة الإعلام: إعلامياً متميزاً هو الوزير المرحوم أحمد اسكندر أحمد الذي كان مديراً عاماً لهذه المؤسسة ورئيساً لتحرير صحيفة الثورة والذي ترك في الإعلام المحلي والخارجي بصمات لاتنسى.‏

وعلى كثرة مشاغل السيد الرئيس, ظلت علاقته بالإعلام والثقافة: مميزة... فهو الضليع باللغة العربية وصاحب المحاولات الشعرية في مقتبل شبابه... وهو في طليعة الرؤساء الذين اتقنوا قواعد هذه اللغة ونحوها وصرفها, حتى إنه في كلماته وخطاباته كان إذا أخطأ بالنحو عاد وصححه على الفور.. فظلت اللغة العربية في مقدمة اهتماماته.‏

وأظن كثيرين يستذكرون معي, أن الازدهار السياسي الذي رافق مرحلته: كان مقروناً بازدهار الإعلام والثقافة ففي عهده حظي الإعلام باهتمام مميز: من تطور وسائله وكيفياته إلى تطور ذهنياته وإلى ترسيخ المفهومين القومي والوطني.. وشمل هذا الازدهار الأطر العامة: من كوادر إنسانية جيدة صقلت معارفها وقدراتها لتكون بمستوى التنامي الذي شهدته سورية في عهده وطنياً وقومياً وعالمياً...‏

كما شمل الأمور الأخرى المتممة: من أبنية ومقرات وآلات: متطورة لتواكب ذلك الازدهار.‏

ولن يفوتنا القول هنا: إن صحيفة تشرين هي بعض ملامح اهتمامات ذلك القائد... إذ صدرت إثر حرب تشرين التحريرية بقيادته ... وتابع خطواتها الأولى واللاحقة المرحوم أحمد اسكندر أحمد بتوجيه من سيادته.‏

ولعل من أهم إنجازات مرحلته على هذا الصعيد هو قيام اتحاد الصحفيين بعد أن كان نقابة صغيرة من نقابات اتحاد العمال.. وتوج ذلك الاهتمام بالمرسوم الذي أصدره سيادته والقاضي بمنح الصحفيين تعويض اختصاص قدره (55%) من الراتب آنذاك (1974).‏

أما الثقافة فقد أعطاها زخماً كبيراً.. وعبر عن اهتمامه بها حين قال :(الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية).. ولقيت منه كل عناية ورعاية فصار لها حضورها الفاعل محلياً وعربياً ودولياً... ومن خلال ذلك شمل اتحاد الكتاب بلفتات كريمة.. فنشأ للاتحاد بناء خاص به على أوتوستراد المزة بدمشق: بناءً وتأثيثاً باهتمام شخصي منه... وصار لهذا الاتحاد شخصية اعتبارية كمنظمة مستقلة ترتبط بالاتحاد العام للكتاب العرب, وأعطي زخم كبير يضاف إلى ذلك توسع حيز عمل وزارة الثقافة وحضورها المحلي والعربي والدولي على صعد مختلفة ليس أولها المسرح ومعهده والآثار وهيئتها والسينما والدعم الكبير الذي لقيته مؤسستها, والأوبرا والدار الخاصة بها والمكتبات الضخمة التي انتشرت في دمشق وسائر المدن السورية, ولم يأت ذلك الاهتمام والتطور إلا قناعة من الرئيس الراحل بأن ترسيخ مفهوم الأمة والقومية لايكون فقط بالاستناد إلى الازدهار السياسي. بل ترسيخ عمل الإعلام والأدب والثقافة لإعطاء ذلك الازدهار معناه الجماهيري والشعبي أولاً... وألقه العربي والدولي ثانياً.‏

لقد كانت المشاغل الكبرى تملأ وقت القائد الراحل, ومع ذلك ظل للإعلام حظ وافر من اهتمامه وحتى إشرافه المباشر... وأذكر مرة أنني كنت مراسلاً حربياً في الجبهة وفي القطاع الأوسط منها كضابط مجند خلال حرب تشرين التحريرية.... وزار السيد الرئيس وحداتنا المقاتلة على الخطوط الأمامية والمتقدمة جداً. وكان لي شرف مرافقته كإعلامي - في هذه الجولة لتغطية نبأ زيارته لها. ورافقتني بطبيعة الحال بعثة إعلامية من الإدارة السياسية بمن فيها المصور التلفزيوني ومصور الفوتوغراف .‏

وحين عدنا معه إلى دمشق مساء. توجهنا إلى القصر الجمهوري بعد مونتاج الفيلم التلفزيوني الذي صورناه في تلك الزيارة لعرض الخبر المكتوب على مدير المكتب الصحفي وكان يومها الزميل أسعد كامل الياس.. فقرأ الخبر لسيادته على الهاتف إذ كان وقتها في المنزل.. فوافق عليه بعد تعديل بضع كلمات أو عبارات, لنأخذه بعد ذلك إلى التلفزيون ليبث في نشرة الأخبار, فهو الخبر الأول والمذيع في الاستوديو ينتظر! لقد كان السيد الرئيس رحمه الله, حريصاً على أن يعرف كل كلمة في هذا الخبر أو غيره لأنه كان يعطي لكل كلمة معناها ومدلولها ومراميها.‏

وعلى الدور الجليل الذي نهض به إعلامنا, وخاصة خلال وبعد حرب تشرين التحريرية.. فقد كان الرئيس حافظ الأسد حريصاً الحرص كله على أن يتنامى دور هذا القطاع وفاعليته. لذلك لم يكن اهتمامه بمؤسساته محدوداً بل أعطاها من وقته الشيء الكثير حتى تصل إلى ما وصلت إليه من تطور وغنى.‏

في ذكرى السادس عشر من تشرين الثاني... نستذكر ذلك القائد الكبير الذي منحته سورية للأمة وهي تقول له: نحن على عهدك باقون.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية