في حديث للاذاعة أن سياسة تخفيف الحواجز الداخلية ساهمت كثيرا في تحقيق نمو اقتصادي مثير للاهتمام في الضفة الغربية. وحسب جلعاد، الذي عمل حتى وقت قريب كمنسق لاعمال الحكومة في الضفة الغربية، فان التحسن في الوضع الاقتصادي للفلسطينيين ادى الى تحسن كبير في الوضع الامني للاسرائيليين.
كلام لرجل عسكري،وليس مشبوها بعضوية إحدى منظمات حقوق الانسان، يسحب البساط من تحت الصيغة التبسيطية والاكثر قبولا والتي مفادها أن فرض المزيد من القيود على العرب يعني توفير المزيد من الأمن لليهود. ومن خلال قرار المحكمة العليا، الذي أمر الاسبوع الماضي بإلغاء الحظر على حركة الفلسطينيين في الطريق 443، نلاحظ أيضا انه في الهيئة القضائية لا يقفون صامتين كلما سمعوا الكلمة السحرية «أمن». ولكن، الجهاز القضائي، مثل الساحة السياسية والاعلامية، يجد صعوبة في الشفاء من الادمان على هذا التعبير الباعث على الشلل.
واذا لم يكن تحديد المخاطر الأمنية من مسؤولية الجهات الأمنية، فكيف نشخص مدى فاعلية نظام الفصل؟ .
جمعية حقوق المواطن، التي اعترضت على اغلاق الطريق 443، تجرأت على طرح تعبير «ابارتهايد» فتلقت توبيخا خطيرا. في قرار المحكمة كتبت رئيسة المحكمة العليا دوريت بينش ان «المسافة الواسعة التي بين وسائل الأمن التي تتخذها الحكومة بهدف الدفاع ضد الهجمات الفلسطينية، وبين الممارسات المرفوضة لسياسة الابارتهايد – تفترض الامتناع عن كل تشبيه او استخدام لهذا التعبير الخطير». حجة مشابهة طرحت في عهد الحكم العسكري في اسرائيل، والذي ألغي عام 1966 ويعتبر اليوم فترة مظلمة في تاريخها . بينش نفسها شريكة في أكثر من عشرة قرارات قضائية كشفت سوء الاستخدام في نظام الفصل، بهدف السيطرة على اراض فلسطينية. في بعض الحالات، البارزة مثل مقطع الجدار قرب بلعين، قضت بأن المسار الذي وضعه الجيش منخفض من الناحية الأمنية عن المسار الذي اقترحه خبراء مجلس السلام والأمن. وفي حالة اخرى، اعترفت الدولة بأن المسؤول عن تخطيط الجدار لم يخبر النيابة العامة بأنه تم تنسيق المسار مع خطة توسيع مستوطنة تسوفين. ولولا منظمات حقوق الانسان والمحامون أصحاب الضمائر الحية، فمن كان سيمنع السياسيين قصيري النظر من ان يضموا المزيد فالمزيد من المناطق الفلسطينية «بهدف محاربة الارهاب»، على حد قول بينش؟
إحدى الأفكار التي كانت رائجة في اوساط البيض في جنوب افريقيا أن السود يريدون إلقاءهم في البحر. في ذلك البلد، ممارسات عديدة للابارتهايد كانت تستند رسميا، على اعتبارات أمنية، وبينها تلك المتعلقة بقيود الحركة. وابتداء من مرحلة مبكرة جدا، كانت حركة المواطنين السود تخضع فقط للتصاريح، لكن في السنوات الاخيرة من نظام الابارتهايد، حين تعاظم كفاح السود ومعه العنف ايضا، فان ممارسات الابارتهايد اصبحت اكثر تشددا.
من اجل تحاشي كلمة «ابارتهايد» استعانت بينش بالحجة المعروفة، بأن الابارتهايد هي «سياسة فصل وتمييز على اساس العرق والقومية، يستند الى سلسلة ممارسات تمييزية، هدفها خلق تفوق لابناء عرق معين، وقمع ابناء اعراق اخرى». بالفعل، نظام الفصل (الابارتهايد) والتمييز المنهجي في جنوب افريقيا، كانا يستهدفان الحفاظ على تفوق مجموعة عرقية على المجموعات الاخرى. أما عندنا فإن الامر لا يختلف أبدا عما كان سائدا في جنوب افريقيا. فالتمييز المؤسساتي يرمي الى الحفاظ على تفوق مجموعة المستوطنين اليهود على العرب الفلسطينيين. وفي كل ما يتعلق بالنشاطات التمييزية، من الصعب العثور على فوارق بين حكم البيض في جنوب افريقيا والحكم الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية، خاصة لجهة المناطق المنفصلة والقوانين المختلفة لليهود وللفلسطينيين.
في الاسبوع الماضي، أغلق عناصر الشرطة الاسرائيليون الطريق الرئيسي بين نابلس وطولكرم. واضطرت عشرات السيارات العمومية الصفراء المحملة بالعمال الفلسطينيين والذين كانوا في طريقهم الى بيوتهم بعد يوم عمل طويل الى سلوك طرق هامشية. والسيارات التي كانت تحمل اللوحات الصفراء مرت بسرعة ، ولم يكن هذا حاجزا أمنيا، بل كان إحياء لذكرى الحاخام حاي. المهم ألا يسمي أحد ذلك فصلا عنصريا .
بقلم: عكيفا الدار