تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


... عــديمة الجـــــــدوى!

هآرتس
ترجمة
الأحد 10-1-2010
ترجمة: ليندا سكوتي

انقضى عام وبدأ آخر يمكننا أن نعرفه، بالنسبة للشرق الأوسط، باسم «عام المفاوضات» إذ لن يلبث كل من: مبعوثي السلام إلا أن يستعدوا للبدء بجولة من المباحثات،

وكتَّاب المعاهدات من وضعوا لمساتهم الأخيرة على مسودات الاتفاقيات كي تكون بتصرف المبعوثين في الوقت المناسب، والمستشارون يتقدمون بنهج جديد للتغيير، والمثقفون يعدون الكلمات المنمقة التي تليق بالحدث العظيم، والمصورون يجهزون آلاتهم، والدبلوماسيون يحضرون ما تستلزمه عملية التفاوض من وثائق ومستندات، وجورج ميتشل سيكون بين ظهرانينا بعد أمد قصير. ذلك كله لأن بنيامين نتنياهو زار القاهرة، ومحمود عباس في طريقه إليها، ونعتقد أن تلك اللقاءات سيعقبها عقد قمة، ستبعث على السعادة والبهجة في نفوس الكثير في واشنطن، وسنشاهد أوروبا سعيدة بما يجري، والمستوطنون يشجبونه، واليساريون يعربون عن تأييدهم لكل خطوة تخطى في اتجاه السلام.‏

لا ريب أنه أمر يضيق به التفكير، ويثير الدهشة والاستغراب، ذلك لأننا سنقبل على فصل من المفاوضات، على الرغم من أن كل ما جرى من مثيلاتها لم يُجدِنا نفعاً، ولم يسفر عن أي نتيجة.‏

لقد ضاقت الأضابير بما أعد من خطط ومبادرات، وعلاها الغبار دون أن يأخذ أي منها سبيله نحو التنفيذ، بدءا من خطة روجرز الأولى التي تقدم بها في عام 1969 وخطته الثانية والثالثة، إلى ما تلاها من خطط حتى وقتنا الحاضر، والتي لم تكن جميعها سوى مواضيع فاشلة لدبلوماسية عقيمة استمرت اربعين عاما، ولم تُفض إلى أي نتيجة، فضلا عن أن كل ما كتب وكل الخطط تتشابه على نحو مدهش. فلو اطلعنا على إحدى الخطط القديمة مثل خطة روجرز الأساسية سنجد أن كل ما ورد فيها ينسجم مع ما هو مطلوب الآن، حيث تضمنت انسحابا إلى حدود عام 1967 والاعتراف والسيادة والسلام. وقد كانت «إسرائيل» هي من رفض تلك الخطة، ومازلنا منذ ذلك الحين نراوح في المكان، أما إذا رغب المرء بواحدة من الخطط الحديثة فما عليه سوى أخذ خطة بيل كلنتون حيث سيجدها تحتوي على كل ما يبتغيه، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن الأسباب التي تدعونا للبحث عن خطط جديدة، واستخدام أساليب ملتوية. ولما يتعب أشخاص كميتشل وعوزي أراد في البحث واللقاءات لوضع خطط جديدة للسلام؟‏

ثمة اعتقاد بأن تغييرا قد طرأ على فكر بنيامين نتيناهو، حيث يقال: إنه مستعد للحوار والمناقشة، وبشكل دقيق مناقشة حدود 67، وإجراء تبادل للأراضي مع ترتيبات أمنية، وتحديد مدة التفاوض بعامين، تلك المدة التي دأب الإسرائيليون على إضافتها، وبعدها يعلنون قول الفصل: ليس ثمة شريك. وسنعود مرة أخرى لنسمع أن الرئيس الفلسطيني ليس إلا «دجاجة بلا ريش». وأن القادة الفلسطينيين ليسوا سوى «عصابة من الإرهابيين»، وسنعود مرة أخرى للقول بعدم وجود شريك يمكننا إجراء المحادثات معه.‏

إن القول بعدم وجود شريك فلسطيني لا يعني في مضمونه سوى عدم وجود شريك إسرائيلي مستعد لاتخاذ القرار المناسب، إذ لو رغبت إسرائيل بالتحرك لإحلال السلام مع الفلسطينيين، فإنها ستجد الشريك جاهزا للتعاطي معها. وخير مثال على ذلك نيلسون مانديلا الذي لم يكن معروفا على نطاق واسع قبل إطلاق سراحه من السجن، والتفاف الجنوب إفريقيين حوله والالتزام بتوجيهاته، فبعد أن كان لعقود مضت يرفض وقف تسليح المقاومة غيّر منهجه الذي دأب على اتباعه عندما أعطي الفرصة للسير بطريق السلام. وتبين أن مفتاح الحل لم يكن إلا بيد دو كليرك وليس بيد مانديلا. وتنطبق تلك المقولة على «إسرائيل» لأنها هي من يمتلك مفتاح الحل. لقد كانت الحجة بعدم التقدم بالمفاوضات نحو إحلال السلام هي وجود الإرهاب الذي كان لتدنيه وانحساره الأثر الكبير في فقدان إسرائيل لأفضل مبرراتها، إذ إنها كانت تدعي بأنه هو السبب الرئيس في عرقلة التفاوض. لكن عندما توقف الإرهاب فإنها لم تجد ما يستدعي اتخاذها أي خطوة نحو السلام، الأمر الذي سيفضي إلى إعادة الأمور إلى سابق عهدها. أما بالنسبة لما يقال حول تجربة الانسحاب أحادي الجانب، وعدم تحقيقها للنتائج المرجوة، فإن ذلك لم يكن إلا نتيجة للحصار المستمر لسكان غزة الذي حال دون الاستفادة من المزايا التي يحققها الانسحاب.‏

لقد كان إيهود اولمرت الشخص الأخير الذي لامس أحلام الشعب بتحقيق السلام، حيث أجرى الكثير من اللقاءات التي ألقيت بها الخطابات الرنانة، وأخذت بها الصور التذكارية، لكن لم ينجم عنها سوى ما سمي «مسودة ايهود اولمرت لاتفاق رف» وحربين خاسرتين، واستمراراً في البناء الاستيطاني. وبذلك فإن كل ما صدر من تصريحات كان عديم الجدوى لأنه لم يأخذ مساره للتطبيق على ارض الواقع، وأكدت لنا التجارب بأنه ليس المهم ما تقوله إسرائيل، وإنما ما تفعله.‏

لقد انتهى وقت الكلام، وعليكم إيقاف التفاوض، والعمل على رفع الحصار عن غزة، والتجميد الدائم للبناء في المستوطنات، لأنها ستكون أفضل بكثير من آلاف الصيغ التي تبحثون عنها، فمن يرغب بحل الدولتين لا يعمد حتى إلى بناء شرفة واحدة، علما أن تنفيذ تلك الخطوتين يعتبر بمثابة الاختبار الحقيقي للنوايا الفعلية لإسرائيل. وإن عدم تنفيذهما سيجعل كل جهود المفاوضين وما يجرونه من مباحثات غير مجد، وإهدار للوقت. فهل سيقدم نتنياهو على تنفيذ هذين الأمرين؟ إننا لا نتوقع منه ذلك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية