بدأ الكاتب والمخرج المسرحي فرحان بلبل حديثه بأن مسرحية «الممثلون يتراشقون الحجارة» المقدمة في نهاية ستينيات القرن الماضي مناسبة لتقديمها من جديد الآن لتناسبها مع الواقع الراهن لأن المسرح يهتم بشؤون البلد ولو استعرضنا تاريخه بدءا من المرحلة اليونانية مروراً بموليير وبريخت وشكسبير، مطلقاً على الكتاب صفة الثرثارين المهدارين في كتاباتهم المسرحية والسبب يكمن في الحشو الزائد في النصوص المسرحية ودعاهم لحذفها مقدما تجربته، وبأنه كثيراً ما كان يلجأ للحذف والتنقيح وحتى إبعاد الممثلين غير الفاعلين على خشبة المسرح، فكان يترصدهم ويراقب أداءهم أثناء الحوار ويقوم بإخراجهم وغض النظر عنهم بهدف جذب الجمهور.
ثم انتقل بلبل للحديث عن مشكلة اللغة المسرحية متسائلاً: هل تكون باللغة الفصحى أم العامية مقدماً تجربته في العراق عندما قدم إحدى مسرحياته,وتفاجأ بأن الجمهور لا يرضى إلا باللهجة العامية، لكن عندما قدم العرض نال إعجابه ليثبت بأن الفصحى أقرب للنصوص المسرحية ولابد من الابتعاد عن العامية بحيث تكون اللغة مبنية بناءً دراميا فنياً لافتاً بأن الكاتب لابد له من الاقتباس وعدَّ نفسه أكبر سارق من كل المدارس ومختلف الاتجاهات لكنه (فرحن) نصوصه بما يناسب بلده وقومه.
بينما عرج خلال حديثه للإخراج وأن لا يكون مبنياً على السينوغرافيا فقط فالممثل عليه أن يلعب دوراً درامياً هاماً يقوم على الاتقان بالعمل ودقته طارحا أسلوب الايماءات وعدها سراً من أسرار المسرح ويتوجب الاعتماد عليها وأهمها أن لا ينشغلوا بالديكور والاضاءة بل الاهتمام بلغة التفكير ووضع مناهج ومعايير وخيارات مسرحية تهتم بالجمهور، وأهم قانون في المسرح قانون الاحتمالات حيث يجد تفسيراً له لكل شخص على حدة حيث ينطلق المخرج من تفسيره الموجود في النص.
وأردف بلبل بأنه قدم 14 كتاباً جميعها تناولت الحديث عن المسرح لأن أغلب الكتابات المقدمة حول المسرح كانت لاتتضمن أركان الدراما فشعر أنه لابد أن يصدر له كتاب حولها، طارحاً آخر ما خطته أنامله بإعادة صياغة «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري والكتاب قوبل بالاستهجان من البعض واعتبره بأنه تجرأ على الآثار بينما أقبل عليه آخرون وقالوا بأنه قدم عرضاً جديداً بأسلوب جديد، متناولاً الحديث عن مسرح الطفل والنصوص المقدمة من الكاتب سلام اليماني ومسرحياته للأطفال حيث أجاد في كتابة النصوص لافتاً بأن الكاتب لابد له من الاطلاع على الأبحاث حول مسرح الطفل.
وختم حديثه عن واقع المسرح في الوطن العربي ككل وليس في سورية فقط بات بحاجة إلى نصوص كي تربي الجمهور ولابد من دراسته بعناية فائقة مشيرا إلى الأزمة وواقع الأحداث السورية تركت أثراً عليه وأوجعته كما أوجعت الكثيرين.
أما الناقد المسرحي أنور محمد فقد قدم دراسة حول واقع المسرح لدى الكاتب والمخرج المسرحي فرحان بلبل وبأن حياته تحتاج إلى بحث ودراسة مطولة لكن ما قدمه كان بإيجاز عن مشروعه المسرحي حيث يقوم في الأساس على أن المسرح ليس فعلاً فردياً ولا يأتي من تفكير فردي منوهاً بأن الفردية لدى المخرج المسرحي تحول الحياة والأشخاص إلى أكشاك تتحرك ما يفقد المسرح السوري والعربي دوره في المجالات كافة كي يقوم في تحريك فعل يقوده فكر يدفع بالفعل المسرحي واغلب المسرحيين ينطلقون من الفعل للفكر ما يؤدي إلى تراجع الفعل المسرحي والحركة الجمالية للمسرح مشيراً بأن مسرح بلبل قدم المسرح على الفعل ورسالته لشخوص ستعيش معنا جزءا من حالنا وتعبر عن أحلامنا المنكسرة والمحروقة والتي يمكن أن تنهض من رمادها ثانية.