«الاستثمار في المشاريع الثقافية هو الاستثمار الأكثر ربحا، لأنه يبني الإنسان المنتمي والمتسلح بالمعرفة، يحصنه ويؤهله ليكون قادراً على تنمية ذاته ومجتمعه ووطنه..».
من هذه الكلمات كانت البداية لتفتح جمعية «عين الفنون» آفاقا جديدة نحو فضاء ثقافي يحمل عنوان «الاستثمار في الثقافة» في ندوة خاصة في فندق «الداما روز» بمشاركة كل من: الدكتور عصام التكروري، الدكتور علي اسماعيل، والدكتور طلال معلا.
معلا:مسعى طويل الأمد
عندما يطرح موضوع الاستثمار في الثقافة من قبل السيد الرئيس يعني ذلك أن الأمر بات ملحا، ويقول د. طلال معلا رئيس جمعية « عين الفنون» الاستثمار في الثقافة عنوان عريض ومسعى طويل الأمد، ولكن أصبح وفي ظل ماتمر به سورية قضية مهمة جداً ليتنبه المثقفون والنخبة إلى ضرورة الاستثمار في الثقافة بعد هذه السنوات من الحرب، فلا يكفي إعادة الإعمار دون أن نبني الإنسان.
ويضيف معلا: لاشك أن الاستثمار في الثقافة يجب أن يكون بشقيه المعنوي والمادي، فنحن نملك تاريخا عميقا وحضارة ممتدة في الزمن لآلاف السنين ونملك الكثير من المواقع الأثرية المتنوعة وعلينا استثمارها وإيجاد سبل للتعاون بين الجهات المعنية كافة لوضع برنامج لمعرفة ماهو الممكن استثماره في هذه الثقافة وكيف نستثمر هذه الثقافة، في ظل تشريعات جديدة تواكب هذا التطور.
مرتيني: إنقاذ ماتبقى
وزير السياحة محمد مرتيني أشار إلى أن «الحرب التي نخوضها اليوم ليست فقط عسكرية، بل إن جزءا كبيرا منها يهدف إلى القضاء على كل مايتعلق بالحضارة في الشرق وفي سورية بالذات، وماحدث في حلب القديمة ومايحدث الآن في ريف إدلب من قلعة سمعان إلى الغاب يؤكد أن هذه الحرب ضد الحضارة وضد الثقافة السورية..
ويضيف الوزير نحن أحوج مانكون ليس فقط للاستثمار في الثقافة، بل لإنقاذ ماتبقى من حضارة، ونحن نحارب من أجل إنقاذ الحضارة في المشرق، والاستثمار في الثقافة هو جزء من عملية إنقاذ ماتبقى.
تكروري: خطة وطنية
ويتوقف الدكتور عصام تكروري عند مصطلح الاستثمار في الثقافة ليجده إشكاليا لكنه في غاية الأهمية، لذلك يجب تأطيره من خلال برامج يتم وضعها من خلال المثقفين أنفسهم للقيام بهذا المشروع، ووضع خطة وطنية للاستثمار بالثقافة لكي يتحول إلى واقع حقيقي نتلمس نتائجه في القادم القريب من الأيام.
ويضيف التكروري: إن تداول هذا المصطلح وفي هذه المرحلة بالذات من قبل السيد الرئيس بشار الأسد، يتم للمرة الأولى مايؤكد على أهمية أن يتم المشروع فيما يمكن أن نسميه فعلاً استثمارياً.
شعبان: نحتاج آليات عمل
وفي مداخلتها بينت الدكتورة بثينة شعبان أن الحرب تؤكد لنا يوما بعد يوم أنها وقبل أي شيء هي حرب على الهوية الثقافية الحضارية السورية، واليوم بات من الحاجة بمكان التفكير بشكل استراتيجي وخلاق لإعادة تشكيل هذه الهوية واحتضانها من قبل الشعب، ولاشك نحن تنقصنا آليات العمل، فالنية الطيبة وحدها لاتكفي، والعمل الفردي وإن كان مؤثرا لكنه لايغير مجرى التاريخ، لذلك فنحن مع النخبة لانها الطليعة، ولايمكن أن يقوم الناس بعمل الأشياء المهمة دون وجود رؤى واستراتيجيات وخطط وتفكير، ويتم احتضان هذا من قبل الناس، وخصوصا أن هذا النوع من الاستثمار لم يعتده الناس بعد.
اسماعيل: ترسيخ للهوية
ويرى الدكتور علي اسماعيل مدير مؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية في سورية، أن مفهوم الاستثمار بالثقافة قد يكون نخبويا، لكنه في الوقت آنه وفي ظل مانعانيه من حرب على هويتنا بات من الحاجات الأساسية لنشره على شريحة واسعة من الشعب على مبدأ» هناك فراغ إن لم تملأه أنت، قام غيرك بملئه» وهذا يتطلب بالطبع وضع معايير صحيحة ونترك للآخرين الحرية في الخيار دون أن يمس ذلك الهوية الأساسية.
المبيض: محرك إبداعي واقتصادي
علي المبيض مستشار وزير السياحة أكد في مداخلته أن سورية تتميز بعمقها الثقافي وتستطيع أن تنافس به العالم بأسره، فهذا الإرث الحضاري الذي يعود إلى أكثر من عشرة آلاف عام، وهذا المخزون الثقافي بشقيه المادي واللامادي أثبتت الحرب القذرة التي دارت رحاها فوق سورية ان السوري يمتلك البدائل، يمتلك التاريخ العريق الذي أهله ليتكيف مع الاوضاع جميعها على الارض.
وهذا التميز يجب استثماره لفوائده الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ولتقوية روابط الانتماء بين أبناء المنطقة الموجود فيها موقع اثري وبين الموقع، وخصوصاً أن المواقع الاثرية موزعة على مساحة الجغرافية السورية، والاستثمار الثقافي لاشك هو محرك إبداعي اقتصادي لأبناء المجتمع كافة.
مامللي: السلاح الأمضى
ويبين طاهر مامللي» موسيقي» أن من الأهمية بمكان استثمار رأس مال حقيقي لخدمة الثقافة التي يجب أن تكون السلاح القادم بالتزامن مع سلاح الجيش العربي السوري، ومن الأهمية بمكان أيضا أن نقوم بإعادة الإعمار بمناخات صحية ووعي ثقافي لتجنب ماحدث في السابق وتحصين الأجيال بالوعي والثقافة لمواجهة أعداء الداخل وأعداء الخارج.
تركماني: من أجل التنمية
ويؤكد الدكتور علي تركماني أن ماطرحه السيد الرئيس للاستثمار بالثقافة هو دعوة للاهتمام بهويتنا وأيضا من أجل التنمية، وهذا مشروع استراتيجي للبلاد ومسؤوليته تقع على الجميع» الحكومة والمجتمع معا» وهنا علينا أن نطرح التساؤلات التالية» من نحن، ماذا نريد، وكيف سنصل إلى مانريد؟»
زيدان:
لابد لمن يعمل بالشأن الثقافي ان يفكر بمسارين متوازيين، الأول تكتيكي تفرضه الظروف الخاصة للبلاد، والآخر استراتيجي، ويضيف الفنان أيمن زيدان في مداخلته أن هناك أشكالا للتعاطي مع الثقافة نحن مجبرين فيها في ظل مايسمى حكومة أزمة، وحكومة خارج الأزمة، وعلينا أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار في الحديث عن الثقافة.