ومع اقتراب نهاية الحرب على سورية ، بدأت الصورة تتوضح بشكل أكبر عن علاقة هذه القوى ووكلائها في الحرب القائمة على الأرض السورية.
إن علاقة حلف شمال الأطلسي السرية» بالمتطرفين « والذين تم تجنيدهم و دعمهم لمحاربة الدولة السورية، بدأت مع عودة العمليات العسكرية للجيش السوري وحليفه الروسي إلى الجيب الأخير للجماعات الإرهابية في إدلب.
وقد استبعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أي وساطة مع « جبهة النصرة» الشبكة الإرهابية الرئيسية المتواجدة في إدلب شمال غرب سورية ، ويشير لافروف بهذا إلى التعليقات التي أدلى بها في وقت سابق المبعوث الأميركي جيمس جيفري بأن « جبهة النصرة» لم تعد «منظمة إرهابية بعد الآن» ، وبالتالي قد يتم إدراجها في المفاوضات التي تهدف لإنهاء التصعيد.
وقال كبير الدبلوماسيين الروس إن المبعوث الأميركي قد أدلى في السابق بتلميحات مماثلة حول إعادة تأهيل «جبهة النصرة»، وهي فرع من تنظيم القاعدة الإرهابي المرتبط بتنظيم داعش، و يضيف لافروف : ان هذه الجماعات هي منظمات إرهابية محظورة دوليا، وبالتالي فهم ليسوا مستثنيين من الاستهداف بموجب اتفاقيات إنهاء التصعيد السابقة التي تمت بين روسيا وتركيا.
ومن المستغرب فعلا أن الولايات المتحدة - التي تدعي أنها تحارب الإرهاب - تتصرف وبشكل مستميت كوسيط لتجنيب أولئك الإرهابيين هزيمة عسكرية مؤكدة في إدلب.
إن توتر الأوضاع في سورية خلال الأشهر الأخيرة هو نتيجة للهجمات المستمرة للإرهابيين الذين يواصلون اعتداءاتهم ضد المدنيين ، وكذلك ضد الجيش السوري وحلفائه على الرغم من وجود عدة محاولات لوقف التصعيد، حيث استخدم الإرهابيون مناطق سيطرتهم في ريفي إدلب وحلب لشن هجمات صاروخية على المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية.
ففي أيلول 2018 تم الاتفاق بين روسيا وتركيا على أن تضمن الأخيرة تسهيل اتفاقية وقف إطلاق النار من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة التي يفترض أن يكون لها تأثير عليها، لكنها فشلت في تنفيذ التزاماتها.
وبناء عليه فإنه يحق للجيش السوري والحليف الروسي ملاحقة ومحاربة هؤلاء الإرهابيين.
وبالتالي فإن احتجاجات تركيا بشأن عمليات الجيش السوري تكشف بشكل وثيق ارتباط أنقرة بالجماعات الإرهابية المسلحة، كما أن تهديدات الرئيس التركي أردوغان بنشر الآلاف من القوات الإضافية في شمال سورية هي في الواقع اعتراف بأن تركيا تقدم الدعم العسكري للإرهابيين، إضافة إلى أن نشر مواقع المراقبة العسكرية التركية على طول الحدود هي بمثابة غرف قيادة لتقديم المساعدة لهم.
سبق أن اتهمت سورية وروسيا أنقرة بتزويد الإرهابيين سراً بالأسلحة بالإضافة إلى الدعم اللوجستي لهم عبر نقاط المراقبة المنتشرة على الحدود.
ولكن ما حدث مؤخرا في إدلب كان مشاركة علنية للقوات التركية مع المسلحين ، كما لو كانوا جزءا من تلك القوات التركية ، وبما أن تركيا عضو في حلف الناتو ، فإن هذا يدل بالتأكيد على الدعم غير المعلن لحلف الناتو للعمليات الإرهابية التي تقوم بها المجموعات المسلحة على الأراضي السورية.
وقد كان تعاون تركيا مع الإرهابيين واضحا في 19 شباط عندما تعرضت مواقع الجيش السوري في النيرب بإدلب للهجوم من قبل « جبهة النصرة» وهذا الاعتداء تم طبعا بدعم من المدفعية والدبابات التركية ، وعندها تدخل الطيران الروسي لصد الهجوم البري حيث قتل اثنان من الجنود الأتراك.
ونتيجة للتدخل الروسي طلب وزير الدفاع التركي خلوصي أكار من الولايات المتحدة تزويدهم ببطاريات الدفاع الجوي باتريوت، وليس واضحا ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ بالفعل تلك الخطوة التي من شأنها أن تمثل تصعيدًا خطيرًا، ومع ذلك فقد أعرب مبعوثا الولايات المتحدة وحلف الناتو عن دعمهما المستمر لتركيا وسط توترات متزايدة مع سورية وروسيا، كما كان واضحا أيضا دعم الولايات المتحدة ودول حلف الناتو للإرهابيين في سورية منذ اندلاع الحرب في 2011 وتزويدهم بالأسلحة.
وقد كشف تقرير حديث صادر عن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن آلاف الأسلحة الأميركية التي تزيد قيمتها عن 700 مليون دولار قد اختفت من مستودعاتها العسكرية في الشرق الأوسط!!! . وفي المقابل تم توثيق وجود أسلحة أميركية الصنع في أيدي الإرهابيين في سورية كصواريخ «TOW» وصواريخ محمولة على الكتف وغيرها.
حسب القانون الدولي يحق للدولة السورية محاربة الإرهاب حتى القضاء عليه نهائيا وبسط سيادتها على كامل أراضيها ، وهذا الحق لا تقبل أي دولة أخرى ذات سيادة التنازل عنه، هل يمكننا مثلا أن نتخيل ردة فعل الولايات المتحدة تجاه وجود متمردين على أراضيها ؟، وهل ستقبل أن تطلب منها دول أخرى التفاوض على هدنة مع هؤلاء المتمردين؟؟.
إن قوات الناتو في إدلب تتحرك لإنقاذ عملائها الإرهابيين ، إما عن طريق منحهم غطاءً عسكرياً، أو كما تحاول واشنطن القيام به الآن من خلال طلبها عقد مفاوضات لوقف إطلاق النار من أجل أن تستعيد تلك المجموعات قوتها.