حيث خسرت تركيا عددا من جنودها في ضربة جوية استهدفت الإرهابيين الذين كانوا يحاولون إعادة السيطرة على منطقة في المعقل الأخير «للنصرة» والذي هو إدلب.
وعلى ما يبدو فقد صادف وجود نحو 33 جنديا من القوات التركية أثناء تنفيذ الضربة الجوية الروسية السورية المشتركة وقد قتلوا جميعا، وردا على هذا فقد طلب المتحدث باسم الحزب الحاكم في تركيا، عمر جيليك الحماية والدعم من الناتو عن طريق تطبيق المادة 5 من ميثاق الناتو والتي تنص على أن أي هجوم على أي عضو من حلف الناتو يعني هجوما على جميع أعضاء هذا الحلف.
ولكن هل يمكننا أن نفكر ولو قليلا بهذه «الترهات»؟
جنود أتراك قاموا بالهجوم على شمال سورية... جنود أتراك قتلوا أثناء وجودهم في سورية.
إدلب هي جزء من سورية...إذا تركيا هي بلد معتد وليست ضحية!!.
فإذا كنا نملك وسائل إعلام عادلة وصادقة فيجب علينا جميعا أن نعي هذه الحقيقة المهمة ونأخذها بالحسبان، لا أن ندعم الإجراءات والمواقف المتخذة ضد سورية ومعاداتها لمحاولتها صد الاعتداءات المتكررة على أراضيها.
فالأحداث الأخيرة في سورية كشفت وبشكل واضح القدرة «المذهلة» لزعماء الدول الغربية باستعمال وسائطهم المضللة إلى أبعد الحدود والتي تدل على توافق مواقفهم تجاه ما يحدث على الأراضي السورية، فيقومون بتلفيق روايات تعتمد على قصص كاذبة عن الوضع في سورية.
ولكن يجب على جميع دول العالم أن تعي أن الحروب الدائمة هي بالتأكيد سمة أساسية في القرن الحادي والعشرين. وأن هناك فرقا كبيرا بين الحروب الماضية والحروب التي تحدث الآن، سابقاً كانت تُنشأ شركات الأسلحة من أجل تزويد الحروب أما الآن فإن الحروب تُفتعل من أجل شركات الأسلحة.
وبالنظر إلى النتائج الكارثية للحروب كالحرب الطويلة في أفغانستان، وغزو العراق وتدمير ليبيا، وطبعا كل هذه الحروب كانت بقيادة الولايات المتحدة تحت ستار «التحرر من الطغيان» ، و»نزع أسلحة الدمار الشامل» و»جلب الديمقراطية»، فقد تسببت هذه الحروب بمقتل ملايين المدنيين وتهجير آخرين وتدمير المنازل والبنية التحتية الأساسية لهذه البلدان، وبعدها تأتي الشركات الأميركية لتسهم في إعداد «مشاريع إعادة الإعمار» لتزيد أرباحها.
في سورية كان الوضع مختلفا، ودعونا نقل إنه مفتعل، ففي الحقيقة أن هؤلاء «المسلحين « كانوا يتلقون المساعدات المالية والأسلحة والدعم من المملكة السعودية وتركيا والولايات المتحدة، وكل هذه الأمور كانت مخفية طبعا عن وسائل الإعلام ونشرات الأخبار.
الآن، وبعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب على سورية وبدعم من روسيا وإيران، استعاد الجيش السوري السيطرة على معظم الأراضي التي احتلتها داعش والنصرة وما زالت بعض المناطق في محافظة إدلب شمال سورية في أيدي الإرهابيين.
ونظرًا لأن الحرب قد وصلت إلى مراحلها الأخيرة في الأشهر الستة الماضية، فقد قررت الولايات المتحدة سحب معظم قواتها من سورية للمحافظة على مصداقية ادعائها بأن وجود تلك القوات في سورية كان لمحاربة داعش، أما ترامب وفي لحظة من «الصدق غير المعتاد» فقد أدلى بتصريحات مفاجئة بأن أميركا كانت هناك فقط من أجل النفط: «نحن نحتفظ بالنفط، لدينا النفط، النفط في أمان، تركنا بعض القوات من أجل النفط فقط «.
ما أريد قوله هو أنه في هذا العالم عندما تتعرض دولة ذات سيادة للهجوم، يكون لها كامل الحق في الدفاع عن أراضيها وصد المعتدين، أليس من المثير للشفقة أن نشهد القمع الوحشي لآلاف رجال الإطفاء وغيرهم من الموظفين من قبل الشرطة المدججة بالسلاح في فرنسا بسبب «جريمة» الاحتجاجات التي قاموا بها رفضا للتعديلات على نظام المعاشات التقاعدية، حيث قيل في وسائل الإعلام إن إجراءات القمع هذه «شرعية» وليست إلا «تدابير للسيطرة على الإحتجاجات». بينما تنتقد العمليات التي قامت بها الحكومة السورية ضد الإرهابيين المنتشرين على كامل أراضيها وضد الجيوش الأجنبية؟!
إذا الحل الرئيسي لإنهاء الحرب على سورية لن يكون إلا بالانسحاب الكامل لجميع المعتدين الأجانب من كامل أراضيها، ومن ناحية أخرى، فإن تركيا لا تستحق دعم الناتو من أجل تسهيل غزوها لسورية، بل بالعكس إنها تستحق الإدانات على المستوى العالمي بسبب قيامها باحتلال أراضي دولة مستقلة وذات سيادة.
Sputnik