أردوغان الذي يهرع نحو موسكو لإيقاف عجلة الزمن، يبدو في أعلى مستويات غبائه وعجزه وإفلاسه، لأنه وبحسب المعطيات المتراكمة على جانبي المشهد، وما يقابلها من تصريحات عنترية واستعراضات بائسة لذلك الأحمق، لا يزال خارج سياق الواقع المرتسم بخرائطه الميدانية والسياسية الجديدة، ليس هذا فحسب، بل إنه لا يزال أسيراً لأوهامه الإخوانية والعثمانية المتورمة جداً، فالواقع اليوم يرسم عناوين مختلفة لكل الحلول والمقاربات التي يجب على أردوغان الانصياع لها رغماً عنه، لأنه وبكل بساطة لم يعد يملك أي خيارات، ذلك أن السير في طريق الخداع والابتزاز واللعب على كل الحبال لم يعد يوصل إلى الهدف الذي يرتجيه ويحلم به، بل على العكس من ذلك تماماً، فالسير في تلك الطريق لن يوصل إلا إلى الهاوية التي لا يجيد النظام التركي حتى اللعب على حافتها.
إن محاولات المجرم أردوغان الاستثمار في الوهم، هي محاولات ساقطة سلفاً، لأنها لا تزال تستمد وجودها من الوهم والطموحات الاحتلالية والإخوانية، وهذا بحد ذاته مؤشر إلى قرب نهاية المشروع الإردوغاني في سورية والمنطقة، فالخرائط الميدانية التي خطها ورسخها الجيش العربي السوري بدماء رجالاته الأبطال وتضحياتهم الجسام، باتت هي العنوان الثابت والأساسي للمرحلة الحالية والمقبلة، وهذه حقيقة يجب على منظومة الإرهاب التسليم بها والخضوع لمقارباتها ودلالاتها وإرهاصاتها على الأرض، لأنها سوف تكون مدخلاً لكل التحولات والانزياحات المرتقبة، وغير ذلك هو تضييع للوقت ودفع للأمور نحو التصعيد الذي سوف يبتلع كل أطراف الإرهاب وأدواتهم.
بمقاربة التوقيت، أي توقيت هزيمة الإرهاب وداعميه ينكشف الستار عن كثير من الحقائق التي كانت أطراف الإرهاب وأدواته حتى ما قبل بدء معارك تطهير وتحرير الشمال، تجهلها أو تتجاهلها لأسباب تكتيكية واستراتيجية تتداخل وتتباين فيما بينها بحسب مصالح وغايات وأهداف كل طرف من أطراف الإرهاب.
أهم وأبرز تلك الحقائق التي لطالما حاولت منظومة الإرهاب طمسها وتشويهها، هي حقيقة انتصار الدولة السورية بشعبها وجيشها وقيادتها على الإرهاب والدول الداعمة له، وهذه حقيقة بدأت تجد طريقها إلى عقول كل من دعم الإرهاب وراهن عليه، خصوصاً بعيد معارك جيشنا البطل الأخيرة مع التنظيمات الإرهابية في إدلب، المعارك التي لا يزال يحقق فيها بواسل جيشنا مفاجآت صادمة لدول الحرب والعدوان على الشعب السوري.
حقيقة أخرى تبدو موازية وملازمة للحقيقة السابقة، وهي حقيقة انهيار وتهاوي المجاميع الإرهابية أمام صمود وإرادة شعبنا العظيم الذي لا يعرف الخضوع والخنوع والركوع والاستسلام، شعب يدافع عنه جيش مغوار أذهل العالم بتضحياته وشجاعته وبطولاته وقدراته الاستثنائية.
في العمق، يبدو انفراط عقد منظومة الإرهاب التي ضربتها الاختلافات والصراعات حول المكاسب نتيجة تباين الطموحات والغايات الاستعمارية والاحتلالية، انعكاساً وتظهيراً واضحاً لتلك الحقائق، ولعل ما يجري اليوم من كباش متدحرج بين أطراف الإرهاب على خلفية العدوان الذي يشنه أردوغان على الشعب السوري يؤكد ذلك ويثبته.
أردوغان ما بعد (هزيمته في سراقب) في مأزق كبير جداً، قد يتجاوز بحدوده وارتداداته وتداعياته كل الاحتمالات والتوقعات التي من شأنها أن تطيح به ليس في سورية فحسب، بل في تركيا أيضاً وفي داخل منظومة الإرهاب كلها، وهذا سيكون من أكبر الانتصارات التي يحققها شعبنا العظيم وجيشه البطل.