أردوغان الذي استجدى مراراً مساعدة الناتو وتوهم الدعم الجوي من واشنطن، سوف تتقطع به السبل، ولاسيما بعد تصريح وزير الحرب الأميركي مارك إسبر الذي صدمه بالقول: إن بلاده لن تقدم ذاك الدعم لتركيا، وبالتالي فعدوانه الوحشي سينقلب وبالاً عليه، وأن ما يسمى (درع الربيع) سيصبح شتاء قارساً ينخر ضلوع قواته، وصقيعاً يلسع وجهه المعفر بالهزائم والانكسارات.
فأميركا قد تحرض رئيس النظام التركي، أو تلعب بعقله المريض، وتعلل ذهنه المتعفن بنتائج يتوهمها، لكنها من الصعب أن تزج نفسها بمغامرة ستكون فيها خاسرة أمام الشركاء الذين يحاربون الإرهاب، ويرمون لقطع دابره عن بكرة أبيه، ولهذا ما تدفع إليه الولايات المتحدة وتريده، لن يخدم سياسة المتهور العثماني، بل تضعه في موقف حرج وسوف يعجز عن تجاوزه أو إصلاحه ما دام حياً.
لم يقتنع نظام أردوغان بأن مراهنته على الإرهابيين أخفقت، وأن وجود أولئك في بعض المناطق والمدن السورية مسألة وقت فقط، وأن تفكيره بإنشاء ما يسمى المنطقة الآمنة التي يتحدث عنها كلما لاحت له الفرصة، سيبقى مجرد سراب يعبث بأعصابه، ويحرك فيه نزعة التوسع ورغبة السيطرة على أراضي الغير، لكنه لن يرى النور.
سورية مصممة على اجتثاث جذور المرتزقة التكفيريين، وهي لم تقدم كل تلك التضحيات خلال سنوات الحرب التي فرضت عليها، حتى تتخلى بالنهاية عن مبدئها الثابت في مواصلة القضاء على الحثالات السعودية والتركية والقطرية والأميركية والصهيونية وغيرها، ومنذ اليوم الأول لتلك الحرب مصرّة على إعادة الأمن والأمان لربوعها، ومتمسكة بتحرير كل شبر من ترابها الوطني.
النهج العدواني لنظام أردوغان، ودعمه المستمر للعصابات الإرهابية، فيما لو استمر على هذا المنوال، سوف يخلف المزيد من الدمار والخراب، ليس لسورية وحسب، بل للمنطقة والعالم ولاسيما أن جرائمه تطول العراق وليبيا، ولا أحد يعلم أين يحط فيه رحال العدوان والأطماع العثمانية.