والأفارقة غير المسؤولين عن الأزمة لهم الحق في الحصول على المساعدات على وجه السرعة، ومبلغ 25 مليار دولار تمثل نصف العون الذي وعدت به الدول السبع الكبرى والذي لم توفِ به، وحتى في اجتماع مجموعة الـ (20) في نيسان، كانت البلدان الفقيرة من أكبر المنسيات، وهي التي تتعرض لمغادرة المستثمرين منها وإلى هبوط الطلب على المواد الأولية، على حين أن الجنات الضريبية تكلف 900 مليار دولار سنوياً في بلدان الجنوب، ولاشيء يلزم هذه الجنات أن تكون شفافة مع البلدان الفقيرة، ولاشك أن الحمائية تلعب دوراً في دعم البلدان الفقيرة، لأن حماية أسواقها الزراعية شرط لازم كي يستطيع عشرات الملايين من الفلاحين كسب أرزاقهم، غير أن دولاً غربية تنتقد شروط القروض واتفاقات الدوحة التي تنص على أن فتح أبواب الأسواق الإفريقية الفقيرة في منافسة غير عادلة مع البلدان الغنية، وبدلاً من التصدي للحلول وتقديم المساعدات، اختارت الدول العشرون الغنية أن تقدم الديون لها أكثر، والقضية مفهومة، مع أن الدول الفقيرة المغيبة عن اجتماعات الدول الغنية هي التي تدفع أكثر ثمن الأزمة، بدءاً من الدول الإفريقية.
وتتظاهر الرأسمالية بأنها ترمم ذاتها دون تأنيب ضمير، فالأغنياء تآزروا وتعاضدوا، وبحثوا في مشكلاتهم وحدها، وبقي الفقراء في آفاقهم الفقيرة الملأى بالظلم، والعنف وعدوى العنف، والهجرات.
وطالبت الدول الغنية صندوق النقد الدولي بتقديم قروض بمعدلات تفضيلية للدول الفقيرة، ولكن من ينسى أن هذا الصندوق هو الذي خنق البلدان الإفريقية بقروضه ذات الفوائد العالية، فدفعها إلى خصخصة بعض هياكلها التي وجدت أصلاً من أجل تخفيف تآكل أسعار المواد الأولية، وإلى التخلي عن الزراعات الاستراتيجية التي تعتبر الوسيلة الوحيدة لسداد القروض؟!.
وعلى الرغم من أن عدد الجائعين في العالم ارتفع من 850 مليوناً إلى نحو مليار، لكن اجتماع منظمة الغذاء العالمي في روما لم يقدم أي اقتراح إيجابي بل بعض الكلام الجميل، فأي صلف يدفع البلدان الغنية إلى إهمال مشكلات من مثل انتفاضات الجياع في اجتماعاته ولاسيما قمة العشرين؟ بل إنها سعت خلال مفاوضات منظمة التجارة العالمية في الدوحة إلى دفع البلدان الإفريقية إلى رفع الحواجز الجمركية التي من شأنها حماية اقتصادات البلدان الفقيرة من غيلان الأسواق، ودوماً باسم قوانين التبادل الحر المقدسة جداً.
ولاشك أن نسب الفوائد التي تدفعها البلدان الإفريقية عن القروض التي يجب أن تسددها أعلى من مبالغ المساعدات المقدمة لها من البلدان الغنية!.
وثمة من يطالب الشركات المتعددة الجنسيات بالإعلان عن المبالغ التي تدفعها مقابل المواد الأولية، وهي الشفافية التي من شأنها أن تكسر شوكة الفساد المتأصلة لدى الطبقات الحاكمة في عدة بلدان إفريقية كي لاتظل إفريقيا الخاسر الأكبر في الأزمة المالية، مع مطالبة الشركات بعدم التنقيب عن اليورانيوم في المراعي الإفريقية كي لايتم تخريبها، لأنها ضرورية لحياة السكان البدو الذين يسكنونها أباً عن جد، ولكي لايهاجروا منها، ولاسيما أن خطر التلوث الإشعاعي كبير لأن المخازين المشعة في الهواء الطلق والعمالة الإفريقية غير محمية جيداً، وهي تصيب الغطاء النباتي، كما تضر به المياه المستخدمة في استغلال اليورانيوم.
وكأن ثمة استعماراً جديداً يضرب إفريقيا، وهو لن يعوض خسائرها بسبب الإشعاعات الآن، لأن فرنسا مثلاً لم تعلن أنها ستعوض الجزائريين عن التجارب النووية التي أجرتها مابين 1960 و1966، إلا بعد 48 عاماً، مع أن عدد المدنيين الذين تضرروا منها أكثر من 150 ألفاً، ماعدا التخريب في الأراضي الوطنية، وهي قررت التعويض لأشخاص بقوا على قيد الحياة فقط، ثم تأتي منظمة الشفافية الدولية لترفع شكاوى على زعماء دول بزعم الاختلاس، دون أن ترفع دعاوى على الشركات بسبب الإشعاعات
20/5/2009