أما الجماهير العربية في سورية فقد فهمت على ماذا تنطوي هذه العبارة من وعد بتحرير الأرض وهي التي عرفت قائدها الكبير وصدقت كل كلمة قالها لأنها عرفت فيه القائد الذي إذا قال فعل وإذا وعد وفى، فازداد يقينه بحتمية شروق شمس التحرير لتغمر بنورها الوضاء قلب كل عربي يتشوق لمعانقة قبة الأقصى وكنيسة القيامة.
فلسطين هي جنوب سورية، لكن هذا الجنوب هو الجهات الأربع كلها ، فكما يسكن القلب في الجانب الأيسر من الجسد تصبح فلسطين قلبا يرفد العروبة بدم التجدد والحياة.
وهناك إلى جوار هذا القلب النابض بالتجدد والحياة، شريان يحن إلى الوطن الأم سورية، شريان ينبض باللهفة لمعانقة شموخ قاسيون، إنه الجولان الغالي.
هذه البقعة الغالية على فؤاد كل مواطن سوري تحمل هويتها المحفورة في الشريط الوراثي لكل مواطن سوري يقيم في الجولان، مصرّا على التشبث بترابه الطاهر، لذلك كان من الطبيعي أن يشتعل أبناء الجولان غضبا عندما حاول العدو الصهيوني فرض الهوية الإسرائيلية عليهم.
ولقد سخر كل سوري من أبناء الجولان قبل ذلك بالقرار الذي اتخذه الكنيست الإسرائيلي باعتبار الجولان جزءا مما يسمى دولة إسرائيل، وما هذه الدولة في الواقع إلا كيانا إرهابيا يقوم على العدوان على الآخرين وسلبهم كل حقوقهم التاريخية.
ومنذ اليوم الذي جثم فيه الصهاينة على صدر الجولان الحبيب احتلالاً بغيضا لم ينعموا براحة البال يوما واحدا، فالانتفاضات الشعبية كانت تقوم من حين لآخر، وما أن يخمد الصهاينة نار ثورة أو انتفاضة تقوم هناك حتى يفاجئهم أهل الجولان بانتفاضة لا تقل ضراوة وإصرارا على العودة إلى الوطن الأم من الانتفاضة التي سبقت.
ومن منا لا يتذكر أسماء شهداء الجولان الذين سقطوا دفاعا عن انتمائه، وها هي الشهيدة البطلة غالية فرحات تقيم في القلوب والعقول صورة مشرقة لكل امرأة جولانية، ترضع أبناءها حليب الإيمان بالنصر القادم وحتمية العودة إلى الحضن الدافئ سورية الأبية.
وأمام إصرار أهالينا في الجولان الحبيب على الالتحام بالوطن الأم سورية لم يجد الصهاينة من طريقة للتعامل معهم إلا زج الأحرار في السجون، والتضييق على أهالي الجولان وحرمانهم من كل حقوق الحياة، ناهيك عن سرقة المياه وتجريف التربة الزراعية لكن السحر انقلب على الساحر، وعادت هذه الطريقة وبالا على الصهاينة، لأن أهلنا الصامدين لم يهنوا أمام الجبروت الإسرائيلي ولم تلن لهم قناة أمام الوحشية الإسرائيلية، بل ازدادوا تشبثا بالأرض واصرارا على سقي شجرة الحرية بدمائهم الزكية.
وفهم العالم أن هناك أرضا ستعود لسورية رغم أنف الكيان الصهيوني الغاصب، وأهالي الجولان على يقين بأن التباشير الأولى لشروق شمس الحرية لاحت في الأفق.
ونحن هنا في سورية نبادل أهلنا في الجولان مشاعر الحب والإكبار، نشد على أياديهم السمراء المعروقة التي عرفت كيف تصون وجه الجولان أبيض مشرقا، وعرفت كيف تذود عن كرامته التي هي كرامة كل مواطن في سورية الشموخ.
لك منا يا جولان ولأنت صوت الإباء في زمن الصمت، ونور التضحية الذي يتحدى الظلام لك منا تحية المحبة والإكبار وعشت حرا عزيزا منيعا.
ferasart72@hotmail.com