فإن قلت الوحدة القومية ومشروع الأمة الدولة جاء الجواب من سلط منبتة وغرب خائف من دول عربية شرق المتوسط وعدو غريب لا يستمر إلا باستمرار ضعف العرب.
وإن قلت تحرير فلسطين وقفت في وجهك قوى الأرض الفاعلة تصرخ حماية لهذا الكيان الغريب وقوى محلية رضيت لنفسها أن تكون كلاب حراسة عند هذا الغرب.
وإن قلت الحرية للإنسان العربي وجدت من يحمل السيف ليشهره في وجهك أن قف ما أنتم إلا عبيد وستبقون عبيدا.
إذاً أهداف العربي السامية والمشروعة والضرورية والأخلاقية تواجه الأعداء أنفسهم, إذاً فالمقاومة يجب أن تكون شاملة لكل الأعداء ومن كل القوى التي تطرح هذه الأهداف العظيمة.
فالقومي العربي الديمقراطي عنصر أساسي من عناصر الكفاح الكلي, والإسلامي الديمقراطي عنصر أساسي, والديمقراطي العلماني عنصر أساسي, والماركسي الديمقراطي عنصر أساسي, ولقد آثرت أن أضع كلمة ديمقراطي ملازمة لكل اتجاه أساسي من اتجاهات الكفاح العربي لأن لا يمكن أن تتحدد قوى الكفاح العربي لتصل إلى الأهداف المنشودة إذا لم تكن بالأصل قوى ديمقراطية تؤمن بالتنوع والاختلاف والحق بالاعتقاد.
ولقد أنبتت معركة تموز ومعركة غزة أهمية وحدة قوى المقاومة العربية, وحقيقة المواقف العملية من المقاومة.
فلقد اتحد القوميون العرب والإسلاميون العرب والماركسيون العرب والديمقراطيون العلمانيون العرب في صف واحد ضد إسرائيل وأمريكا وأنظمة الزفت العربي.
وبالتالي: كان نصر المقاومة في الجنوب نصراً للبعثي والقومي العربي والإسلامي والناصري والشيوعي والعلماني.
وكذا الأمر نصر المقاومة في غزة, التي اتحدت فيها كل فصائل المقاومة الفلسطينية, فهو نصر لكل القوى التي ذكرت.
إن المقاومة إذ توحد من يحملون على أكتافهم هموم الأمة فإن الأمة المهمومة توحد المقاومة بدورها, فلقد مضى ذلك الزمان الذي يعلن فيه كل طرف من أطراف الكفاح أنه الممثل الشرعي والوحيد للكفاح.
لقد مضى ذلك الزمان زمان اقصاء الحليف والمتشابه ومن يملك الأهداف ذاتها لكنه مختلف في أشياء ثانوية.
فالمقاومة بوصفها دفاعا عن الحرية ومن أجل الحرية هي التعبير الاهم عن الأحرار.. والأحرار لا يكونوا أحراراً إلا إذا نظروا إلى الحرية بوصفها حقا للجميع, ولا معنى للحرية بوصفها حقا إلا بالاعتراف بحق الاختلاف, والاعتراف بحق الاختلاف يعني التعايش معا, والاتحاد من أجل الأهداف المشتركة.
فأنا على سبيل المثال بوصفي قومياً عربياً علمانياً وديمقراطياً أجد نفسي في خندق واحد مع الإسلامي الذي يقاتل العدو الصهيوني.
غير أني إذا ما استقرت الحياة وصار لزاماً عليَّ أن اقترع في انتخابات حرة فلن اقترع لمصلحة الإسلامي ولن اقترع لمصلحة لاحسي اللعاب الأميركي والغربي, بل سأختار القومي العلماني الديمقراطي والماركسي.
فأنا لا أطيق حكم الإسلاميين ولا حكم العملاء, أما في المقاومة , وفي منطق المقاومة فوحدة المقاومين على اختلاف مشاربهم ضرورة وطنية وأخلاقية.