فقد تراوحت نسب الهطول بين 100 و150 ملم في أول هطلة ، فيما بلغت سماكة الثلوج بين 7 و10 سم في مدينة المالكية وبعدها جادت السماء بهطولات على باقي المحافظات يمكن ان تشيع التفاؤل بموسم زراعي يعوض فقر الموسم الماضي . وبدأنا من منطقة الجزيرة لانها تنتج أكثر من 40 % من اجمالي انتاج سورية من الحبوب . وتجدر الاشارة الى ان سورية وتونس وموريتانيا حققت عام 2006 فائضا في ميزانها الزراعي تراوح بين 473 و 350 مليون دولار . لكن هذا الفائض لايتسم بالاستقرار اذ يحدده عدد من العوامل.
وبرأي الدكتور جورج صوني الخبير في المياه وقضايا الري إن مجموعة من الأسباب وقفت وراء تسجيل سورية لفائض في ميزانها التجاري الزراعي في بعض السنوات كعام 2006 ياتي في طليعتها توجه الحكومة ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي نحو تقديم الدعم الكبير لمدخلات القطاع الزراعي بكاملها , ورافق ذلك جهود ملموسة في البحث العلمي الزراعي ، لكن الميزان يتغير من عام الى اخر فالهطولات المطرية تؤثر عليه بشكل كبير لان الزراعة المطرية في سورية تشكل ثقلا كبيرا في زراعة المحاصيل الاستراتيجية, وحينما تكون الهطولات جيدة فهذا يعني تخفيض الطلب من القطاع الزراعي وتحسين الموارد المائية الجوفية والسطحية ، والجفاف الذي مر على البلاد العام الماضي خلق عجزا مائيا ( الفارق بين الاحتياج والمتاح) في معظم الأحواض السورية ، والخشية من الجفاف انعكست على اهتمام الحكومة التي سعت منذ عام 1983 الى وضع خطة وطنية – استراتيجية لترشيد استخدامات المياه، وخاصة في القطاع الزراعي، كونه المستهلك الاكبر للمياه (85/90) بالمئة من الموارد المائية ، والمراد من الترشيد هو تخفيض طلب القطاع الزراعي من المياه.
ويعزو الدكتور صوني نمو الصادرات العربية من السلع الغذائية العام الماضي الى تنامي الإنتاج الزراعي وتحسين تقنيات الري الحديث في بعض دول شمال إفريقيا وسورية، لاسيما تنامي زراعة الأشجار المثمرة كالزيتون الذي يسجل طلبا عالميا متزايدا .
الضغط على الميزان الزراعي
وبالمقابل يرى الخبير صوني ان ثمة عوامل ضغط على الميزان الزراعي ليس في سورية فحسب بل في مجمل الدول العربية لان معظم الأراضي العربية تقع في مناطق جافة محدودة الهطولات والموارد المائية المتجددة, كما ان معدلات النمو الديموغرافي العالية واستمرار الطلب على الغذاء يشكل عامل ضغط على تلبية احتياجات السكان الغذائية ومن الأسباب أيضا عدم وجود استثمارات كافية من الدول العربية التي تمتلك تلك الاستثمارات لتوجيهها نحو الدول التي لاتمتلكها كاستغلال الأراضي في السودان، حينها يكون بمقدور العرب تأمين الحد المقبول من الامن الغذائي العربي، ويضيف صوني ان الاستثمارات العربية تتوجه في معظمها الى الدول الأوربية وأمريكا وهي معرضة للاستنزاف كما حصل في الأزمة المالية الحالية ، ولو أمكن توظيف بعضها في السودان بحيث تطور مواردها المائية لأنتجت السودان ما يكفي من الطلب العربي على سلع استراتيجية كا لقمح والذرة.
يذكر ان المعدل السنوي لنصيب الفرد العربي من المياه ألف متر مكعب مقابل أكثر من7 آلاف متر مكعب على المستوى العالمي. كما تبلغ حصة الدول العربية حوالي 0,7في المئة فقط من إجمالي المياه السطحية الجارية في العالم.وتمثل كميات الأمطار التي تتساقط على الدول العربية نحو2,1في المئة من إجمالي الأمطار في العالم .وتقدر الموارد المائية العربية التقليدية، والمتمثلة في المياه السطحية والجوفية، وغير التقليدية، والمتمثلة في مياه التحلية والصرف الزراعي، بحوالي 348مليار متر مكعب سنوياً. وتمثل الموارد المائية السطحية حوالي 85 في المئة من إجمالي تلك الموارد، تليها المياه الجوفية بنسبة 12 في المئة، ومياه التحلية والمعالجة بنسبة3في المئة. ويستحوذ الإقليم الأوسط، الذي يضم حوض النيل والقرن الإفريقي، على نحو 40,1 في المئة من إجمالي الموارد المائية، يليه إقليم المشرق العربي بنسبة 31 في المئة، ثم إقليم المغرب العربي بنسبة 23 في المئة، وإقليم شبه الجزيرة العربية بنسبة 5,9في المئة.