تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


.. وشركاتهم الاحتكارية تسابق الزمن للســـــيطرة

قاعدة الحدث
الخميس 24-1-2013
إعداد :عزة شتيوي

لا يمكن أن نطرح الدور الفرنسي الحالي في مالي بمعزل عن كونها الدولة الاستعمارية التي استعمرت مالي لعقود طويلة من الزمن ومازالت تتعامل معها من منطلق أنها بمثابة الفناء الخلفي لها حتى الآن..

والجدير بالذكر - حتى ولكي ندرك قوة التغلغل الفرنسي في مالي حتى بعد استقلالها – نجد أن اللغة الرسمية في مالي هي الفرنسية وهى وسيلة توحيد لمواطني مالي الذين يتحدثون اكثر من 40 لغة مختلفة بعشرات اللهجات.. وكشفت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية كواليس وأهداف ودوافع العملية التي تشنها القوات الفرنسية في مالي. وأوضحت الصحيفة أن الوجود الفرنسي في المنطقة «إرث الماضي الاستعماري، إضافة إلى المصالح الاقتصادية الكبيرة في غرب أفريقيا، مشيرة إلى أن أهم تلك المصالح الاقتصادية يتمثل في استخراج اليورانيوم من النيجر، والذي تديره شركة «أريفا» الفرنسية والذي يزود به أكثر من ثلث محطات الطاقة النووية لشركة «أو دي إف» للكهرباء في فرنسا. وأضافت «ليبراسيون» أنه عندما شنت الجماعات المتطرفة هجوماً كبيراً على وسط مالي، وأصبح الطريق مفتوحا أمامها للوصول إلى العاصمة باماكو، أعطى الإليزيه أوامره للجيش الفرنسي بالتدخل بناء على طلب الرئيس المالي المؤقت تراوري ديونكوندا. واستخدمت باريس قواتها وعتادها الموجود مسبقاً في القارة الأفريقية، حيث لجأت إلى المروحيات التابعة للقوات الخاصة، ومقرها في بوركينا فاسو، و5 طائرات «ميراج»، متمركزة في تشاد. وأربع مقاتلات «رافال» من إحدى القواعد الفرنسية في الخليج انضمت إلى القتال لتعزيز القدرات الجوية. وقد حصلت فرنسا على غطاء دولي لتشارك في الحرب على مالي إلى جانب القوات الحكومية ضد الجماعات المتشددة..فالعملية العسكرية الفرنسية تعد من وجهة نظر القانون الدولي أمرا مشروعا تحت مظلة الامم المتحدة بقرار مجلس الأمن رقم 2085 الصادر في 20 كانون أول الماضي لأنها تستهدف الإرهاب، كما أنها جاءت بطلب مجموعة دول غرب أفريقيا «إيكواس» التي تحضر لنشر قواتها لدى مالي.‏

ان قرار التدخل العسكري الفرنسى في مالي تتحكم فيه العوامل التالية: المصالح الاستراتيجية الفرنسية، في منطقة تتجاوز مساحة القارة الأوروبية ذاتها، من مالي فموريتانيا والنيجر، وهي المنطقة التي تضم أضخم مناجم اليورانيوم، لا سيما في النيجر المجاورة لدولة مالي، امتياز استغلالها منذ عقود.‏

اما الولايات المتحدة الاميركية فهي موجودة منذ فترة طويلة عن طريق كندا وشركاتها العاملة في مالي والدول المجاورة وإسرائيل التي تعمل بكل قوتها في الدول الأفريقية ومنها المجاورة لمالي.. ومن أشهر وأكبر الشركات الكندية العاملة في المنطقة شركة «روك جيت» التي قدمت طلبا للتنقيب عن اليورانيوم في منطقة فاليا التي تبعد مسافة 350 كلم غرب العاصمة المالية باماكو بالقرب من حدود السنغال وغينيا. وتشير الأنباء المتواترة من المنطقة إلى أن الشركة الكندية لم تعثر فقط على اليورانيوم ولكن أيضا على الفضة والنحاس. وقدر بعض الخبراء الجيولوجيين كميات اليورانيوم بـ12 ألف طن أى ما يساوي أربعة أضعاف ما تنتجه شركة «أريفا» الفرنسية من أهم مناجمها «أرليت» في النيجر. وأعلنت ميشال ريفازي، النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبى أن الشركتين الفرنسية والكندية أبرمتا اتفاقا لاستغلال مشترك لليورانيوم في مالي. ويرى العديد من الخبراء والمحللين السياسيين في المنطقة أن الصراع في أصله هو صراع مصالح اقتصادية بالدرجة الأولى مما أدى إلى تحويل قارة أفريقيا إلى أكبر ساحة للصراعات ومن أبرزها صراع القوى الكبرى وأبزرها الولايات المتحدة الأمريكية –للاستحواذ على أكبر مساحات نفوذ في المناطق الغنية بالثروات الطبيعية خاصة المهم منها كالبترول والذهب والغاز واليورانيوم... وفرنسا ليست بعيدة عن هذه الصراعات في مناطق نفوذها التقليدية منذ عهود الاستعمار المباشر.. ومازالت الدول الأفريقية ضحية عمليات استنزاف منظمة لثرواتها الطبيعية وتأتي أزمة مالي الحالية في حقيقتها داخل هذا الإطار.. ومن أنصار هذه الرؤية اسلم ولد عبد القادر - الوزير الموريتاني السابق – الذي يؤكد في تصريحات صحفية أن «فرنسا لديها مصالح في هذه المنطقة، وهى لا تختلف كثيرا عن المصالح التي تسعى إليها الولايات المتحدة في هذه المنطقة، حيث تعرف هذه القوى العظمى أن افريقيا قارة واعدة في الخمسين سنة القادمة».‏

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تسعى بكل قوة لإيجاد مكان لها بوضوح في المنطقة خاصة بعد تصاعد أنشطة تنظيم القاعدة في دول المغرب واتساع نطاق عملياته في العديد من الدول المجاورة وارتباطه بعلاقات مع جماعات مثل باكو حرام في نيجيريا وغيرها من جماعات تيار الإسلام السياسى في وسط وغرب أفريقيا. وتشهد الإدارة الأمريكية حاليا صراعا حول الموقف الذي يجب الالتزام به في أزمة مالي.. وحسب صحيفة لوس أنجليس تايمز فإن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) مختلفان حول الموقف الذي يجب تبنيه.‏

لكن مستشاري البيت الأبيض يرون أنه غير واضح حتى الآن ما إذا كان متمردو مالي وبينهم عناصر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب يشكلون تهديدا يعرض الولايات المتحدة للخطر. ويخشى مستشارو البيت الابيض من السياسيين أن تجر الولايات المتحدة إلى نزاع معقد ضد عدو لا يمكن السيطرة عليه في مالي بينما تقوم القوات الأمريكية بالانسحاب من أفغانستان. وحسب تأكيدات مسؤول أمريكي فإن الوضع في مالي حتى الآن لا يمثل تهديداً للأراضى الأمريكية بمعنى أن النيران طالما هي بعيدة فلا يهم من تحرق أو من يموت.. كما تعني بصورة أوضح أنه لا صوت يعلو فوق صوت المصالح.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية