تفتقر للعمق، والدقة، والتحليل العلمي، وإلى العناصر الهامة التي تقوم على فهم الأسباب البعيدة والقريبة لهذا الحدث الكبير، والخطير والذي بات يرسم اليوم محاور السياسات الإقليمية والدولية للمستقبل.
أغلب التحليلات السياسية، من أي طرف كان، تحاول عن عمد أو عن غير عمد أن تقيم جداراً بين الواقع وعقل المواطن العربي والسوري، وهكذا لانرى سوى محللين سياسيين، بعضهم لم يكن قبل الأحداث على قائمة من يتمطون صهوة الكلام على شاشات التلفزة، وعلى صفحات الصحف.
بين الواقع على الأرض، والكلام الذي يقال أبيضه، وأسوده، فجوة كبيرة، اكتشف المواطن السوري أبعادها، لأنه وحده يعيش الأحداث على الأرض، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، إن المواطن السوري في جوهره تاريخياً على مستوى عال من الوعي السياسي يمكنه من إدراك الأسباب المرئية وغير المرئية التي تقف وراء تلك الحرب المجرمة التي تستهدف وطنه، وأمنه، وعيشه، فهو يعرف أطراف هذه الحرب، وغاياتها، ومصالحها.
إن أغلب الصياغات الفضفاضة التي نسمعها ممن راحوا يمتهنون مهنة التحليل السياسي، ليست قادرة على تقديم المشهد بشكله الحقيقي، إنها مجرد كلمات تنهض من العواطف، أو من الحقد، تحاول أن تجيء بالأحداث إلى كومة الرماد، وإلى هؤلاء نقول:
إن البحث عن الأسباب البعيدة والقريبة للحدث السوري، يكشف طبيعة الأزمة، ويؤكد أن مايجري على الأرض لايرتبط بما جرى في مدينة درعا، أو بإصلاح، أو بحرية.. مايحدث هو من صنع مخيلة متآمرة على سورية.. وأن حادثة درعا كانت إشارة البدء، وفي الوثائق أن مايحدث في سورية خطط له في عام 2000 قبل تسلم الرئيس الأسد، وبعد عام 2003 ومن أجل عيون المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وبعد عام 2006 بعد انتصار المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وفي آخر ماتم إعلانه إن الطائرات القطرية كانت تنقل السلاح في عام 2010 من أفغانستان إلى الأردن، ومنها إلى سورية، وأن حكومة أردوغان رسمت مع كل من أمريكا وإسرائيل وقطر والسعودية مخطط العدوان على سورية.. وفي مذكرات رئيس وزراء بريطانيا الأسبق مايشير إلى أن الحرب على سورية كانت مقررة على سورية وليبيا في وقت واحد بعد احتلال أمريكا للعراق.
من هنا وجب على أي باحث حقيقي، وأي مدقق صادق قراءة الأسباب البعيدة والقريبة للحدث السوري، ولأي حدث كان..
ذات يوم احتلت الجزائر من قبل فرنسا لمدة مئة وثلاثين سنة بذريعة أن حاكم الجزائر ضرب السفير الفرنسي بمذبة، واحتل العثمانيون العالم العربي أربعمئة سنة بذريعة حمايته من الصفويين، فقتلوا، ودمروا، واهلكوا البلاد والعباد، واغرقوا العالم العربي بالجهل والضعف، وجاءنا بعد ذلك الاستعمار الغربي بذريعة نشر الحرية، وتحرير العالم العربي، فوقع العالم العربي تحت سطوة سلاح التفكيك الجغرافي، والنهب الاقتصادي والسياسي والاقتصادي، وسرقت فلسطين ولواء اسكندرون والقادم على مايبدو، او على مايخطط أقسى وأمّر.
منذ زمن ونحن نسمع عبارة» انتهت» صحيح أن لكل حدث نهاية، ولكن النهايات في الأحداث ترسم مساراتها الوقائع على الأرض،وهي تختلف كثيراً عن النهايات التي يرسمها الكتاب في الروايات، أو على الأقل عن النهايات الجاهزة التي تسوّق اليوم سواء أكانت من سحر المخيلة المريضة، أم من سحر دوائر الاستخبارات الأمريكية، والغربية.
نهاية الأحداث في سورية قادمة، ولكنها النهاية الذي ترسمها قواتنا المسلحة، وشعبنا المتكاتف، المساند والداعم لجيشه وقيادته، ودماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم، وبهمة الرجال الذين يرسمون البطولات التي بهرت الأعداء، والأصدقاء.
نحن في سورية اليوم ندرك أننا في حرب طويلة، وأنها لن تتوقف، حرب كانت في الماضي، ولكن بأسلحة أخرى، وهي اليوم تشتعل، وفي مواجهتها كل شرفاء الوطن، الذين يحرسون الوطن بدمائهم وتضحياتهم وبصبرهم وتمسكهم بمبادئ الوطن المقاوم.
نحن في سورية اليوم نجابه وحشية وحقد المتآمرين، ومشاريع الغرب وأمريكا وإسرائيل بالوعي، وبالتماسك، وبالقدرة على الصمود، والتضحية.
إن دم الشهداء هو الذي يصنع مستقبل الوطن،ووهج حياته، وهو من يرسم النهايات المضيئة، وليست الحزينة.. وهو الذي يقيم قلاعاً متينة، وخنادق في وجه الطغيان، ينبت على ضفافها ورد بلون النجيع، وترتفع عليها أعلام بلون الوطن.