في توصيف الحالة الراهنة للتراث الثقافي ويعتمد المبالغة والتهويل في وقت حرج نحن بأمس الحاجة فيه إلى المعلومة الدقيقة والصحيحة.
وقالت المديرية العامة للآثار والمتاحف في بيان لها إن جميع مقتنيات المتاحف السورية بخير ونقلت إلى أماكن آمنة موضحة ضرورة التفريق بين المتاحف والمواقع الأثرية التي يعاني بعضها من التعديات.
ويشير البيان إلى أن المديرية تبذل بالتعاون مع الجهات المعنية والمجتمع المحلي جهوداً حثيثة للحد من تأثيرات الأزمة الراهنة عليها مؤكداً أنه بفضل هذا التعاون حميت مواقع عدة وأعيدت مسروقات أثرية في مصادرات حدودية أو إثر مداهمات لأوكار المجموعات الإرهابية المسلحة التي تقوم بسرقة الآثار.
ووثق البيان حجم الأضرار والتعديات في مختلف المتاحف والمواقع الأثرية السورية منذ بداية الأزمة في سورية حتى تاريخ اليوم استناداً إلى تقارير ومعلومات المديرية العامة للآثار والمتاحف مبيناً أن المتاحف السورية بحالة ممتازة حيث أفرغت من القطع الأثرية التي غلفت ونقلت إلى أماكن آمنة كما نقلت جميع الوثائق التاريخية الهامة إلى مستودعات مخصصة ومؤمنة ضد أخطار السرقة والحرق والرطوبة وذلك باستثناء بعض الأضرار التي اقتصرت منذ بداية الأحداث على سرقة قطعتين أثريتين هما تمثال برونزي مطلي بالذهب يعود للفترة الآرامية من متحف حماة وقطعة حجرية رخامية من متحف أفاميا في حين تعرض متحفا حلب الوطني ومتحف دير الزور لخسائر مادية إذ تهشمت بعض النوافذ الزجاجية والأبواب وتضررت الأسقف المستعارة نتيجة التفجيرات الإرهابية التي قامت بها المجموعات المسلحة في المناطق المجاورة للمتحفين.
بدورها أكدت دائرة آثار معرة النعمان أن جميع قاعات متحف المعرة سليمة ومقتنياته مؤمنة في حين لحقت بعض الأضرار بالمبنى نتيجة اعتداءات المجموعات الإرهابية المسلحة إضافة إلى تعرض متحف طيبة الإمام بحماة مؤخراً إلى تكسير النوافذ والأبواب الزجاجية أما لوحة الفسيفساء فهي بحالة جيدة.
وبالنسبة لمتاحف التقاليد الشعبية في كل من حلب وحمص ودير الزور فقد تعرضت لأضرار مادية لكن القطع التراثية تم ترحيلها خاصة الهامة منها وسرقت 17 قطعة فخارية وبعض الدمى الطينية من قاعة العرض في قلعة جعبر إضافة إلى موجودات متحف دورا أورويوس «وهي نسخ وليست قطعاً أصلية» وخربت غرفة الحراسة وغرفة قطع التذاكر.
وأشار البيان إلى ما تعرضت له المباني والمواقع الأثرية من أضرار بسبب الأعمال الإرهابية التي جرت في تلك المواقع كما في بعض القلاع مثل «قلعة المضيق- قلعة الحصن-مدخل قلعة حلب وبرجها الشمالي-قلعة شيزر» وتعرض قلعة الرحبة لأضرار محدودة ومحصورة في نقاط معينة إضافة إلى احتراق المئات من المحال الأثرية بأسواق حلب القديمة حيث التهمت النيران البضائع والأبواب الخشبية الجديدة لبعضها خاصة في أسواق الزرب-العبي-العتمة-العطارين- النسوان-الصوف-الصاغة.
وجاء في البيان أن الجامع الأموي الكبير في حلب تعرض لأضرار من الخارج والداخل ولا يزال بحاجة إلى إجراء دراسات ميدانية علمية وفق أسس ومعايير أثرية للوقوف على الحجم الحقيقي للضرر من حيث درجة تأثر البنى المعمارية الأصلية والمرممة.
وأظهرت صور نشرتها بعض وكالات الأنباء تعرض البيمارستان «الأرغوني» بحلب المعروف بمتحف الطب والعلوم لبعض الأضرار وهو ما أكدته مديرية آثار حلب.
كما تضررت كنيسة أم الزنار في حمص إضافة إلى كنائس أخرى وبعض الأسواق القديمة في المدينة نتيجة اعتداءات المجموعات الإرهابية وتعرض جامع الحراك الأثري في إزرع بمحافظة درعا لأضرار طالت الجدار الغربي وقسماً من الجدار الشمالي وجزءاً من السقف كما تضررت مئذنة الجامع القديم في مدينة الشيخ مسكين ومئذنة الجامع القديم في بلدة محجة، والجامعان الأخيران يندرجان ضمن الأبنية التقليدية غير الأثرية.
وفي منطقة بصرى القديمة تضرر مبنى مبرك الناقة ومعبد حوريات الماء المسمى شعبياً سرير بنت الملك وطالت الأضرار الساكف الوحيد المتبقي فوق الأعمدة كما تضررت بعض البيوت القديمة في بصرى إضافة إلى تخريب بعض المنازل القديمة في بلدة نوى جراء اعتداء المجموعات الإرهابية.
ولم تنج الآثار من حدوث التعديات العمرانية فبعكس ممارسات التنقيب السري والتخريب والنهب التي تلقى مقاومة عالية ويتصدى لها سكان المناطق المحيطة بالمواقع الأثرية لا يبدي المجتمع المحلي نفس القدر من التعاون فيما يتعلق بالتعديات العمرانية الحديثة التي انتشرت على نطاق واسع إذ يستغل بعض الناس حالة الفوضى وصعوبة ضبط المخالفات في التعدي بالبناء العشوائي على المواقع الأثرية ومناطق الحماية.