تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حبر على ورق

الخميس 24-1-2013
شهناز صبحي فاكوش

اتفاق جنيف الجميع يطالب به وبرنامج الحل السياسي في سورية ينبثق من روحه ويتماهى معه.. كي لا يبقى حبراً على ورق...

في احترام رؤى الأصدقاء معتمداً تفسير بعض مفاصله بما يوافق مصلحة سورية وشعبها. منطلقاً لحوار وطني وحل سياسي.‏

والربوع السورية شغفة للوصول إلى طاولة الحوار تتنشق نتائجه علها تتنفس هواء الأمان الذي كانت تنعم به عندما تجد الفرح والحبور في عيون وتصرفات الشعب السوري يرتعون في طياتها كل له مكان. ميسور الحال ومن يعاني من عسرة... فالمساحات الخضراء المهجورة اليوم كانت تضج فرحاً عندما تطؤها أقدامهم وتملؤها ضحكاتهم وفرح الأطفال..‏

وتتفاعل الربوع ومن عليها بتأييد الثقاة العقلاء ببرنامج الحل السياسي السوري وصولاً إلى طاولة المتحاورين. هذا البرنامج الذي يحتاج فئات الشعب جميعاً للاشتغال عليه. كل من مكانه وموقعه أفراداً ومجموعات وأحزاباً.. لأن الاعتماد في وضع المحددات للوصول للحوار من قبل الغير عمل فاشل بامتياز. فأهل مكة أدرى بشعابها. أما الآخر فلن يخسر (ناقة ولا جملاً) وعلى جميع السوريين تحصين الساحة الوطنية كي لا تكون مرتعاً لصراع القوى الخارجية في عملية كسر العظم. الخاسر الوحيد فيها السوري المواطن، والوطن السوري. فكل من يتمنى أن يحقق لأجندته الخبيثة النجاح من خلال أدواته المزروعة في الداخل السوري، وصوله إلى هذا الهدف يعني مزيداً من الدمار والدم السوري. وفي الساعة الرملية عودة إلى رمال محمولة تأتي (بالعجاج) عبر عاصفة هوجاء تعيدنا إلى عشرات السنين، إن لم نقل قبل قرون من الزمن في تدمير الذات الإنسانية المتعالية عن الصغائر، للغوص في لج الظلمات حيث الحقد والانتقام فتصبح النفس البشرية بلا قيمة ولا ثمن..‏

كل من يدعي الثورة لأجل التغيير فليذهب بأوراقه إلى طاولة الحوار، وليسعَ للتغيير الذي يَنْشُدْ عبر الطرق الديموقراطية إن كانت هذه الأخيرة هي ما يسعى له وفق ما يطرح من شعارات... لإحلال ديموقراطية وطنية راقية في حالة سياسية متفردة تجعل الوطن سورية ومكوناته الاجتماعية أنموذجاً يحتذى كما على مر العصور...‏

وإنتاج حياة ديموقراطية الفيصل فيها صندوق الاقتراع، الوصول إليه يكون عبر حوار وطني يتماهى فيه كل المكونات السياسية في اتساق وجداني يبرز عشق سورية الوطن، ورقي الفكر السياسي فيه بنبذ السلاح. وما يجعل أدوات القتل تتنحى جانباً هو إحلال العقل والحكمة لإنتاج ميثاق وطني، رمزيته الشرف في فداء سورية والحفاظ عليها حرة مستقلة عزيزة أبية. دون استقواء فئة على أخرى، يحمل الجميع سلة الهم الوطني لإفراغها عبر حلول توافقية، تنتهي بملء ذات السلة بورود الوطن المختلفة الألوان والأشكال والشذى تماماً كما المكون الإنساني في هذا الوطن العزيز...‏

ولأجل أن تستقر الأرض السورية وهذه الرمال المتحركة فيها، التي يمكنها بحركتها ابتلاع شباب أكثر، وارتشاف دم أكثر، الوطن أولى بهذه الدماء وأولئك الشباب الذين استهلك الوطن الكثير من مقدراته ليراهم أشداء بنية أنقياء فكر، عشاقاً حقيقيين لبناء مستقبل أفضل، يصل من خلاله الجميع لتطلعاتهم في بناء دولة حضارية متطورة... تحفظ الحقوق والحريات والكرامة، تجعل من احترام المواطن لذاته أنه يؤدي واجباته بحب وإخلاص وتفاني يعرف ما له وما عليه دون أن يحتاج للتسكع على الأبواب أو هدر بعض ماء الوجه للحصول على حق وطني هو صاحبه في كل الأحوال...‏

والسبيل لكل ذلك لحظة وعي باتجاه المجموعات الدخيلة التي سرّبت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وحُقِنَتْ في الجسد السوري، فأصبحت تسري فيه مثل مرض يغتال خلاياه السليمة، ويسيطر على شرايينه في بث الرعب والقهر والخوف والفزع. والنتيجة واضحة للعيان تخريب وحرق، وتدميرُ كل مكونات الوطن الخدمية للعودة إلى البدائية والبداوة الأولى لمنشأ الإنسان. وهو الذي اعتاد السير مع تطور الزمن وصولاً إلى التكنولوجيا الحالية في زحمة عالم الاتصالات... التي أصبحت واحداً من أسلحة تدمير الأوطان.. والتي امتدت آثامها إلى الساحة السورية لتنال من أهلها ومقدراتها... حتى أصبحت ساحة لاستعراض عضلات العابثين أصحاب المصالح الخاصة من دول الجوار، ظناً أنها الوسيلة لتثبيت مراكز قوى لها على الساحة السورية، تؤسس فيها لذاتها حضوراً في المنطقة. حُلماً بأن يكون لها نفوذ مؤثر في الساحات العربية في محاولة مد الأذرع إلى دول الجوار. في ما يراودها من أحلام العصافير بعودة إلى الخلافة العثمانية، التي أرهقت الأمة الإسلامية مئات السنين من التخلف وقضم حقوق المرأة في عصر الحريم وجواري السلطان.‏

ومع شديد الأسف تحول الغشاوة السوداء بين المشهد وأنظار البعض، وبالذات الدعم الغربي والأمريكي الذي يمد يده لمساعدة سورية على تخطي أزمتها ظاهراً وتمتد يده الأخرى لتغذي خلايا الإرهاب المنسلة إلى سورية الوطن...‏

في هذا الخضم المتلاطم الأمواج يتعلم الشعب السوري السباحة مضطراً وهو يتلفت حوله تلمساً لشاطئ آمن يتجه إليه.. وتبرز المبادرة السورية سفينة النجاة، فيها جميع أدوات الإنقاذ تعرف اتجاهها الصحيح لشاطئ الأمان. كلما وجدت في طريق إبحارها مجموعات تتقاذفها الأمواج، تلقي بأطواق النجاة وزوارق الطوارئ لسحبهم إلى المركب الذي يضاهي سفينة نوح، التي نجّت الذين يحبون أرضهم وأهلهم بعيداً عن العابثين الذين اختاروا الغرق نهايةً، تلتهمهم فيها أسماك القرش والحيتان...‏

حقيقة المشهد في التوصيف يضاهي الواقع، فسفينة النجاة والحياة هذه هي المبادرة الوطنية الخالصة في انتماء هويتها، وأطواق النجاة هذه سبل الحوار البيني التي توصل إلى طاولة الحوار الحاضن في قلب السفينة لجميع المبحرين، وصواريها كل الأوراق المقدمة من جميع الأطياف (ركّابها الذين يحبون سورية) إلى الحوار الوطني، حيث تتحرر الفِكرُ وتنطلق الرؤى وتطرح قضايا الوطن كافة ويذهب الجميع في النهاية إلى الميثاق الوطني. ذاك الشاطئ الذي ينتظر الركاب لترسو عليه سفينة النجاة هذه، فينطلق من خلاله جميع أبناء الشعب لبناء سورية المتجددة في منظور منشود تتحقق فيه رؤى الجميع. فكراً وعدالة وديموقراطية وحرية وتعددية، وقبل كل ذلك كرامة المواطن العربي السوري، التي لا يضاهيها في كفة الميزان ذهب الدنيا وفضتها لأنها الأغلى. ولا يقف في نديتها إلا عشق الوطن سورية حيث يرخص كل غالٍ وثمين...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية