تاريخ اليوم موصول بتاريخ الأمس فمع تحرير المعرة يأتي في البال مافعله المعري بالقائد العسكري صالح المرداسي عندما وصل تخوم معرة النعمان بجيش كبير وأرسل إليهم رسولا يخبرهم بتسليم المدينة فما كان من أهالي المدينة إلا أن يستغيثوا بحكيمهم وفيلسوفهم المعري ليجنبهم الحرب والقتال
خرج المعري للقاء المرداسي رغم خوفه من المجهول في ملاقاة قائد عسكري لايعرف سوى لغة الحرب، وعندما علم القائد العسكري بأن المعري يريد لقاءه قال (شخصية كالمعري لايأتي إلينا، بل نحن من يذهب إليه).
وفي قصيدة تروي فحوى اللقاء ينقذ المعري مدينته وأهله وتنتصر فلسفته وعقله على جيش المرداسي:
ولما مضى من العمر إلا الأقل
وآن لروحي فراق الجسد
بُعثت شفيعا إلى صالح
وهذا من القوم قول فسد
فيسمع مني سجع الحمام
وأسمع منه زئير الأسد
مكانة المعري بين أهله وأهل زمانه جعلت من المرداسي يتراجع عن دخول معرة النعمان وقال للمعري (نحن الحمام وأنت الأسد) وأمر جنوده بترك المدينة آمنة.
في عصرنا هذا وُجد وحوش وفصائل من الإرهابيين الذين لم يوفروا المعري تمثالا يدلل على النور والعقل والفكر في تلك المدينة.
رواد الجهل والظلام والإرهاب والتكفير اندحروا صاغرين كما بالأمس وسكان المدينة عادوا لإحياء تاريخها ومتحفها الذي أخفوا مقتنياته عن أعين الإرهابيين فبقيت سليمة محفوظة، ووعدت مديرية الآثار بترميم كل ماخربته يد الكفر والإرهاب وترميم تمثال المعري وإعادته إلى مكانه منارة يهدي بفكره وفلسفته ضالة الناس في كل زمان ومكان.
صفحة جديدة في صفحات المجد والعقل والفكرتُسطر الآن فلا مكان للجهل والإرهاب في كتب تاريخنا الذي ينتصر دائما للحق والنور والعلم والفكر والثقافة والفلسفة وصمود أهلهم على مر التاريخ.