بل كانت قد لعبت دوراً في التصويت على عقوبات اقتصادية غير قاسية لكنها قبلت بها للضغط على إيران لإيقاف عمليات ضرورية متعلقة بتصنيع سلاح نووي,بعد ذلك جاءت زيارة بوتين إلى طهران في 16 تشرين الأول ,فهل حملت هذه الزيارة إعلانا عن تغيير ما في هذا السلوك?.
عندما استقبل الرئيس بوتين نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في موسكو الأسبوع الذي سبق زيارته لطهران ,أكد الرئيس الروسي بأنه لا يمتلك أي معلومات تفيد بأن إيران تتطلع إلى تصنيع سلاح نووي .
لكن حتى الآن الرأي العام الدولي يرتكز في مواقفه على قناعات تعاكس ذلك .
وقد شدد بوتين في طهران على حق الإيرانيين بإنتاج الطاقة النووية من أجل أهداف سلمية وهي نقطة لا يعترض عليها أحد ,شريطة أن تحترم إيران مبادىء معاهدة عدم انتشار السلاح النووي التي وقعت عليها.
وقد ذكّر زعيم الكرملين بأن روسيا كانت الدولة الوحيدة التي ساعدت إيران ببناء مركز المفاعل النووي (بوشهر) لكنه لم يحدد إن كانت بلاده الممول الرئيسي لأسلحة إيران الكلاسيكية .
وفي الحقيقة أن الرئيس بوتين يعمل على صعيدين ,فمن جهة يؤمن حماية للإيرانيين ويمنع مجلس الأمن من أن يتخذ ضدهم عقوبات أكثر قسوة كما يدعو العالم إلى المفاوضات والصبر,ومن جهة أخرى هو يتحاشى أن يحدث انقسام في الجبهة المشتركة التي تجمعه مع الدول الغربية لذلك يحاول الضغط على الإيرانيين لتعليق الأعمال في مركز بوشهر بحجة أن هناك مصاعب مالية ,إلا أن طهران تنفي ذلك علما أن روسيا يعتملها القلق كالدول الغربية من رؤية إيران وقد امتلكت السلاح النووي لكنها تشك بقدرتهم على ذلك في المدى المنظور.
وضمن هذه الشروط يبدو الملف الإيراني بنظر بوتين فرصة ممتازة للضغط على الدول الغربية كما اعتاد أن يفعل ذلك في قضايا أخرى كقضية كوسوفو, والحد من التسلح في أوروبا أيضا لا ننسى أنه يولي عناية خاصة للحفاظ على علاقته مع القوة الإقليمية الصاعدة, حيث التأثير الكبير لسياسات المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط .
ويتابع بوتين مناورته هذه دون أن ينسى تضامنه الشكلي مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ,لذلك فهو يحتل وبشكل ناجح موقع الوسيط,ولا يرى في تصلب المواقف الغربية وخاصة الفرنسية منها إلا سياسات غير مناسبة وهو على استعداد أن يعمل للحصول على تنازلات ولو شكلية من طهران ,وفي هذه الحالة يرتفع صوت بوتين لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وليعطي لروسيا كيانا أكبر على الساحة الدولية ,وذاك هو الهدف الأساسي من رئاسته.
الافتتاحية -بقلم رئيس التحرير