تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


متابعـــــات فـــــي العمـــــق لوحـــــدة الإرهـــــاب والغـــــرب

دراسات
الثلاثاء 18-9-2018
د: أحمد الحاج علي

سوف يكون من المهم أن نستطلع آفاق مرحلة الإعداد التي سبقت هذه المؤامرة الكبرى على سورية، حتى لا يتسرب إلى ذهن المواطن أن هذا العدوان هو حالة مفاجئة نمت واستطالت بصورة كيفية، ولربما بطريقة التداعيات،

حيث أراد الكثيرون الربط بين هذا العدوان الخطير وطبيعة المواجهة الوطنية السورية له منذ بدء الأحداث، وهنا لابد من استرجاع العمق والمقدمات الكبرى في هذه الحرب العدوانية التي كانت مشروعاً فكرياً وعسكرياً مقصوداً لذاته، وقد استغرق سنوات كثيرة من الإعداد والتنظيم والتدريب وتوزيع الأدوار إلى أن تم إطلاق الإرهاب منذ آذار في عام 2011، وكأمثلة على مسار العمق في العدوان نقتطع فكرة أطلقها بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأميركي على الرئيس الأميركي جيمي كارتر حيث يقول: (إننا لابد أن نترك المعركة للمسلمين يخوضونها باسم الجهاد الإسلامي ضد الإلحاد المادي وأن تتكفل أميركا بتمويل هذا الاتجاه) وإذا ما تابعنا المسألة الخطيرة باحتمالاتها وتأثيراتها قبل البدء بتنفيذها نرى جوانب كانت واضحة.‏

وفي إطار ذلك نستشهد بقول الصحفي والمفكر الكبير محمد حسنين هيكل حيث قال: (إن موضوع الإرهاب من أوله لآخره كارثة أصابت العرب في أنفسهم وقضاياهم ومستقبلهم، ثم إن الشظايا طالت أطرافاً عربية وإسلامية بادرت وتطوعت لخدمة الإرهاب وسمحت بأن يكون الجهاد الإسلامي مركبة مجانية للسيطرة الأميركية).‏

إننا باجتماع القولين نتمكن من رسم الأطر الكبرى لهذا العدوان على سورية ونستنتج من خلال ذلك مقاطع ثلاثة هي التي ينتظمها التداول في هذا الصراع حتى هذه اللحظة، إذ في المقطع الأول تتبدى تماماً علاقة الدول الاستعمارية الغربية بالتنظيمات الإرهابية ولاسيما في مرحلة الإعداد والاستعداد لبناء الإرهاب والتهيؤ لإطلاق المشروع الإرهابي في الداخل الوطني السوري وهنا نكتشف عمق العلاقة العضوية ما بين الإرهاب والغرب الاستعماري وفي ركابهما العدو الصهيوني ومجموعات الحكام العرب ولاسيما من دول الخليج.‏

إن هذه القائمة تنتمي لمنشأ واحد ومنذ ولادة الإرهاب بقي هذا المنشأ هو الذي يحكم التطورات على عمقها بين أطراف هذا العدو المختلط والحكمة تقول من رُبّي على أمر استمر فيه حتى نهاية المطاف وهذه خاصية تترافق مع كل التطبيقات الإجرامية الإرهابية التي وقعت على سورية منذ البدء وحتى الآن.‏

وفي المقطع الثاني نتابع هذه البرامج والمشاريع الموحدة للإرهاب ورعاته سواء في الميدان العسكري القتالي أو في الميدان الإعلامي أو في الميدان الشعبي الذي جرت محاولات اختراقه عبر المأجورين والعملاء أولاً وعبر الارتدادات النفسية التي تخاطب الغرائز وتسعى لهيجانها من دون مبرر أو منطق ولاسيما بالاستناد إلى التحريض الطائفي القائم والقاتل وكذلك في إطلاق التجارب الشخصية سواءً أكانت صحيحة أو مفتعلة لتتحول إلى مادة معممة.‏

وأما في المقطع الثالث فقد استمر هذا النهج الاستعماري الإرهابي الموحد في محاولات تجميد المد الوطني السوري الذي صار مثالاً عالمياً في طرد الإرهاب والإرهابيين وفي الكيفيات التي تجري فيها المعارك القاسية الكبرى على قاعدة وحدة الإرادة وحسن الإدارة بخوض هذه المعارك وصولاً إلى أبعاد النصر النهائي الأكيد.‏

إن هذه المقاطع الثلاثة تستغرق منذ حالة التهيئة إلى حالة البدء إلى حالة الظهور السياسي العسكري والعلني الذي يتبدى اليوم في أبشع صوره أوقح مبرراته، وفي عمق هذه الرؤية نستطيع أن نحط الرحال في التحليل عند معركة المصير النهائية في إدلب، ونلاحظ كيف تكشفت فيها كل المواقف للأطراف الإرهابية والاستعمارية والإقليمية والدولية، حيث إن جميع هذه الأطراف وفي عمقهم تركيا أردوغان يكرسون الجهد الإعلامي والسياسي عبر مادتين متلازمتين، الأصل والقصد فيهما هو وقف المد الوطني السوري في الشمال، ومن ثم إعطاء فرص وليس فرصة واحدة للبحث عن مخرج للتنظيمات الإرهابية من جهة ولمواقف الدول الغربية صاحبة المصلحة في الإرهاب وتنظيماته وأشلائه في هذه الأيام.‏

ويتجه هذا الموقف كل يوم إلى رفع مستوى التهديد لسورية إذا ما حررت ادلب العربية السورية، فذلك كما يعلن وزير خارجية فرنسا في مجلس الأمن سوف يؤدي إلى أضرار كبرى بأوروبا كلها، ولذلك كما قال فإن الحل العاجل والآجل هو في لجم الإرادة الوطنية السورية ومنع قوات هذه الإرادة أن تستكمل مشوارها المصيري في تحرير كل الجغرافيا الوطنية السورية، في سبيل هذه الغاية التي صارت خيط الربط بين الغرب الاستعماري والإرهاب وتركيا أردوغان وأنظمة الخليج. لابد إذاً من أدوات وآليات تؤمن لهذه الغاية مناخاً ولربما تأثيرات مهمة كما يتصورون على عمق الموقف الوطني السوري ومن هنا فقد لجأت هذه القوى إلى الفبركات وأخطرها هذه التهم الموجهة للقوات المسلحة السورية بأنها سوف تستخدم السلاح الكيميائي ضد المدنيين في إدلب المدينة والمحافظة، والاستعدادات المعادية هي على قدم وساق جرياً وراء تطبيقات ضد سورية حشدوا لها المواد الفنية وخبرة التزوير وتكنولوجيا التصوير ووظفوا في سبيل هذه الغاية مجموعات ومنظمات وأفراداً وفي عمقهم منظمة الخوذ البيضاء وأعدوا لهذه الغاية الأطفال المخطوفين ودربوا كل المجموعة على بروفات تحاكي المشهد الحقيقي، والذي يتوقعون من خلاله أن يحصلوا على الذريعة التي سوف تليها مباشرة عملية توجيه الضربات العسكرية الصاروخية ضد سورية من قبل أميركا وبريطانيا وفرنسا، وقد التحقت بهم ألمانيا ودول أخرى هي أعضاء في ملف شمال الأطلسي، والمسعى واضح في هذه اللحظة وهو إيقاف زحف المد السوري المشروع، إما بتأثيرات التهديد بالقوة أو باستخدام القوة العسكرية المباشرة، وهذه اللحظة هي موضع صراع الإرادات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية