|
بينهم وأمام أعينهم إضاءات وإنما امتد إلى ساحة الإبداع التشكيلي، حيث حقق حلماً غالياً رافق الفنانين التشكيليين منذ بدايات الفن الحديث في بلادنا، وهو حلم إيصال فنهم إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين. كانت الوسيلة الأنجع - ولا تزال - لتحقيق هذه الغاية هي اللوحات الجدارية والأعمال النحتية التي توضع بشكل دائم في الساحات العامة، وفي المباني الحكومية، والمجمعات، وفي قاعات المؤتمرات، بهدف أن تتعود عين المشاهد على الفن، وتختزنه ذاكرته البصرية. ولم ير هذا الحلم النور إلى أن تأسس معرض دمشق الدولي وظهرت أول بادرة بتكليف الفنانين التشكيليين بأعمال فنية، وكان النحات الحلبي الشهير فتحي محمد أول فنان تشكيلي كُلف بعمل في مدينة معرض دمشق الدولي، وقد صمم ونفذ أربع لوحات جدارية من النحت البارز في الجناح السوري تمثل خيرات البلد، ورموز الفعاليات الاقتصادية في الزراعة والصناعة والتجارة، وباتت هذه اللوحة من أساسيات الجناح السوري. وعمل زهير صبان مع جورج خوري في تصاميم لوحات زيتية، بأسلوبهما الانطباعي المعروف، في بعض الأجنحة، بقصد تجميل خلفية للبضائع المعروضة، ورسم رشاد قصيباتي العائد من إيطاليا لوحات الطبيعة الصامتة في أجنحة الزراعة والتموين، وصار الفنانون السوريون يتعاونون أكثر فأكثر، سنة بعد سنة، مع إدارة المعرض وظهر اسم الفنان النحات سعيد مخلوف، الذي عّلم نفسه بنفسه، فأبدع في تطويع جذوع الأشجار وحولها إلى أشكال فنية تعتمد على تحريك الشكل في الفراغ بإيقاعات انسيابية غير عادية. ومنحته إدارة المعرض مشغلاً دائماً في مدينة المعرض أصبحت له ذكرياته الثرية في الحياة الثقافية والإبداعية، وبدأت مواهبه تتطور من النحت إلى تطويع الحديد وإيجاد أشكال إنسانية ونباتية مستوحاة من رقص الباليه زينت واجهة مسرح مدينة المعرض، كما زينت واجهة بوابة الضيافة. لعل أول لوحة جدارية طويلة (15 متراً) كانت تلك التي رسمها محمود حماد في صدر الجناح السوري عن فلسطين ونضال الشعب العربي الفلسطيني، لخص فيها قصة نضال هذا الشعب منذ نكبة 1948 وأغلق اللوحة بحلم الانتصار والتحرير والعودة. وبعد جدارية محمود حماد عن فلسطين التي نفذت بألوان بلاستيكية، نُفذت جدارية نحاسية (نحت بارز) لمجيد جمول على الواجهة الرئيسية للجناح السوري، ولوحة لعبد المنان شما وممدوح قشلان على جدار جناح البريد والهاتف في مدينة المعرض، ولوحة لغازي الخالدي بطول ستة عشر متراً وعرض أربعة أمتار، بالإضافة إلى لوحات جدارية كثيرة كانت تُرسم كل عام على الجناح السوري لعدد كبير من الفنانين الشباب، يتناوب على رسمها كل عام فنان أو أكثر، وتصور رموزاً عن المجتمع السوري وتطوره، غير أن أهم لوحة كانت جدارية عملاقة للفنان المعلم فاتح المدرس معروضة اليوم في قاعة الاستقبال بمدينة المعارض. ومن الأسماء المبكرة التي ظهرت على مساحة الإبداع في مجال الديكور مع بدايات معرض دمشق الدولي اسم الفنان فريد زنبركجي وخالد معاذ، و وهبي الحريري، ومصمم الديكور العريق سعيد النابلسي، يعاونهم بعض الفنانين الهواة، وظهر اسم محمود دعدوش العائد من روما، مصمماً لبعض الديكورات يعاونه بعض الفنانين الهواة، وفي نفس الفترة برز اسم هشام المعلم العائد من بريطانيا ومعه زوجته المهندسة التي عملت مساعدة له، وعمل بنشاط واسع في تصميم وتنفيذ والإشراف على أكثر من جناح في المعرض، وعمل شريف الأورفلي ومعد الأورفلي معاً في عدد غير قليل من الأجنحة في التصميم والتنفيذ والإشراف، وكان معد أورفلي مرافقاً لأستاذه النحات المصري المعروف صلاح عبد الكريم الذي كان قد حضر مع زميله عبد السلام الشريف من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة للمساهمة في تصميم ديكورات وتزيين معرض دمشق الدولي، والذي صمم بعض النُصب التذكارية ومن أهمها النُصب الذي ما زال حتى الآن يتلألأ بأنوار وألوان الزجاج المعشق مطلاً على ساحة الأمويين بدمشق. كانت إدارة معرض دمشق الدولي أول من شجع ودعم فكرة اللوحة الجدارية الكبيرة، فكان يتم كل سنة اختيار عدد من الفنانين لتكليفهم بتصميم هذه اللوحات، وتُناقش مقترحاتهم من خلال الدراسة الأولية التي يقدمونها على الورق (الإسكيز). وقد اتُبِع هذا التقليد مع الأعمال النحتية الموجودة الآن في مدينة المعارض الحديثة، من خلال مسابقة لتقديم النماذج النحتية المقترحة، وتم تكليف الفائزين فيها بتنفيذ نماذجهم ضمن ملتقى للنحت أقيم في مدينة المعارض قبل سنتين من الانتقال إليها. وهكذا بدأت بالظهور لمسات الفنانين في التصاميم الفنية للديكور الداخلي وتزيين الأجنحة، وواجهاتها، كذلك ظهرت إبداعات الفنانين من خلال النصب النحتية واللوحات الجدارية، محققة أعلى نسبة مشاهدة يأمل بها التشكيلي السوري. www.facebook.com/saad.alkassem
|