تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأجندة المؤجلة!!

شؤون سياسية
الأربعاء 21/3/2007
أحمد أبو سلعوم المناصرة

محاولات كسب الحرب دون خوضها.. في جزء من حملة منظمة -يطلق عليها في العلم العسكري- الاستطلاع بالقوة,

تقوم على مفاعيل خوض حرب ما ضد الخصم من خلال ما يسقط سهواً مقصوداً من وسائل الإعلام, واسعة الانتشار وتتمتع بنوع من المصداقية, وذلك للوصول إلى مرحلة إرهاب وإرباك الخصم لمعرفة مدى ردود أفعاله, وعلى ضوء ذلك تتم أشكال الضربات العسكرية الباردة..‏

بين الحين والآخر تطالعنا وسائل الإعلام الأميركية بمعلومات طازجة حصلت عليها من خلال الشطارة والسبق الصحفي, عن نية الإدارة الأميركية للقيام بضربة عسكرية ماحقة لإيران, تصل إلى حد استخدام السلاح النووي إذا لزم الأمر!!‏

وآخر ما جاء في هذا المجال ما ورد على لسان بوش من أن إيران تساعد أعداء أميركا في العراق, وهدد بوضع حد نهائي لذلك, وأعلن أحد مستشاري بوش ستيفن هادلي بأنه لا يستبعد هجوماً على إيران, وأن كل الاحتمالات ما زالت على الطاولة وذلك في تلميح مباشر بإمكانية توجيه ضربة عسكرية لإيران.‏

لم تكتف الإدارة الأميركية بالتصريحات حيال هذا الموضوع, بل لجأت إلى القيام بعدة خطوات مبرمجة تعزز إمكانية الهجوم العسكري, من خلال اللجوء إلى تحشيد الإعلام والرأي العام المحلي والدولي.‏

فركزت رايس خلال جولاتها في المنطقة على محاولة كسب ود وتأييد البلدان التي زارتها من أجل تنفيذ دعم فرض عقوبات ملموسة في حال عدم امتثال إيران للقرار, واستطاع الرئيس بوش من خلال اتصالاته المكوكية من كسب موقف موسكو المؤيد للعقوبات, وتم كسب موقف مماثل من الصين, فيما المجموعة الأوروبية بطبيعة الحال تؤيد الموقف الأميركي, أما على الصعيد العسكري العملياتي, فقد أمر بوش حاملات الطائرات والغواصات بالتوجه إلى مياه المنطقة.‏

وبدأت الإدارة ومعها وزارة الدفاع بإقامة خلية أزمات من خلال نصب شبكات صواريخ (باتريوت) في المنطقة وحول إيران.‏

غير أنه وفي واقع الأمر ومن خلال -ضرب عصفورين بحجر- يكون بوش قد ضاعف بشكل عملي من حجم القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة والخليج.‏

أما على صعيد الإعلام, ومن أجل حشد رأي عام دولي مؤيد لضرب إيران, تنشط الأبواق الإعلامية التي تدور في الفلك الإسرائيلي واليمين المحافظ في مهاجمة إيران وإبراز الموقف المخيف لو استمرت في برنامجها النووي, وفي إثارة المتاعب الجمة أمام القوات الأميركية في العراق.‏

ويختلف سيناريو الهجوم الأميركي على إيران من وقت لآخر, وتنشر الأبواق الإعلامية خططاً متناقضة للهجوم, إلا أن هناك شبه إجماع على أن أي هجوم على إيران سيتم من خلال توجيه ضربات صاروخية استراتيجية تشتمل على عشرة آلاف هدف في اليوم الأول للحرب, بحيث تقوم الولايات المتحدة بالتركيز أساساً على منع إيران من الرد.‏

غير أن خيار الإدارة الأميركية بالتحرك عسكرياً يظل محدوداً في ظل معارضات تنمو في تزايد ضد الحرب, فالنموذج العراقي شكل كابوساً مرعباً لكل أطياف الإدارة الأميركية التي تعي تماماً الصعوبة في فتح جبهة ثانية, وتجد الولايات المتحدة -وفق آراء العسكريين- أن الوضع الأميركي في العراق يمنع ويحد من القدرة الأميركية -المحدودة أصلاً- والتي تعاني من نقص هائل في العدة والتعداد, ما دعا الإدارة إلى خفض مستوى المؤهلات للمتقدمين إلى الخدمة العسكرية, بحيث بات في مقدور الحاصل على الشهادات الابتدائية أو أصحاب السوابق وذوي السجلات الجنائية ومدمني الكحول والشواذ جنسياً من الالتحاق بالقوات المسلحة, ورغم كل هذا الشحن, فإن إسرائيل تظل المستفيد الأول إن لم يكن الوحيد, من توجيه ضربة عسكرية لإيران, بحيث تعتقد الحكومة الإسرائيلية أن هذا الوقت بالذات من أنسب الأوقات للقيام بمثل هذه الخطوة, فهي اليوم أي الحكومة الإسرائيلية تلعب بفرح دور (وكيل الشيطان) دون أن ندري ما موقف الرئيس بوش ووضعيته بعد سنة مثلاً بعد هزيمة إسرائيل المذلة في لبنان, أو هزيمة القوات الأميركية المرتقبة في العراق.‏

أما السيناريو الآخر, فإنه أمام التردد الأميركي والمعارضة الشعبية المتنامية وانشغال الإدارة الأميركية في توفير الطريقة الأمثل للخروج من وحل العراق, فهل تقوم إسرائيل بهذه المهمة?!.‏

وذكرت التايمز اللندنية أن إسرائيل قامت بوضع خطط لتدمير منشآت إيران النووية ومراكز الصواريخ فيها وأن ضباطاً وخبراء من الجانبين اجتمعوا أكثر من مرة لدراسة إمكانية القيام بذلك.‏

لكن يبقى خيار إسرائيل.. دفع الولايات المتحدة للقيام بتلك المهمة, حيث بدأت الحكومة الإسرائيلية باستخدام نفوذها لدفع الولايات المتحدة للقيام بشن الحرب, فقد بدأ الضغط الصهيوني على أعضاء الكونغرس المؤثرين في القرار الأميركي, من أجل تأييد الرئيس الأميركي تأييداً مطلقاً في حربه المتوقعة على إيران.‏

واستطاع اللوبي الصهيوني من دفع السيناتور ستيني هوبير زعيم الأغلبية الديمقراطية للقول بإنه من غير المعقول السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي.‏

وفي كل مرة يحمل الإسرائيليون ملف إيران النووي معهم في جولاتهم وتجوالهم إلى الدول التي يزورونها, طلباً لدعمها في تأييد ضربة عسكرية لحماية العالم من الخطر النووي الإيراني, وكأن الأسلحة والمنشآت النووية الإسرائيلية منذ نصف قرن هي لإنتاج أدوية علاج أمراض السرطان!!!.‏

ويبقى السؤال المطروح هل ستقوم الولايات المتحدة بشن حرب ضد إيران في المدى المنظور وهل ستكون بمفردها, أم ستكلف إسرائيل بذلك على غرار تكليف أثيوبيا بشن حرب بوكالة حصرية على الصومال!! ومتى ستكون الأمور في حالة نضج? وما المقاييس المتبعة لذلك?!.‏

صحفي وباحث فلسطيني‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية