أما هو فيتابع نظرات التحدي الواثقة كأنه في حالة نزاع ويريد أن يستفز عدوه ما إن سمع تلك الملاحظة, وقد نرى شاباً آخر يوشم زراعة ب/خنجر يقطر دماً/ أو تنيناً ينفث ناراً, فنشكل له في أذهاننا صورة لشخصيته دون أن يتكلم.
فلماذا هذه المظاهر ترتبط أكثر ما ترتبط بعمر, الشباب, ترى هل هي بمستوى الاستهجان الذي نحمله لها..? أم أنها سلوكية يعبر الشاب فيها عن نفسه بعيداً عن كل هذه الاعتبارات..?
وهل هذه السلوكية المظهرية وجه آخرلأزمات شبابية تبحث عن منفذ ما كي تمر عبره...? أم أنها أمر طبيعي مرتبط بالخصائص العمرية لهذه الفئة.
سألنا أحدهم فأجاب ببساطة: الحياة تغيرت وتتغير باستمرار, وليس من الضرورة أن أبدو كما يريد لي أهلي لا أعتبر نفسي سلبياً لتمسكي بهذه الموضة, أحب أن أفعل شيئاً أريده, طالما لا أسبب الضرر لأحد, إنها موضة أدخل بها إلى عالم الشباب /المودرن/ ثم أنني أجرب فما المشكلة..?
إلا أننا من جهة أخرى نجد هذه المظاهر الشكلانية في أحد جوانبها حالات اغتراب, تتجلى عبرها أزمات اقصاء يعيشها الشاب في مجتمعه وقد أكد هذا الجانب الدكتور /عال رحومة/ في بحث قدمه في مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة والفنون- جامعة دمشق حول الشباب فقال: أمام انسداد الأفق يختار الشاب الخمول بدلاً من الجد والتعب والاقتناص لمتعة فورية بدل التخطيط للمستقبل, خصوصاً أن الشاب مازال يعيش على نمط التلميذ الذي كان في كنف العائلة ويضمن مصروفه اليومي, ليتسم بالامبالاة هنا ومحاولة التبرم من كل سلطة أمرية تمتص إحساسه بأنه رجل, فتنمو عنده نزعة أقرب إلى العدمية تستمد نماذجها السلوكية, وأساليبها من خارج الثقافة المحلية وتتغذى من ألوان الموضات وصرعات الثقافة الشبابية, وتنطوي تحت عنوان النزعة التمردية, فتكون أحد أهم تجلياتها المظهر, ذلك المظهر الذي يعني شكلاً من أشكال التواصل مع المحيط يعرض من خلالها نفسه عرضاً ممسرحاً حيث لا يسع الشاب إلا جسده يتخذه فضاء تعبيرياً وتواصلياً لمسرحة الذات, وإثبات حربتها على الجسد ليمرر من خلاله رسائل استفزازية لا مبالية, إلى ثقافة المحيط, ويكون ذلك التعبير هو الرهان الوحيد يكمن فيه التحكم في استراتيجيات المظاهر ضد الواقع وبغرابتها تعبر عن ثقافة الشباب الفرعية, حلاقة الرأس مثل النجوم, صباغة الشعر بألوان زاهية, الوشم بثعبان أو فراشات أو طيور ليكون الجسد فاترينات الحلم الضائع وصحيفة الذات المقصية تعرض كي تستفز قارئها وتعطى للذوق صفة الفرجة وإن كانت مستهجنة وتصبح تلك المظاهر وطقوسها العناد الموجه لعامة الناس والمقاومة الطقوسية حلاً رمزياً للمشكلات تجد لها حلاً مع المحيط.