فبعد أن لبس قيس الجينز, واستبدلت ليلى كحلتها العربية ب(السيليكون) تحولت النجوى إلى ما يسمى (البلوتوث) وغير الحمام الزاجل هندسة أعشاشه لتصبح شبكات للبث ترسل وتستقبل رسائل العشاق الجاهزة وكلمات الغزل المعلبة وبدلاً من لوعة الشوق وحرقته التي اكتوى منها العديد من شعراء العشق العذري أصبحنا اليوم في عصر السرعة وما عاد من الضروري أن ينتظر قيس محبوبته عند عين الماء لساعات وساعات ( فتعليمة) على الموبايل و تكون ليلى جاهزة.
فكيف طورت التكنولوجيا حبنا?
لدينا مشكلة حقيقية في مجتمعنا الشرقي هذا ما يقوله زيد قطريب حيث يجد أن علاقة الرجل بالمرأة تشكل عقدة لدينا لذلك أي تطور أو دخيل على مجتمعنا سيؤثر بشكل أو بآخر على هذه العلاقة.
أما دارين فتجد أن جميع المحبين قد وحدوا عبارات غزلهم المستوردة فإذا استلطفها أحدهم أو رغب حبيبها بمصالحتها فلا يحتاج الأمر إلا بضع ثوان حتى تصلها رسالة جاهزة كوجبة سريعة طهيت( بالميكرويف) وتتساءل دارين ما تعليق جميل بثينة إذا كان موجوداً بعد أن قضى أياماً وليالي يستلهم قصيدة يناجي محبوبته.
نعم قضي على الحالات الإبداعية الشعرية وتبخر عدد الشعراء حتى الجفاف هذا ما استنتجه أيمن اسمندر الذي يرى أن التكنولوجيا جردت الحب من الأحاسيس بل وقضت على درجاته واستسهلته فمن يفقد محبوبته بإمكانه عبر أي جهاز موبايل أو كومبيوتر الاستعاضة عنها في التو واللحظة.
نائلة تجد أن غيرة الحب أخذت مظهراً تكنولوجياً أيضاً فبدل من أن يغار حبيبها من نظرات المعجبين أخذ يغار من (الموبايل) و(الانترنيت) فعند لقائها معه يمضي قيسها أغلب وقته في التفتيش ب( المسيجات) والبحث عن مرسل( البلوتوث) المجهول.
(انتقام تكنولوجي)
يقول المثل :(من يحب لا يكره) ولكن ما الذي فعله حبيب ريم السابق حيث تقول :نتيجة لخلاف افترقنا وفوجئت بعد فترة أن حبيبي سابقاً قام بتركيب صورتي على ( الموبايل) بشكل فاضح وبثها لجميع من يعرفونني.
حب العقل للعقل هذا ما فسره رامز في علاقة العشق التي تنشأ عبر ( الانترنيت) حيث نمد طريق الود من شرق الأرض إلى غربها نحو المجهول قافزين فوق المشاعر والأحاسيس والعاطفة والنتيجة في أغلب الأحيان صدمة يبدو أكثرها طرافة بأن تكتشف أن من راسلناه وأحببناه ينتمي لنفس صنف جنسنا والسؤال هنا لو كان شاعرنا بشار بن برد في أيامنا هذه فهل كان سيقول:
( التشات) يعشق قبل العين أحياناً?
وأخاف ما أخافه إن أصبحت ليلى في أحد الأيام أن يستبدلني قيس ( المودرن) بكبسولة من الدواء إذا ما شعر بالشوق إلي.