تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أفول أحلام الغزاة وشروق شمس انتصار السوريين

شؤون سياسية
الأحد 19-5-2013
 نبيل فوزات نوفل

إنها الحقيقة التاريخية التي أثبتت صحتها الأحداث والتي شهدتها البشرية بأن الامبراطوريات المتغطرسة التي تتخذ من القوة والهيمنة وسيلة لقهر الشعوب وإخضاعها، لابد أن تصاب بالتفسخ والضعف والتراجع ،هذا هو حال الرومان والبيزنطيين والمغول والبريطانيين واليوم الأمريكيين .

ومن يدقق فيما يجري في سورية يجد أن هناك مجموعات مسلحة تقوم بالقتل والأعمال الوحشية ، ينفذها مرتزقة ،وعصابات مسلحة ،مدعومة من الدول الغربية ، تدعمها الامبراطورية الأمريكية وأدواتها لتهيئة المناخ المناسب للتدخل الأجنبي العسكري المباشر تحت عباءة «المهام الإنسانية».‏

ولقد بات واضحاً أن أهم الأهداف للحرب على سورية:تتجلى في شلها كدولة، وتدمير بنيتها التحتية العلمية والاقتصادية ، وتحطيم جيشها العقائدي،لجعلها دولة رخوة ضعيفة ، ممزقة هشة ، وتدمير المشروع القومي العربي .ما يؤدي إلى تسليم قطعان الصهيونية والتكفيريين قيادة سورية وصولاً لإخراجها من قيادة المقاومة في المنطقة ،وإقصاء الحركات المقاومة للكيان الصهيوني في فلسطين ،وهذا ما أكده ايهود باراك بقوله: إن سقوط نظام الرئيس الأسد سيكون ضربة موجعة للمحاور الراديكالية ،وضربة قوية لإيران ،فسورية هي المحطة التي تربط إيران بالعالم الغربي ما سيضعف تدريجياً حزب الله في لبنان وغيره من القوى المقاومة .‏

ولقد أكد كبار السياسيين والمحللين، والقادة الأمنيين في الإدارة الأمريكية ، ضلوع هذه الادارة في التخطيط والدعم والتمويل والمشاركة في المجالات المختلفة في العدوان والحرب القذرة على سورية ،فهذا جيمس روبن يرى» بأن خطط الحرب الموجهة ضد سورية تتعلق بشكل مباشر بالخطط ضد إيران،فهما جزء من نفس الأجندة العسكرية الاسرائيلية الأمريكية التي تتضمن إضعاف إيران من منظور حماية إسرائيل و قطع ربط إيران بالبحر المتوسط ،أي شن ضربة استباقية ضد إيران، ويتابع فيقول:إننا لن ننتهي من احتمالية توجيه إسرائيل ضربة إلى إيران.‏

وهذا ما يؤكده كليفورد ماي رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية الذي يعطي المبررات لشن الحرب على سورية بقوله:»لأن سورية في ظل الرئيس الأسد هي أهم حلفاء إيران ، وتعد الخطر الاستراتيجي الوحيد الذي يواجه الولايات المتحدة الأمريكية».‏

ولقد تضمنت خطة الحرب على سورية عدة مراحل أهمها:‏

1-تنظيم وتدريب العصابات التكفيرية المسلحة في سورية ،وقد تضمن التدريب والدعم ،نشر وزرع المتطرفين التابعين لتنظيم القاعدة في سورية ،وإقحام القوات الخاصة في كل من فرنسا وبريطانيا وقطر وتركيا إلى داخل سورية، ودعم الناتو والولايات المتحدة لما يسمى المعارضة التي اخترعها ، ومدها بالمال والسلاح ودعمها في المحافل الدولية .‏

ولقد كشف الصحفي الأمريكي الشهير سيمون هيرش في مقال له في مجلة نيويورك الأمريكية (1/3/2007) الدور السعودي في دعم وتصنيع هؤلاء المجرمين نقلاً عن لسان بندر بن سلطان الذي يقول:» نحن من ابتدع هذه الحركة، ونحن نستطيع السيطرة عليها، ليس الهدف أننا لا نريد من السلفيين إلقاء القنابل، بل، من الجهة التي يجب إلقاء القنابل عليها، حزب الله، مقتدى الصدر، إيران، إلى جانب السوريين، إذا واصلوا عملهم مع حزب الله وإيران» .‏

2- تأجيج الصراع الديني الطائفي في المنطقة بين الدول العربية وإيران ، لحرف الصراع عن مساره الصحيح من خلال العزف على وتر أنها العدو الأول للعرب ،والتأكيد أن واشنطن وباقي الدول الأخرى يشاركونها القلق حول إيران. وتكليف السعودية بإقناع حماس بأن عدوها إيران ، والعمل على خروجها عن محور المقاومة ،والتحالف مع السلطة الفلسطينية الحالية .‏

3- العمل على ضمان الدعم للتحالف من أجل عملية عسكرية جوية دون تفويض الأمم المتحدة ، آخذين بعين الاعتبار عدم موافقة روسيا على هذا العمل ، والعملية الجوية المطروحة هي عبارة عن سيناريو حرب قريب من الغارات الجوية التي نفذها الناتو في ليبيا، وهذا ما أكدته سوزان رايس بقولها :»السيناريو الأسوأ والأكثر احتمالية في سورية ربما يكون التصرف من خارج سلطة مجلس الأمن»‏

و يرى روبن كاندلي الذي وضع خطوات التدخل العسكري الأمريكي في سورية،أن الحل الدبلوماسي لن ينجح،والعقوبات الاقتصادية لن تجدي نفعاً،بل التهديد واستخدام القوة هو من سينهي الموقف في سورية.وخطوة واشنطن هي العمل مع أدواتها وعملائها في المنطقة وفي مقدمتهم مشيخات الخليج العربي قطر والسعودية ،بالإضافة لتركيا لتنفيذ هذه المهمة.وما هو مرسوم فإنه بعد الضربة الجوية يقوم ما يسمى الجيش الحر والمرتزقة والإرهابيين بماركاتهم المختلفة ، بإكمال المهمة،وكشفت التطورات أن هناك تنسيقاً تاماً بين واشنطن وتل أبيب لدعم المرتزقة في سورية ،وكذلك بين تركيا و»إسرائيل «حول هذا الأمر،هذا ما يخطط له قادة القوى الامبريالية الجدد وعملاؤهم وأدواتهم .‏

أما السوريون والقوى المقاومة فلهم قول آخر ، فهم أعلنوها قولاً وفعلاً: إن كل آلاعيب وتآمر الخونة والقوى الامبريالية والصهيونية لن تلقى آذاناً لدى أبناء شعبنا العربي المقاوم الذي امتلك البصيرة وكشف الخونة وسيرميهم كما رمى السابقين أمثالهم في مزابل التاريخ ، وإن قضاياه الوطنية والقومية لن يستطيع أحد أياً كان المتاجرة بها أو المساومة عليها لأنها ممهورة بدماء الشهداء الأطهار ودماء الشهداء أمانة في أعناق الشعب العربي السوري وهو لن يعوق الأمانة أبداً، وإن القوى المتآمرة لم تستطع تحقيق أهدافها في إركاع الشعب السوري وتطويع قيادته المقاومة .‏

لقد بدأت قوى العدوان تلملم ذيولها، وخيباتها ،وتبحث عن الخروج من المعركة بأقل الخسائر ، فما هدفت إليه قد تساقط تحت أقدام الجيش العربي السوري ، فهم لم يستطيعوا تقسيم سورية ،ولا تدمير جيشها ،ولا تقطيع أوصال المقاومة، ولا إركاع سورية ،وحرفها عن نهجها العروبي المقاوم، وإن محور المقاومة يترسخ ويقوى وهو في عز قوته وتلاحمه ووصل إلى أعلى درجات التنسيق والتكامل .‏

وإذا كان الأعداء استطاعوا ممارسة القتل الجبان والأعمال الدنيئة ،فإنهم لم يستقطبوا إلا الذين ربوهم في أقبية مخابراتهم من أصحاب النفوس الضعيفة ،ومن الأنظمة التي صنعتها القوى الاستعمارية .‏

لقد رد عليهم الشعب السوري بالصمود والقوة والتضحية ، و القوى الصديقة لسورية لم تقف مكتوفة الأيدي ومتفرجة على العدوان ، وهم أعدوا لكل مرحلة عدتها، وبانت معالم سطوع الفجر المبشرة بالنصر المعطر بدماء شهدائنا الأطهار، والمسيج بزنود الجيش العربي السوري البطل، والمصان بعرق كل المخلصين في هذه الأمة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية