تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حماقات أردوغان والإرهاب الممنهج

شؤون سياسية
الأحد 19-5-2013
 د .حسن أحمد حسن

قالت العرب قديماً : «إياك والأحمق يريد أن ينفعك فيضرك»، إلا أن أردوغان طور هذا القول المأثور بطريقته الخاصة ليصبح : إياك والأحمق فإنه يضرك ويضر نفسه،

ولكي يتنصل من ذلك يرفع سقف الضرر بشكل تصاعدي غير آبه بالأذى الذي يلحقه بمن حوله حتى ولو كانوا من أقرب المقربين، وهذا ما ظهر جلياً بالتفجيرات الإرهابية التي ضربت منطقة الريحانية بالقرب من الحدود السورية ـ التركية، حيث سارع أردوغان وأركان حكومته للتغطية على جرائمه باتهام سورية من دون دليل، ولا يخفى على متابع لتداعيات الأحداث في المنطقة أن حكومة أردوغان تسعى لاستعادة ماضي السلطنة العثمانية، وتعمل بشتى السبل لتفتيت المنطقة بما ينسجم ومضامين خرائط «الفوضى الخلاقة «ومشروع »الشرق الأوسط الجديد» الذي بشرت به كوندا ليزا رايس في غمرة العدوان الصهيوني على المقاومة اللبنانية صيف 2006، وهاهم أصحاب المشروع يعيدون تسويقه تحت عنوان «الربيع العربي» المزعوم الذي لم يجلب للعرب إلا المزيد من الخراب والدمار وسفك الدماء وتعويم فكر «القاعدة» وشقيقاتها من مسميات مختلفة عنوانها الأبرز الفكر التكفيري القائم على ثقافة القتل والإجرام وتهديم بنى الدولة الوطنية وعوامل قوتها الشاملة، ويجندون لتنفيذ ذلك عدداً من الأدوات المأجورة والحكومات التابعة وفي مقدمتها حكومة الأحمق أردوغان ووزير خارجيته الذي استبدل تصفير المشكلات بتصفير الأصدقاء والأخلاق.‏

من المستفيد؟‏

من المتعارف عليه في القانون الجنائي أنه ما من جريمة كاملة، وللوصول إلى معرفة الجاني في أية جريمة يجب البحث عن المستفيد، فهل سورية المشغولة بمحاربة الإرهاب العابر للقارات تستفيد من فتح جبهة إضافية، أو من توتير الأجواء أكثر، أم أن مصلحتها الحقيقية في التخفيف ما أمكن من التوترات؟وهل من مصلحة سورية دعم الإرهاب الذي يعصف بها منذ أكثر من عامين، أم العمل على تقويضه وتجفيف منابعه؟ وكيف يمكن فهم إرسال سيارات مفخخة إلى الداخل التركي، في حين أن تفجيرها في صفوف العصابات المسلحة المأجورة على امتداد الحدود يسرّع في انتصار سورية على أولئك وعلى من يدعمهم؟ ولماذا تتم التفجيرات الإرهابية في مناطق تشهد مسيرات تأييد للنظام في سورية ، ومظاهرات تندد بسياسة حكومة أردوغان العدائية ضد سورية شعباً وجيشاً وقيادة؟ وما سر حدوث هذه التفجيرات في الوقت الذي بدأت تلوح فيه بوادر إيجابية نحو عقد مؤتمر دولي لإيجاد حل سياسي يضمن الحفاظ على وحدة الدولة السورية وسيادتها، ويترك للشعب السوري وحده قرار اختيار المستقبل الذي يريده بعيداً عن أية تدخلات خارجية؟‏

تاريخ السياسة السورية الحديث منه والقديم يثبت أن مثل هذه الجرائم لم تكن ضمن القاموس السوري في يوم من الأيام، لا بل على العكس، فسورية عانت الأمرِّين من الإرهاب المدعوم خارجياً، وقد أكدت كبريات الصحف العالمية والعديد من وسائل الإعلام والمراكز البحثية والوثائق الصادرة عن منظمات دولية رسمية أن سورية تحولت إلى المقصد الأول للإرهابيين الذين يتم تجميعهم من شتى أنحاء المعمورة والزج بهم في الداخل السوري لتفتيت سورية، وما تقوم به حكومة أردوغان إرهاب موصوف ، فالحدود التركية السورية تحولت على امتدادها إلى معابر لتمرير السلاح والمسلحين، ولسرقة ممتلكات الشعب السوري وتصدير الإرهاب بكل أشكاله، ناهيك عن معسكرات تدريب الإرهابيين وإيوائهم وإمدادهم بالمال والسلاح، وحكومة أردوغان شريكة بسفك الدم السوري، ولذلك هي مرفوضة من قسم كبير من الشعب التركي المتيقن من حرص سورية الحريصة على إقامة أوثق العلاقات معه، ويبدو أن الحماقة الأردوغانية لم تستطع فهم التوافق الأمريكي الروسي على عقد مؤتمر دولي لإيجاد حل سياسي بعد أن ثبت للجميع خطر تدحرج كرة النار وانتقال الإرهاب الذي تمت تغذيته إلى خارج الحدود السورية، وما قد يشكله ذلك من مخاطر على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.‏

إن إيجاد مخرج سياسي يحافظ على وحدة سورية وسيادتها يعني انتصار سورية في هذه الحرب شبه الكونية، ويعني أيضاً فشل الأدوات المأجورة في تنفيذ ما طلب منها، وحكومة أردوغان إحدى أهم تلك الأدوات، وبالتالي فإن من يقف وراء التفجيرات الإرهابية التي ضربت الريحانية متضرر من اتجاه الأمور نحو الحل السياسي، وجاءت التفجيرات لخلط الأوراق وقطع الطريق إن أمكن على هذا التوجه الدولي الجديد، فضلاً عن أن هذه الجريمة تُعَدُّ انتقاما من الشعب التركي الشقيق المتعاطف مع السوريين والمنتفض على سياسة حكومة أردوغان لأنها انعكست سلباً على مصالحه، وأثرت بشكل مباشر على حياته اليومية جراء إصرار حزب العدالة والتنمية الحاكم على دعم العصابات الإرهابية المسلحة لتعميم ثقافة الذبح والسواطير بدل ثقافة المحبة والتواصل الخلاق بين شعوب المنطقة.‏

استنتاجات ودلالات:‏

لا شك أن التفجيرات التي ضربت منطقة الريحانية عمل إرهابي مرفوض ومتناقض مع كل ما له علاقة بالقانون الدولي والقيم الإنسانية والأخلاقية، وبقراءة موضوعية للحدث ودلالاته يمكن تسجيل النقاط التالية:‏

- بصمة الإرهاب تدل على مرجعيته، ومثل هذه التفجيرات الإرهابية تحمل بصمة القاعدة وشبيهاتها من التنظيمات الإرهابية التي تحظى بدعم تركي يسهل لعناصرها العبور عبر الحدود من تركيا إلى سورية ، كما يسهل إمدادهم بالمال والسلاح وبقية أشكال الدعم اللوجستي التي تتحدث عنه علناً حكومة أردوغان وتدعي أنها تقدم الدعم «الإنساني» للشعب السوري.‏

- الحدود السورية التركية على امتدادها أصبحت تعج بأجهزة الاستخبارات المتعددة الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الموساد الصهيوني، وغيره من أجهزة الاستخبارات التابعة لأطراف العدوان على سورية.‏

-مثل هذه التفجيرات الإرهابية لا يمكن أن تتم إلا بالتنسيق بين العناصر المنفذة، وبعض الأجهزة التي تعرف نقاط القوة والضعف والثغرات الأمنية التي يمكن استغلالها ببعض التنسيق والتعاون.‏

-تفجيرات الريحانية شبيهة بالتفجيرات الكثيرة التي ضربت العديد من المدن السورية والعراقية والتي أعلنت «جبهة النصرة» مسؤوليتها المباشرة عن تنفيذها.‏

-الإرهاب لا وطن له ولا يحتاج إلى جواز سفر لعبور الحدود، ولطالما حذرت سورية من انتشار الإرهاب المصدر إليها وخطورته على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.‏

- الفكر الإرهابي قد ينقلب على من غذّاه ورعاه، ولا يستبعد أن يكون بعض من تعرضت بعض قريباته/ أم ـ أخت ـ زوجة ـ ابنة../ للاغتصاب في المخيمات التركية قد شارك في تلك التفجيرات للانتقام من الشعب التركي المتعاطف مع الشعب السوري، ومن السلطات التركية أيضاً على الجرائم التي ترتكب في المعسكرات التي أقامتها تحت عنوان مخيمات لإيواء المهجرين السوريين، والتي تمنع زيارة حتى النواب الأتراك للعديد منها.‏

إن إصرار حكومة أردوغان على صب الزيت على النار وتوتير الأجواء لن يؤدي إلا إلى مزيد من المآسي والكوارث على الجميع، وإلقاء التهم جزافاً لا يبعد الشبهات بل يزيدها، وعلى هذه الحكومة الحمقاء تقديم أجوبة واضحة على أسئلة كبيرة، وهذا لا يعفيها من المسؤولية المباشرة عن سفك دماء السوريين والأتراك بآن معاً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية