«قد تعشب الصحراء.. ياولدي» للشاعر فؤاد نعيسة
ملحق ثقافي الثلاثاء20 /12/2005 محي الدين الصالح هذا شعر يقدم نفسه. لكن من حق الشعر أن يجد من يعمل على تقديمه. إن كان يستحق ذلك. مع الانحدار...
يصبح الشعر وزناً وقافية.. أما المجددون الذين رأوا ذاك تخلفاً.. فلقد جاؤوا بإيماءات مهومة.. ليس من اليسير إدراك ما ترمي إليه. الشعر الحق.. هو الذي يجنبك المتاهات ويأتيك رائقاً كالنمير:ألفاظاً مأنوسة ومعاني تتسلسل كنبعة عذبة تخرج من ضمير الصخر، لتفرض نفسها عليك كما لو كنت هجست بها في وجدانك. >>> للناس أن يعرضوا عن الشعر في زمن الكساد، إذ يأتيهم كالفاكهة المصنوعة.. لون جميل ..وطعم تمجه الذائقة. كثير من مدبجيه.. وجدوا فيه مفتاحاً سحرياً.. تتفتح له الأبواب الموصدة. فإذا القصائد على الأرائك خدّام،وغلمان.. أما الذين لفتهم (مجد أبي الطيب) في تركه دوياً كأنما تداول سمع المرء... فلقد ارتاحوا للشهرة التي صنعها لهم ضجيج الإعلام، وناموا على الكؤوس العسجدية. >>> هكذا أصابنا اليأس. فانصرفنا الى الماضي نفتش فيه عن أصالة ترضي المشاعر وتوقظ فينا البحث عن اللباب. >>> ليس من السهل أن تستعاد الثقة. لكن.. لابد من محاولة لا سيما إذا وجد من استطاع أن يلفت إليه الأخدعين. وهذا شاعر.. قرزم الشعر في الستينات من القرن الماضي. ثم غاب، أو غيِّب في مدلهم من المشاكل حتى إذا ذرّ قرن الواحد والعشرين كسر الخابية. وخرج إلينا بشعر كالخمرة المعتقة. قد تملّ من هذا النرجسي الظريف لكثرة ما يتحدث عن نفسه وعن شعره..لكن.. عندما تقرؤه.. لابد وأن تعذره إذ تدرك أنه يعطي شعراً وأنه يريد لمحبي الشعر أن يعرفوا، أيضاً، أنه- في زمن القحط- قد يزهر النرجس!! وديوانه هذا.. الذي يعبر عنوانه-قد تعشب الصحراء- عن واقعنا الصعب هو الخامس من مجموعة اجتاحت المكتبات خلال زمن قياسي، وهي متوازية بقيمتها.. عديدة مواضيعها.. غنية بمضمونها. تؤكد للنقاد بأن حقل الشعر لم يبر. ذلك الشعر من حين لآخر، ينفض عنه غبار الركود ليزحم علينا وحدتنا، ويشدنا من لامبالاتنا الى قراءته من جديد. أو لنسمعه بصوت الشاعر خلال أمسية أدبية، فما ندري، أهو يقرأ قصيدة؟ أم ينثر نفساً حسّاسةً مطبوعةً بالجمال، تبهرنا ببساطتها. فمن خاف أن يأثم فيما إذا انتشى من خمرة المعاني.. فليتجنبه.
|