تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفنان محمد الوهيبي.. التواصل مع الذاكرة الحضارة

ملحق ثقافي
الثلاثاء20 /12/2005
معــــــد استــــنبولي

من الماضي يأخذ الوهيبي و ينتقي ما هو جدير بأن يبقى عنده، حيث تلتقي عنده الأساطير و الملاحم و الديانات و كل ما يهمه من ثراء التاريخ،

و الكثير من تشكيلاته قلقة متسائلة حائرة تبعث في نفوسنا التحريض على السؤال، صحيح أنه يستمد من التاريخ و يأخذ قصصاً و ملاحم و رسوماً، و لكنه يعيد صياغتها في تشكيل عصري انفرد به و لا يتشابه أو يتقارب مع أسلوب فني آخر. جميل أن تحرضنا رسوماته على السؤال و لكن الأجمل أنه نفذها بتقنية جديدة و مميزة، و اليوم تعتبر التقنية الفنية عند الفنان و الناقد من أهم ملامح اللوحة المعاصرة إن لم تكن أولها. يقول الوهيبي: (... أهم ما يميز اللوحة هي التقنية، و في أي عمل فني لابد من إظهار جانب الفكرة أو الدلالة الذي يساوي الجانب التقني الذي هو بالذات رافع للفكرة، و بذلك تبدو طاقة التجربة التقنية تتوهج مع الفكرة...). و يظهر هذا التوهج جلياً في لوحات الوهيبي و ساعده على ذلك موهبته و دراسته الأكاديمية لفن الحفر - الغرافيك - و اجتهاده. و أعود إلى جانب الفكرة في لوحات الوهيبي التي تتألف عناصرها من رموز تشكيلية، وتكوينات إنسانية صاغها بطريقة تدل على يد خبيرة في تكوين اللوحة، وهذا التكوين يمر عنده بمراحل، حيث تتكون الفكرة بالفكر المعاش، ثم تأخذ صدى لتستقر بالوعي أو تأخذ شكل آخر، مع الزمن وبالتراكم تأخذ استقلالها في محيط الذكريات، فتخرج من خلال الانفعال أحياناً، أو التفاعل أحياناً أخرى، بوعي أو غير وعي، وهذا يسمى بالحدث الناتج من خلال هذا التراكم، وهي لغة لا تقرأ أبجدياً ولكنها تفهم بالفكر حتى تأخذ حالة الدلالة، وكل فنان يبدأ عمله بالخيال، ثم الطبيعة، إلى الذات وهذه الدروب تنتهي إلى نقطة واحدة، إلى دائرة اتحاد هذه الكلمات أي ـ خيال طبيعة الذات ـ فكل ما ينتج من خلال الحميمية المعرفية هو تبصر، وسواء أكانت النتيجة تشكيلاً فرضياً، أم قصيدة، أم كتابة مسرحية، فهي رفد للواقع بواقع معرفي جديد، فإذا كان هذا رأي ـ الوهيبي ـ في تكوين فكرة اللوحة، فما هو رأيه بالخصوصية أو الأسلوبية ؟!! (... إن تسميات المدارس هي لإظهار الواقع المنهجي للعمل الفني، و القصد من تسمية هذه المدارس هو إعطاء هوية مسبقة للعمل الفني، فهذه مدرسة تعبيرية وهذه سريالية..إلخ... وبالنهاية الفنان لا يقصد الانتماء إلى أي مدرسة إلا إذا هو أراد، فكل اللوحات الفنية التي رسمها الانطباعيون مثلاً أعطت صدى أوسع من الكلمة ذاتها، ثم تتابع الانطباعية تطورها لتصل إلى حدود التجريد، مثل سيزان، أو حدود التعبير، مثل فان كوخ، فالخيال ليس له استقرار حيث نبدأ بنقطة ثم ننتهي إلى نقطة ذاتها بخط متكامل حول الأرض). ويرى الوهيبي أن تطوير العمل الفني هاجس في ذات الفنان الذي يحلم بتجاوز الأمس إلى اليوم أو الغد، ويرى أيضاً أن النسيان ضرورة للقضاء على النسيان ذاته، وذلك بتجديد المعرفة وتصاعدها لترتقي إلى حالة الإبداع، فلا بد من إنهاء عمل لبداية فكرة ناضجة، تتطور لنسيان العمل الأول فقط، ونسيان أخطاء قد يقع بها الفنان من خلال الحقل التجريبي الذي يمر به العمل الفني، فما هو جديد دائماً يرتقي ويسمو من خلال أعمال سبقته، فالجدة دائماً آخر نتاج الآن، ويبقى اجتهاد الفنان رسالة إيجابية أو سلبية عند الناقد. و لا يمكن للنقد إلا أن يكون هو الذي يؤرخ لمدرسة فنية، فالنقد رسالة كما رسالة الفن فهما عجلتان لمحور واحد، وكل عمل فني له الدلالة المثلى والتبشيرية هو من خلال النقد، سواء أكان منهجياً أم روحياً، فالنقد هو الذي يظهر قيمة العمل الأخلاقية، والنقد أيضاً ليس من أهدافه أن ينقد عملاً فاشلاً، ومن المعروف بأن معظم المدارس الفنية في العالم نتيجة تلاقح أفكار ما بين المهتمين بالشأن البصري، سواء أكانوا نقاداً أم فنانين ويرى الوهيبي أن إنتاج الفنان وهو في قمة هرم الحياة، أي الآن، لابد له إلا أن يكون شاهداً على الجماليات الجديدة، وكل التأثيرات لابد أن تأخذ مسلكاً لها بالتعبير، وأيضاً لكل معرفة بصرية جديدة لابد أن يكون لها دلالة، فالتبصر بالدلالات البصرية الجديدة ( يمكنني أن أنتج فناً له علاقة بسيرورة الكون، فهذا إنتاج جمالي له علاقة بقمة هرم الحياة كوناً ما زلنا أحياء، ويمكن لنا أيضاً أن نجري حواراً ما بين حلزون بحري كمستحاثة، والتصاقها على شاشة كمبيوتر، أو هذا الحلزون يرى نفسه من خلال قرص صلب هذا ما تنتجه الحياة لنا). هذا هو الوهيبي فنان التواصل مع الفن العصري بالفن العصري. ببلوغرافيا الفنان محمد الوهيبي: - تخرج في كلية الفنون الجميلة بدمشق / قسم الحفر. - عضو نقابة الفنون الجميلة. - عضو اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين / فرع سورية. - عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب. - أقام العديد من المعارض الفردية. - يشارك في المعارض الفنية محلياً، و عربياً، و دولياً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية