700 مليون ل . س على ذمة صاحب الشركة
كأن قدر مدينة حلب رئة الصناعة السورية
أن تشهد من حين لآخر حلقة في مسلسل انهيارات الشركات الصناعية فبالأمس القريب كانت مجموعة منشآت الديري ثم تلتها شركات الجربوع واليوم شركة الحجار الدولية التي قام مالكها السيد عبد الكريم حجار من تلقاء نفسه بتقديم كتاب لغرفة تجارة حلب يعرض فيه واقعه المالي ومعاناته التي أدت مؤخراً إلى توقيف تشغيل منشآته والصعوبة بتسديد التزاماته المالية للدائنين.
وبعد دراسة غرفة التجارة للكتاب تم اعلان السيد المحافظ بالأمر وتمخض عن ذلك تشكيل لجنة وزارية مؤلفة من السادة وزراء الصناعة والعدل والاقتصاد حيث اجتمعت اللجنة للبحث والمناقشة ودراسة وضع وتطورات الشركة من الألف الى الياء..لذلك وقبل الدخول في حيثيات وتفاصيل هذه القطيعة وما آلت إليه المستجدات وما اتخذته غرفة تجارة حلب من اجراءات نقدم تقديراً عن تاريخ وتطور هذه الشركة (شركة حجار الدولية للغزل والنسيج).
الخطوة الأولى:
وفق أحكام قانون الاستثمار وبموجب قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم /182/م.س تاريخ 30/11/1996 وتعديلاته قام السيد عبد الكريم حجار بتأسيس منشأة للصناعات النسيجية في المسلمية تعنى بأعمال الحياكة والخياطة والطباعة والتطريز والصباغة وقد تم ترخيصها باسمه وبدأت المنشأة بالعمل لإنتاج الألبسة القطنية والرياضية وعملت على تصدير منتجها الذي لاقى الإقبال الى بعض الأسواق الخارجية الأوروبية حتى بلغت صادراتها خلال السنوات الماضية نحو/90%/ من انتاجها مستعينة بذلك بتصدير منتجها لصالح ماركات عالمية في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا. ومع الزمن اعتبرت هذه المنشأة من أهم المنشآت النسيجية في مجال التصدير على مستوى المحافظة حيث حصلت على شهادة الإيزو ونالت الشهادات من وزارة الاقتصاد وغرفة الصناعة لاعتبارها من الشركات الأوائل المصدرة لمنتجها خلال عامي /2002-2003/ وقد تفاوتت قيم صادراتها السنوية من عام /2001-2004/ مابين /20-30/ مليون دولار سنوياً في حين انخفضت هذا العام لتصل الى /8/ مليون دولار فقط وهذا بسبب الأزمة التي مرت فيها كما يقول مالكها السيد عبد الكريم حجار.
التوسع والتطوير:
وعلى أثر النجاحات التي حققتها المنشأة السابقة قام السيد حجار بمشاركة أخيه محمد شاكر بعض أفراد العائلة لتأسيس شركة توصية للصناعات النسيجية باسم (شركة حجار الدولية للغزل والنسيج) وقد رخصت وفق أحكام قانون الاستثمار بموجب قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم /391/م.س تاريخ 22/10/2003 وتجسد ذلك بداية بانشاء معمل لانتاج الغزل القطني والأقمشة الخامية وبالقرار رقم /591/م.س تاريخ 13/9/2004 لانشاء معمل لانتاج الأقمشة المفتتة وصباغة الخيوط والأقمشة وانتاج الألبسة الداخلية والخارجية وقد جرى تخصيص أرض لهذه الشركة في المدينة الصناعية بالشيخ نجار بمساحة /87/ ألف م2 حيث وصلت أغلب الالات والتجهيزات للمعملين وشيدت صالة لانتاج الغزل القطني وفجأة توقفت مراحل العمل بسبب عدم توفر السيولة وكان الاعلان عن العجز المالي.
بداية الأزمة:
مع أن الشائعة كلاً أو جزءاً قد لاتكون صحيحة إلا أنها لعبت هنا دوراً كبيراً في استعمال الأزمة التي نتج عنها مطالبة العديد من الدائنين لمستحقاتهم والبعض الآخر لأموالهم النقدية, أو الممولة بعقود لمواد أولية ناهيك عن استحقاقات البنوك والمصارف التي ساهمت بتمويل شركة حجار الدولية وبنسب ليست مدروسة أو مبرمجة من قبل المالك بحيث يغطي ما لديه من رأسمال وأرباح وقيم العقارات والالات حجم هذه القروض ومما زاد في نسبة العجز المالي لدى الشركة حجم الفوائد الكبيرة التي كان يتم توزيعها على الدائنين البالغ عددهم الاجمالي أكثر من /100/ دائن وبكتل نقدية تجاوزت ال/700/ مليون ل.س كانت على ذمة السيد حجار الذي وجد نفسه فجأة مضطراً للاستعانة ببعض الممولين لقاء فوائد كبيرة تراوحت ما بين /20-30%/ لكل ستة أسهر أو سنة بحسب الاتفاق وحجم المبلغ والمدة الزمنية وهذا التفاوت بالفوائد يعود سببه الى أن السيد حجار لم يكن بحكم المتحكم أو المسيطر على الأمر وقد كان هدفه الحفاظ على الشركة وعمالها الذين بلغوا ال/800/ عامل
وجهة نظر مالية:
الدكتور أحمد الأشرم رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية سابقاً والمحاسب القانوني والاقتصادي حالياً وعضو اللجنة المشكلة لتقييم قيمة موجودات شركة حجار الدولية لم يبد استغرابه خلال مناقشته لمستجدات هذه القضية مشيراً الى وجود ثلاثة أسباب رئيسية تلعب دوراً في نشوء مثل هذه الأزمة الأول يتعلق بنقص في الدراسة الإدارية والجدوى الاقتصادية للمشاريع مع نقص أو انعدام للمستشارين الاقتصاديين والثاني أسلوب وطريقة تعامل أصحاب الشركات الكبيرة حيث العديد من الفئة الأولى يساهمون بأموالهم على العهدة أو بالفوائد الكبيرة أو السندات وهؤلاء ترتبط مصالحهم ببعضهم البعض وتراهم يساهمون في استفحال الأزمة لدى مطالبتهم باستحقاقاتهم حين سماعهم لأي نبأ حيث يطالبون باسترجاع حقوقهم في محاولة بعد ذلك للبحث عن شركة أخرى قوية وصناعي قوي لزج أموالهم واقراضها.. والعامل الثالث يتمثل بروتين المصرف الصناعي من حيث التأخر غالباً في منح القروض والشروط القانونية للمنح فالحصول على القرض الصناعي يتطلب من الصناعي تقديم ضمانات بقيمة /50%/ مع الكفالة الشخصية... لكن السؤال إذا ما احتاج الصناعي لقرض آخر فمن أين سيؤمن الضمانات والكفالات الأخرى.
أقول هذا مع التنويه الى أن المصارف الخاصة والأجنبية تكتفي بضمانة شخصية أو عقارية واحدة ولهذا أتمنى اعادة النظر بألف ياء عمل المصرف الصناعي بحيث يمنح القروض الصناعية بأسرع وقت تجنباً للجوء والاستعانة بالمقرضين وبفوائد فاحشة أولاً وإيجاد طريقة لتدخل المصرف الصناعي وتأمين نوع من التغطية للصناعيين بحيث يقطع دابر الدائنين ويمنع انهيار الشركات الضخمة ثانياً.
أرقام عن ديون شركة حجار:
مع محاولات عديدة لمعرفة حجم القروض والذمم المالية المترتبة على السيد حجار وشركته حصلت الثورة أولاً على معلومات من المصرف الصناعي تفيد بأن السيد حجار اقترض من المصرف الصناعي /225/مليون ليرة سورية وقد استحق عليه القسط الأول بتاريخ 25/11/2005 وقيمته /50/ مليون ليرة سورية كما أن السيد عبد الكريم حجار حصل على قرض آخر بقيمة /25/ مليون ليرة سورية من المصرف التجاري اضافة لديون متراكمة عليه لشركة غزل جبلة وقيمتها /385/ مليون ليرة سورية وقرض آخر لبنك التنمية الاسلامية بقيمة /420/ مليون ليرة سورية ويقول السيد يوسف كردية مدير المصرف الصناعي بحلب بأنه مطمئن على اعادة حق المصرف من قرض السيد حجار لأنه قدم الضمانات العقارية والآلات والضمانات الشخصية التي تغطي المبلغ الممنوح له لكنه أضاف بأن السيد حجار كان قد طلب قرضاً آخر لمنشأته في الشيخ نجار بنسبة معينة وقد صدر قرار الادارة العامة للمصرف برقم /10010/ تاريخ 19/9/2005 بمنحه مبلغ /86/ مليون ليرة سورية لكنه لم يستلم المبلغ لكونه لا يفي بحاجته من جهة ولم يقدم الضمانات أو يسجل الآلات في مديرية الصناعة من جهة أخرى.
رأي السيد حجار:
يقول السيد عبد الكريم حجار في تصريح للثورة: أنه لم ينته في معمله الثاني من تركيب الآلات بعد, حيث تزال تنقصه بعض التجهيزات والماكينات التي قيمتها بحدود المليون و/99/ ألف يورو أي ما يعادل ال /75/ مليون ليرة سورية كما يلزمه حوالي /60/ مليون ليرة سورية قيمة مشتريات محلية بما فيها الأقساط للمدينة الصناعية ورسوم الترخيص اضافة ل /50/ مليون ليرة سورية للرأسمال العامل وبالمجموع 75+60+50=185 مليون ليرة سورية هو بحاجة إليها للإقلاع بالمعمل الجديد اضافة ل /50/ مليون ليرة سورية قيمة القطن مع النفقات والأجور وغير ذلك. وكذلك يحتاج ل /50/ مليون للمعمل القديم حيث بذلك يبقى العمل قائماً والانتاج مستمراً وعندما سألناه عن أسوأ ما يمكن أن يحصل لشركته.
يقول السيد حجار .. كل ما أخشاه هو أن تتوقف الشركة القديمة عن العمل وأن لا تستطيع الشركة الجديدة العمل والمتابعة ويتابع أنا أفكر بعرض كل ما لدي من قيمة الموجودات في المنشأتين للبنك الصناعي والبنك الاسلامي حيث فقط قيمة العقارات والآلات في المنشأتين تبلغ بحدود مليار و900 مليون ل.س وهذا عدا عن المنتج .. ولا افكر باعادة هيكلية المنشأتين لان ما يهمني هو الحفاظ عليهما وعلى عمالها ولاسيما انه كان في نيتي تشغيل 1000 عامل في الشركة الجديدة اضافة ل 800 عامل في الشركة القديمة.
بدورنا نقول أن اتفاقية القرض مع البنك الاسلامي جاء في أحد بنودها تحويل الشركة الى شركة محدودة المسؤولية خلال عام 2007
محاولات لاستيعاب الأزمة:
من مصادر مطلعة علمت الثورة أنه كان هناك محاولات لمنع انهيار شركة حجار الدولية حيث كان من المفروض أن يتم التمويل والتعاون باتفاق مشروط من قبل أحد التجار في ألمانيا وهو غسان عرب الذي يملك شركة تجارية في ألمانيا ويعتبر الرابع على مستوى ألمانيا والحادي عشر على مستوى أوروبا لكنه عدل عن رأيه مؤخراً عن التعامل لاسبابه الخاصة كما أن شركة فرنسية للمالك نصر الله نصر الله ظل يمول المعمل القديم لشركة حجار من أجل تنفيذ العقود المبرمة مع السيد حجار والبالغ قيمتها 5 مليون دولار و60 ألف حيث قيمتها 5 مليون دولار و60 ألف حيث بقي الاخير يمول عقوده مع الشركة بغية الاقرار في العمل وشحن المنتج لفرنسا للمحافظة على أمواله .
إجراءات غرفة تجارة حلب:
بعد اجتماع اللجنة الوزارية بحلب المشكلة لمناقشة قضية الصناعي عبد الكريم حجار اصدرت قراراً لتقييم موجودات ومحتويات منشأة السيد حجار على طريق المسلمية وشركة حجار الدولية للغزل والنسيج في المدينة الصناعية بالشيخ نجار وبناء على ذلك تم تشكيل لجنة خبرة في غرفة تجارة حلب لمتابعة الامر حيث اجتمعت اللجنة اول امس برئاسة السيد محمد الملاح رئيس الغرفة مع السيد حجار واخيه وبحضور جميع الدائنين أصحاب المبالغ البسيطة وغياب الغالبية العظمى من الدائنين اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة وبعد طرح مختلف الآراء والمناقشة تم بإجماع الحضور الموافقة على امكانية تسوية ديون الشركة في ضوء المعطيات الجديدة واشراك بعض الدائنين في شركة عبد الكريم حجار . وشركة حجار الدولية معاً والتعهد بعدم تحريك أي دعوى ضده أمام القضاء لقاء سندات أو شيكات أو ايصالات صادرة عن السيد حجار وموافقة الحضور على تجميد وضعهم وابقائه على حاله مع استمرار الاتصالات بالجهات الرسمية الوصائية لاعادة جدولة الديون المستحقة وتقسيطها محددا بشكل مريح بعد توقيف فوائدها انطلاقا من الحرص على استمرار تشغيل المنشأتين وبقاء العمال على رأس عملهم كما طلب الحاضرون الاستمرارية في تصدير منتجات الشركة للخارج وتأمين القطع الاجنبي مع ضرورة توجيه معمل غزل جبلة للاستمرار في التعامل مع السيد حجار أسوة بالصناعيين الاخرين وفق الطريقة المتبعة لدى هذه الشركة
كلمة أخيرة:
ما قدمناه هو مجمل معطيات مشكلة شركة حجار الدولية ومع أن اللجنة ستجتمع مرة أخرى لعرض المستجدات على الدائنين وتحديد قيمة الموجودات في المنشأتين ورفعها للجهات الوصائية الا ان السؤال اخيرا يبقى قائماً ..?! من بعد الحجار وهل ننتظر معالجة الخلل والحدث بعد ان يقع ام نقرر المعالجة قبل وقوعه سؤال يطرح نفسه في اطار الشركات الصناعية على تلك المدينة التي تعتبر الرئة الاقتصادية لسورية .