ورغم ذلك كله ظلت هذه الصناعة تتصف بأهمية اجتماعية واقتصادية وتجارية وبالتالي برزت الحاجة لدعمها وتحسين أدائها والاستمرار في تطويرها.. ولكن من خلال إدارة متكاملة لهذه الصناعة ومفاهيم واعتبارات ومعايير بيئية تسعى لتطويرها إلى صناعة نظيفة.
والسؤال: كيف?
هذا ما يجيب عليه المشروع الاقليمي (الإدارة المتكاملة للنفايات الناتجة عن عصر الزيتون بين لبنان وسورية والأردن) والذي يموله الاتحاد الأوروبي .
وللتعرف على هذا المشروع والمراحل التي قطعها التقينا د.مروان دمشقي المدير الوطني للمشروع في سورية الذي أكد أن تطبيق المشروع على أرض الواقع, بعدما تم اطلاقه في البلدان الثلاثة منتصف العام الحالي, يستغرق مدة ثلاث سنوات وضمن سبع مراحل وترتكز المرحلة الأولى على انجاز مسح حقلي شامل وجمع البيانات والمعلومات حول معاصر الزيتون والصناعات المكملة لها في كل بلد وتقييم مستوى الموارد البشرية/الفنية والإدارية/ والقدرات التدريبية للمشغلين والمالكين ومن ثم اسقاط هذه البيانات على نظام معلومات جغرافي .
وأضاف: لقد بدأنا في سورية بتنفيذ المراحل العملية للمشروع, حيث أطلق منذ بداية تشرين الثاني من هذا العام مرحلته الأولى والمتوقع أن تتوج مع بداية العام القادم بمسح ميداني لحوالى 896 معصرة زيتون في سورية وللصناعات المكملة لها (استخلاص الزيت لصناعة الصابون وصناعة وقود البيرينا).
وقد تم تدريب فريق من الاختصاصيين لجمع البيانات والمعطيات اللازمة في هذه المرحلة قبل نشرهم في المحافظات المتمركزة فيها صناعة عصر الزيتون والصناعات المكملة لها, حيث يقوم هذا الفريق حالياً بلقاء أصحاب المعاصر ومشغليها وملء بيانات المسح اللازمة لتنفيذ المرحلة الأولى من هذا المشروع الاستراتيجي المهم على المستويين المحلي والاقليمي.
وأشار دمشقي إلى أن المرحلة الأولى تتضمن أيضاً نتائج هذا المسح الميداني على نظام معلومات جغرافي وتحليل المعطيات في قاعدة بيانات ورسم الخرائط على الحاسوب بحيث يمكن تحديد أحزمة التلوث وحجمه والمناطق الأكثر تلوثاً بالنفايات الناتجة عن هذه الصناعة وبالتالي الاحاطة بها وتحديد التكلفة الاقتصادية والسبل الأفضل لمعالجتها.
كما تشمل المرحلة الأولى أيضاً تأسيس موقع الكتروني للمشروع يتم من خلاله تبادل المعلومات على المستويين الوطني والاقليمي ودراسة معمقة للقوانين السورية المتعلقة بحماية البيئة من نفايات العصر وسبل المراقبة والتنفيذ لهذه التشريعات والأنظمة على أمل أن يتم تطويرها واعتمادها قبل نهاية المشروع.
وأما المرحلة الثانية من المشروع فستتضمن ادخال بدائل الإنتاج الأنظف واجراءات الحد من التلوث والتحكم والمعالجة لصناعة الزيتون وسيتم تحديد ست معاصر في كل بلد بهدف انجاز تدقيق ومراجعة بيئية لها واجراء التحاليل المخبرية اللازمة لمعرفة مستويات التلوث عنها.وبالتالي تحديد العوامل المحددة لتقلبات التدفق وتحديد احمال التلوث وتقديرها على المستوى الوطني وتحديد التأثيرات الأخرى الناتجة عن الممارسات اليومية للمعاصر على البيئة وصحة الإنسان.
وضمن هذا المضمار نوه د.دمشقي إلى التنسيق الذي سيقوم به هذا المشروع على المستوى الاكاديمي مع الجامعات ومراكز البحث الوطنية المهتمة بمعالجة مياه الجفت والنفايات الصلبة الناتجة عن عملية عصر الزيتون وتحويلها إلى صناعات نظيفة وملائمة بيئياً, وسيتم التواصل مع هذه الجهات البحثية الوطنية والاقليمية ومع المركز الاقليمي للإنتاج الأنظف في برشلونة ومراكز البحوث الأوروبية العاملة في هذا المجال وصولاً لاختيار التقنيات الأفضل للإنتاج ولمعالجة النفايات السائلة والصلبة, وسيتم تطبيق ذلك عبر تنفيذ نموذج رائد في سورية لمحطة معالجة لمياه الجفت.
وأوضح أنه, وفي المراحل المتقدمة من تنفيذ المشروع, سيتم تقديم المساعدات الفنية والتدريب وتطوير نماذج تدريبية لتنفيذ بدائل الإنتاج الأنظف واجراءات الحد من التلوث وبدائل التحكم والمعالجة وتنظيم ورش عمل لنقل وتبادل المعر فة حول طرائق الإنتاج الأنظف ووضع المعايير والحدود لصناعة زيت الزيتون ووضع استراتيجية رقابة لتنظيم صناعة إنتاج زيت الزيتون, إضافة الى تطوير حوافز تقنية ومالية لتشجيع تحويل هذه الصناعة نحو الإنتاج الأنظف.