ومن ثم بصحة الإنسان لما تحمله الملوثات من مخاطر وعناصر سامة.
وتعتبر مياه الصرف الصحي أبرز العوامل التي تلوث مياه الري بالمحافظة حالياً. حيث إن مياه الصرف الصحي لبعض المدن والقرى بالمحافظة تتدفق إلى الوديان والسدود. مثل مياه الصرف الصحي لمدن الشيخ مسكين- ازرع- بصرى الحرير التي تصب في سد ابطع, ومياه الصرف الصحي لمدن داعل- طفس- الحراك التي تتدفق إلى سد غربي طفس ومياه الصرف الصحي لمدينة نوى التي تختلط مع مياه سد غدير البستان, وقد أثبتت نتائج تحليل العينات المائية المقطوفة من تلك السدود في هذا العام تلوث المياه المخزنة بسبب ارتفاع نسب الأمونيا والعصيات الجرثومية فيه عن النسب المسموحة وأكد مدير مكافحة التلوث في مديرية حوض اليرموك بأن مياه هذه السدود الملوثة غير صالحة لاستخدامات الري وسقاية المزروعات وبالتالي فإن استعمال هذه المياه يؤدي إلى تخريب المزروعات وإلى تدمير عناصر التربة وقتل الكائنات الحية التي تعيش داخل السدود نفسها وأخيراً إلى إلحاق الأذى والضرر بصحة الإنسان.
ومن العوامل الأخرى التي تلوث المياه العامة في محافظة درعا الآن التلوث الزراعي حيث إن الاستخدام غير المنظم للمبيدات في الحقول الزراعية يجعل المبيدات والأسمدة الكيميائية تتحلل في التربة أثناء استخدامها في الحقول الزراعية وتجري مع المياه السطحية التي تتسرب بدورها إلى المياه الجوفية.ومن الأسباب الأخرى التي تلوث مصادر المياه بدرعا قيام أصحاب المنشآت الصناعية بالمحافظة بإلقاء المياه العادمة الناتجة عن تلك المنشآت في الوديان والمسيلات المائية دون معالجة لها. وهذا مانسميه بالتلوث الصناعي. و من أبرز هذه المنشآت التي تتدفق مياهها حالياً إلى مياه السدود وأقنية الري مسببة تلوثها هي معامل الكونسروة ومعاصر الزيتون. إذ لا تزال بعض معاصر الزيتون بالمحافظة تقوم بتصريف مياه( الجفت) إلى مجاري الوديان وإلى التربة ا لزراعية. ومن الحالات الأخرى التي تساهم في تلوث المصادر المائية بالمحافظة الاختيار غير المناسب لمقالب القمامة والنفايات التي تطرحها مدن وقرى المحافظة وسوء ا لتعامل معها حيث إن أغلب المقالب التي تختارها الوحدات الادارية لتجميع النفايات والقمامة غير نظامية وقريبة من الوديان وبعض مصادر المياه العامة.
وهذه المقالب عبارة عن حفر كبيرة تقوم الوحدات الإدارية بترحيل النفايات إليها دون العمل على حرقها ودفنها, الأمر الذي يجعل منها مصدراً كبيراً لتلوث البيئة بشكل عام ومصادر المياه بشكل خاص. والسؤال الذي يتبادر للذهن الآن. ماذا فعلت الجهات المعنية لمواجهة مصادر تلوث المياه التي أشرنا إليها آنفاً..?
وهل توقف التلوث فعلاً وأصبحت مصادر المياه نظيفة وخالية منه.?
وعلى الرغم من أهمية هذه الاجراءات التي اتخذت حتى الآن لمواجهة مخاطر التلوث على المصادر المائية بدرعا.. فإنها مازالت دون المستوى المطلوب وغير قادرة على حماية المياه العامة من التلوث. خاصة وأن الكثير من هذه الاجراءات لم تأخذ طريقها للتطبيق بعد فالمطلوب بالدرجة الأولى إيقاف التلوث بمياه الصرف الصحي. وهذا لن يتم إلا من خلال انجاز محطات المعالجة المقررة في المحافظة, والشيء الآخر المطلوب تنفيذه هو الاشراف الحكومي والرسمي على استخدام المبيدات والأسمدة لمنع الاستخدام العشوائي لها في الأراضي الزراعية, والقيام كذلك بالزام أصحاب المعاصر بنقل مياه الجفت فعلياً إلى أحواض التجميع التي تم إنشاؤها لهذا الغرض, والبحث عن مقالب نظامية للقمامة, والاسراع بانجاز معمل معالجة النفايات الصلبة بالمحافظة بالاضافة إلى استصدار تشريع لتنظيم مكافحة التلوث في سورية,ليتسنى من خلاله إجراء المكافحة التطبيقية المناسبة ضمن المواصفات الفنية المطلوبة, وردع الذين يتسببون بالتلوث. بهذا نستطيع الحفاظ على بيئة نظيفة خالية من التلوث بدرعا ونستطيع كذلك حماية مصادرنا المائية من التلوث القائم. أليس كذلك..?