وكأننا في عالم لا يوجد فيه احد غيرنا, كأننا لسنا مستهدفين على الاطلاق..
غريب امرنا, الفنا الكتب ودبجنا المقالات والدراسات التي لو جمعت لصارت تلالاً, كل ذلك حول الغزو الثقافي وفي تطور لاحق, حول العولمة, ومحاولات طمس الهوية, تطورت الاساليب , وتطورت الوسائل التقنية التي تساعد على الاستباحة المطلقة وبالوقت نفسه ا زداد حجم ما نكتبه ولكن ماذا على ارض الواقع ..? السماء مفتوحة علينا, وسائل ضخ اعلامي لا تتوقف, ودوريات ومجلات وصحف..
اليوم نحن امام (اختراق) حقيقي لاندري منذ متى بدأ وكيف ولكننا قادرون على ان نشير الى خطوطه العريضة ,( مدارسنا) صارت ملعباً ومكاناً مفتوحاً لمن يريد ان ينقل ويشوه ويدس السم في الزاد, نعم مدارسنا التي غاب عنها النشاط الثقافي والابداعي وتحولت الى آلات صماء لتسجيل المعلومات ونيل الدرجات, مدارسنا تسلل اليها الكثيرون, وبوسائل سهلة وجذابة ودون ان يكون ( للتربويين) اي رد فعل , بل ان الاختراق تم باسم وزارة التربية, ونال المخدوعون صك التقدير واليكم بعض التفاصيل.
مسابقات ثقافية مشبوهة.
سمعنا منذ فترة ان وزارة التربية عممت على طلاب المدارس انموذج اسئلة لمسابقة وذلك بناء على القراررقم 947/9- و 8287/ وقد حدد القرار ان هدف المسابقة تشجيع الطلاب على التفوق في المسابقة عن طريق تكريم المتفوقين منهم , وخلق روح المنافسة الايجابية بين الطلاب.
اما طريق الدخول في المسابقة فهو ان يجيب الطالب على الاسئلة المطروحة وتدوين كامل المعلومات المطلوبة. . وتم التنويه الى ان الجوائز سوف توزع داخل وزارة التربية وتحت رعاية السيد الوزير وهي: كمبيوتر عدد /5/ وذلك بالقرعة للطلاب المشتركين فقط.
-موسوعة ادبية عدد /30/ وذلك بالقرعة للمشتركين واضافة هذه الجوائز هناك حسم بقيمة 20% على احدى موسوعاتنا العلمية والثقافية.
الى هنا والقصة او المسابقة عادية ومقبولة, مع ان الكثيرين من الاهالي اشاروا الى انهم هم الذين قاموا بالاجابة على الاسئلة مساعدة لأطفالهم.. وتم ارسال الاجابات .
الاسئلة الموزعة لمرحلة التعليم الاساسي الحلقة الثانية وصلت الى اثنين وثلاثين سؤالا تم اعتماد /25/ سؤالا بطريقة اختيار الاجابة الصحيحة, وما تبقى بطريقة : اجب عما يأتي..
الاسئلة تقتضي من الطلاب العودة الى المراجع وطلب المساعدة وهذا امر جيد وصحيح , وتحفز على امل الحصول على الكمبيوتر, ولكن ماذا عن الموسوعات التي تم بيعها للطلاب تحت شعار المساعدة في الحصول على الكمبيوتر, طبعا قام بالتسويق مندوب دار نشر ولندع احد اولياء الامور يتحدث عن بعض التفاصيل..
مندوب وزارة التربية..
يقول .. حضر الى منزلنا ضيفان , رجل وامرأة قدمت المرأة نفسها بأنها مندوبة وزارة التربية, وقدما لابنتي شهادة تقدير باسم وزارة التربية, وهي لا تحمل ختم الوزارة او توقيع احد فيها , وانما تحمل توقيع وختم دار نشر.. وطبعا كانت الدار قد اتصلت بنا وطلبت موعدا لزيارتنا لتكريم ابنتنا الفائزة وبناء على الموعد حضر الضيفان ولم يكن معهما الا الشهادة المذكورة, وقد شعرت ابنتي بالاحباط لما رأته وعلى الفور عرض الضيفان ان نشتري موسوعات توزعها الدار على انها تساعد الطلاب من الاول الثانوي وحتى المرحلة الثانوية, ولعدم احباط ابنتنا اشترينا المجموعة بسعر 9800 ل.س مقسطة على 19 شهرا وقد وقعنا على ايصالات بهذا الشأن بعد ذلك انصرف الضيفان مسرعين .. ولكن كانت المفاجأة حين بدأنا نتصفح الكتب..
-موسوعات ولكن ..
في كتاب ( البلدان) من الموسوعة هي من اعداد : مهند محمود كحلوس ود.هنا صفا.. سموم لا يقبلها عقل ولا منطق ففي ص 101 وتحت عنوان اللاذقية ثمة معلومات قديمة ومغلوطة يقول المؤلفان في ص 102 : ( وهي عبارة عن السواد الاعظم من الخلق, وهي تتألف من الذين يشتغلون بالنوتية او بيع الخضرة, او من زراع البساتين , او العمال وغيرهم من الصفوف الاجتماعية واكثرهم يسكن في محلة ( الشحاتين) و( الصباغين) ومع هذا لا يقل دخل احدهم عن 2000 و3000 قرش في السنة... نعم هكذا سجلوا (قرش) وليس ليرة و الفاً...
وفي نهاية ص 103 في فقرة التعليم يخلص المؤلفان الى القول:
...(وهذا يدلنا على انحطاط السوية الفكرية في اللاذقية.. ) ولن نتحدث ما بدأت به الفقرة...
ولنقفز الى ص 129 والى ما كتب عن مدينة زحلة وفي نهاية الفقرة ونترك لمن يريد المعرفة العودة بنفسه الى الكتاب ..وبالعودة الى ص 192 وبالحديث عن الجمهورية العربية السورية وعن اللغة يمكن ان يقرأ المتابع كم لغة رسمية معترفا بها في سورية حسب ادعاءات المؤلفين .
وفي كتاب : ( الفنون) ترجمة لشخصيات فنية ونقتطف قليلا ما جاء في الحديث عن مايكل جاكسون: (وجاكسون اب لطفلين, ولقد تعرض جاكسون للعديد من الفضائح والمعارك القضائية اثر الاتهامات التي وجهت اليه بالانحراف الجنسي نحو الاطفال..).
-ويبقى السؤال:
ماذا تفعل مؤسساتنا الثقافية والتربوية والاعلامية... لماذا هذا المدخل الى عقول اطفالنا عبر المسابقات غير البريئة, والسؤال الذي يطرح نفسه كيف وصلت هذه الموسوعات المسمومة الى مكتبات اطفالنا في منازلهم, ومن هو قادر على الوصول الى داخل منازلنا قادر بالتأكيد على اختراق ثقافة اطفالنا عبر وسائل كثيرة, ويبقى ان نسأل التربية:
ماذا في مكتباتكم المدرسية.. ماذا اعددتم لابنائنا الطلبة.. اما وزارة الثقافة التي تخلت عن دورها في المراكز الثقافية للادارة المحلية, فقد آن لها ان تستفيق ومن تسلل الى عقول اطفالنا, فبالتأكيد نافذته اهمالنا جميعا ولتتحملوا المسؤولية ان كنتم..