كما أن لغتنا العربية بما تحمله من مكونات ومرتكزات حضارية ومالها من مركزية في بنيان شخصيتنا، تتميز بمقدرتها على النفوذ إلى أدق زوايا أدمغتنا، تغرقها بثرائها اللفظي وامتدادها إلى الحد الذي يجعل منها شرطا لوجود الفكر وهي القادرة على تحقيقه كنظام ذهني ورمزي.
اللغة والأصالة
بهذه الكلمات للدكتور مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية بدأ حفل استقبال الأستاذ الدكتور عبد الإله نبهان العضو الجديد في مجمع اللغة العربية بدمشق.
كما أكد الدكتور مروان المحاسني وجود علاقة صحيحة بين اللغة والأصالة بمفهومها الحديث حيث قال: « لقد برزت تلك العلاقة بين اللغة والأصالة نتيجة لأسباب وعوامل ترتبط بالوضع الاجتماعي والحضاري للعرب حين شعروا بتهديد حضاري يطول وجودهم متمثلا بالغرب وماله من آفاق علمية واسعة وبراعات غير مسبوقة في مجالات التقانة.
وفي نهاية كلمته أشار الدكتور مروان إلى أن المجمع مسؤول عن حسن استعمال اللغة العربية في تطابقها مع الواقع ومع المعاصرة، وفي تمكينها من مواكبة العلوم الحديثة وهذا ما جعله يساهم مساهمة جدية في إيجاد المصطلحات اللازمة لتعريب العلوم.
رعاية وتفوق
ثم تحدث الدكتور مازن المبارك وهو الذي رشح الدكتور عبد الإله نبهان ليكون عضوا جديدا في مجمع اللغة العربية، فأشار الى أمرين هامين:
أما الأمر الأول فهو البيئة البيتية والتربية المنزلية التي كان يرعاها في مجتمعنا الأبوان والجدان والأقارب، هذا الأمر الذي نفتقده اليوم في مجتمعنا الذي تفرق أفراد الأسرة فيه، ولقد أصبحت هذه الصحبة البيتية نادرة في مجتمعنا ولم تحل مؤسسة من المؤسسات محلها، أما الأمر الثاني فهو أنه حين فتح شرقنا العربي الغافل عيونه على النهضة العربية ذهبنا نأخذ بانبهار كل ما وجدناه عند الغربيين أخذ تقليد لا أخذ اقتباس، لقد تم استيراد الكثير من أساليب تربيتهم ومدارسهم وجامعاتهم.
ثم أشار الدكتور مازن الى أنه ذكر هذين الأمرين لأنه يستقبل زميلا عاش طفولته في بيئة منزلية رعاه الجد والأصدقاء والآباء فإذا الطفل يعرف الكثير من القرآن ويعرف شرح ابن عقيل و يحفظ شعرا من المعلقات.
على خطا السلف
أما العضو الجديد بمجمع اللغة العربية الأستاذ الدكتور عبد الإله نبهان فقد اختار شخصية من المجمعيين الراحلين الكرام العظام ليتحدث عنها وقد وقع اختياره على شخصية المرحوم العلامة الشيخ طاهر الجزائري، فذكر الدكتور عبد الإله في البداية أن الشيخ طاهر تلقى مبادئ العلوم في المدرسة الجقمقية الإعدادية وقد أخذ عن أستاذه عبد الرحمن البوشناني العربية والتركية والفارسية ومبادئ العلوم.
ثم تحدث الدكتور عبد الإله نبهان عن ولع الشيخ طاهر منذ أول نشأته بجمع الكتب ثم بجمع المخطوطات وشرائها واستمر هذا الولع طوال حياته وإن كان قد وجهه فيما بعد إلى المصلحة الوطنية العامة وستكون له فوائد عظيمة فيما بعد سواء على الصعيد الشخصي أم على الصعيد الوطني.
وذكر الدكتور عبد الإله أن الشيخ طاهر عمل في تأليف بعض الكتب فأنجز عام 1910م كتاب توجيه النظر إلى أصول الأثر، كما عمل الشيخ طاهر في الكتابة للصحف والمجلات المصرية، وفي عام 1919م عاد إلى دمشق ليتم تعيينه من قبل الحكومة العربية مديرا عاما لدار الكتب العربية التي كان أسسها قبل أربعين سنة وسمي عضوا في المجمع العلمي العربي ولم يطل به المقام وبرح به ألم المرض قبيل وفاته، وبهذه الكلمة للعضو الجديد الأستاذ الدكتور عبد الإله نبهان انتهى حفل استقباله في مجمع اللغة العربية.