إن(اللا).. وهي تعبير عن الرفض تعني أنك تريد عالما آخر موقفا آخر, تعني أنك غير راض عن عالمك المعيشي.
غير أن (اللا) التي اقصدها, ليست تلك المتعلقة بتمرد ضيق على وضع فردي خاص جدا.
فليس يعنيني أن يقول أحد (لا) ليصبح مسؤولا بدل مسؤول, كما لا تعنيني (اللا) الصادرة عن شخص يريد أن يحسن وضعه المالي المعيشي وحده.
بل (اللا) الصانعة للعالم وللتاريخ هي التي تعنيني.
(اللا) الصانعة للعالم هي (اللا) الإنسانية الحقة (لا) الوجود الأصيل, لأنها (لا ) الرفض الأصيل.
(لا) الرفض الأصيل هي (اللا) الوجودية التي ترفض واقعا يتناقض مع الكرامة الإنسانية.
بعد عام 1967 أي بعد هزيمة 5 حزيران المهزلة، خرج العرب من مؤتمر القمة الذي عقد في الخرطوم (بلاءات) ثلاث: لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف، فكانت اللاءات هذه تعبيرا عن إرادة رفض وتحد ثم جار الزمان علينا فإذا نحن غرقى (بالنعم) نعم للصلح, نعم للتفاوض, نعم للاعتراف, وكل هذا مع عدو يستصغرنا ويحتقرنا وينكل بنا, أرأيت أقسى من هذه (النعم) ورأيت أجمل وأبهى من (اللا) التي تقال الآن ضد هذه النعم.
(اللا) التي نبحث عنها, لا رافضة للجوع الكلي للقهر الكلي, نقولها في وجه اللصوص القانونيين وغير القانونيين.
(اللا) الجميلة هي التي يصرخ بها الناس ضد القهر الكلي من أجل سعادة كلية.
هل يتخيل كائن بشري نقدا للعالم من دون (لا), (اللا) الأصيلة أساس كل نقد.
(اللا) التي تبدأ من الأصل لا من الفروع.
ولأن (لا) الرفض بهذا الجمال وبهذه الاهمية فإن النظام العربي يكرهها كرهاً أعمى كرهاً يصل إلى حد الرعب منها, ولهذا يسكتها بكل الوسائل, ولا يعلم في اجهزته إلا (النعم) التافهة المعبرة عن الخضوع والذل.
وإذا أردت أن تخرج من فيك نعم جميلة قوية فقل دون وجل أو خوف نعم لـ (اللا).