أول الكلام....لماذا نقرأ الأدب؟
ملحق ثقافي 2018/9/11 مصطفى المقداد قد تكون الإجابة من البساطة بمكان، بحيث يبدو السؤال ساذجاً وسطحياً، وقد تبدو التساؤلات عن الخلفية من قراءة الأدب حاضرة الإجابة، على اعتبار أن التبسيط في القول يفضي إلى أننا ندخل في عوالم وزواريب الرواة والقصاصين، وندلف إلى خبايا نفوس الشعراء،
فنقف على طباع وعادات المجتمعات، ونتعرف على حضارات وفنون من خلال سبر خبايا النفس البشرية وما تجود به من إبداعات تتحدث وحدها عن نفسها ولا تحتاج مهرجانات دعائية.
فالرواية الناجحة شأنها شأن الشعر والنثر، تسير بين جمهور القراء والمتابعين أسرع من النار في الهشيم، إذ يسارع المتابعون إلى تلقف كل نص جديد أينما صدر، ويبحثون عنه في المكتبات، ويدفعون أسعاراً أكثر، وصولاً إلى البحث عن الكتب الممنوعة وإدخالها خلسة مهما كلفت من أثمان، تتجاوز المدفوع المادي وصولاً إلى احتمالات المحاسبة والملاحقة، وكل ذلك يقف خلفه نص مبدع يفرض حضوره في الساحة الثقافية، ويتجاوزها إلى الجمهور الشعبي الأوسع في حال كان العمل الإبداعي متجاوزاً حالة الإنتلجنسيا والنخبة، حين يستهدف الأعماق المجتمعية، فيحظى باهتمام شعبي.
وهنا قد تبدو تعقيدات الإجابة على التساؤلات الأولى في الغاية من متابعة الأدب متشابكة، بحيث يصعب حل تداخلاتها، فما من غاية توضع إلا وتضاف إليها غايات أخرى، وما من هدف يراد تحقيقه إلا وتجانبه عشرات الأهداف التي تفرق الفنون الأدبية وطرائق تناولها للأحداث وتوصيف الشخصيات والدخول إلى عوالمها الداخلية وإخراج مكنوناتها والحديث عن سلوكها إلا تاريخاً لحياة البشر والمجتمعات بطريقة أكثر صدقاً مما يتحدث به المؤرخون ممن يوثقون للوقائع والحوادث. وبذلك تبقى الدواخل على الحياة الثقافية مسألة فيها نظر، فالمجتمعات المخملية التي كانت تريد أن تصبغ ذاتها بمساعدة المثقفين ودعمهم، استنبطت وسائل التكريم وحفلات التوقيع، فتجمع المعارف وسواهم وتدفع لهم بالمنتج «الثقافي» مهما كانت قيمته الإبداعية. فبعض حفلات التكريم لا يجمع بينها عامل واحد يفسر الدوافع التي تجمع الشامي على المغربي، وحفلات التوقيع تهتم بالبوفيه والموسيقا، فيما يبقى المنتج بانتظار الإهداء المجاني أو المادي. ووحده الأدب ينتظر من ينصفه، بعدما تطاولت عليه أيد لا تفرق بين حروف الجر والأدوات الناصبة.
|