ومع ذلك كثر الحديث عن نقص في مادة المازوت هنا وهناك, خاصة في مدارسنا التي تجاوز عدد تلاميذها وطلابها الأربعة ملايين وسبعمائة وثلاثة وثمانين طالباً وتلميذاً, ينضوون تحت سقوف تلك المدارس الحكومية التي وصل عددها إلى أكثر من ثمانية عشر ألفاً وأربعمائة مدرسة تنتشر في أصقاع قطرنا بمدنه وبلداته وقراه ومزارعه.
ورغم الجهود الحثيثة والكثيفة التي تبذلها وزارة التربية ومديرياتها لتوفير مستلزمات العملية التربوية وحسن سيرها, وخاصة التدفئة, حيث تصل أثمان المازوت إلى أرقام قد لا نتصورها نحن كأهل لأن حسبة بسيطة تقودنا إلى أن عدد الشعب والصفوف المدرسية يصل إلى حوالى مائة وتسعة عشر ألفاً وخمسمائة وخمس وسبعين شعبة, على افتراض أن الشعبة الواحدة تضم أربعين طالباً, وهذا الرقم يحتاج إلى ما لايقل عن 597875 ليتر مازوت يومياً, ويصل مجموع المصروف خلال الأيام التي تستدعي إشعال المدفأة خلالها والمقدرة ب¯88 يوماً خلال فصل الشتاء إلى 52,613,000 ليتر مازوت, وبهذا يصل مجموع ثمنها إلى أكثر من 368,291,000 ليرة سورية, يضاف إليها تكاليف تدفئة غرف الإداريين في المدارس التي قد تصل إلى أكثر من 283,360,000 ليرة سورية على افتراض أن عددها خمس غرف في كل مدرسة, للمدير وأمين السر والموجهين والمدرسين, وبذلك يصل ثمن المازوت الذي تدفعه التربية وتنفقه في سبيل تأمين التدفئة للتلاميذ والطلاب إلى أكثر من ثلثي المليار ليرة سورية, والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا إذن يطلب من التلاميذ والطلاب إحضار المازوت معهم من البيوت? ولماذا تجمع من بعضهم أثمان المدافىء والمازوت?
يبدو أن الاستعدادات والتحضيرات هذا العام لم تكن كافية لاستقبال الشتاء, كما جرت العادة في الأعوام السابقة حيث كانت سادكوب تطلب من المؤسسات الحكومية تعبئة خزاناتها وتأمين حاجتها من المازوت خلال الصيف, كي لا نصل إلى زيادة شديدة في الطلب كما هو حاصل الآن.
الآمال معقودة أن تسعى الجهات المعنية إلى تدارك النقص وتوفير المازوت, ليعم الدفء صفوف مدارسنا, لينصب اهتمام طلابها وينحصر بتلقي الدروس والمنهاج فهماً واستيعابا, وقديماً قالوا: ثلاثة لاينامون الخائف والجائع والبردان.
أبعد الله عنا تبعات هذا الثالوث وذيوله, وأنعم علينا بالطمأنينة وأطعمنا من جوع وآمننا من خوف.