ففي ذلك خطر كبير على الوحدة الوطنية الفلسطينية.
فمن الطبيعي والصحي جداً أن تكون هناك مواقف متباينة على الساحة الفلسطينية حول قضايا سياسية وانتخابية, فذلك مضمون في القانون الفلسطيني, ولكن بنفس الوقت ليس من المقبول بأي شكل من الأشكال الاختلاف على ثوابت الشعب الفلسطيني وجعلها مادة للمساومة السياسية لمجرد أن بعض القوى الدولية بدأت تتحدث عن إحياء عملية السلام, دون أن تقدم شيئاً أو تتخذ موقفاً معيناً بحد ذاته يسهم بحدود معينة في إحياء الأمل بإمكانية استئناف العملية السلمية.
وما يردده بعض المسؤولين الفلسطينيين حول الطروحات الأوروبية والأميركية بشأن السلام ومفاده بأن ما مضى مضى, وإن الشعب الفلسطيني أمام مرحلة جديدة عنوانها الانفتاح والحوار وعدم مصادرة القرار, وضرورة تلبية المتطلبات الدولية.. إلخ من العناوين يحمل بين طياته مخاطر كبيرة على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني والوحدة الوطنية, ولا سيما أن بعض المواقف التي صدرت كردة فعل على مواقف أخرى تندرج في إطار القانون الفلسطيني, تتناقض مع منطق الحوار الوطني, وما يقال عن عدم مصادرة القرار وليس أدل على ذلك من رفض بعض القوى الفاعلة على الساحة الفلسطينية في الداخل والخارج الاشتراك في الانتخابات القادمة للانتخابات الرئاسية بحجة عدم التشاور معها في اتخاذ قرار تحديد موعد الانتخابات, وحصرها بالرئاسة بعد وفاة الرئيس عرفات.
لا شك أنه من الوارد جداً ألا تكون أي عملية سياسية أو إدارية متكاملة الجوانب وخاصة إذا كانت الظروف المحيطة بها غير طبيعية أو عادية, كما هو حال الشعب الفلسطيني, ولكن ما يساعد على تلافي عواقب الثغرات ومكامن الخلل هو ألا تكون مفتعلة أو متعمدة لإبراز قوى بذاتها على حساب إقصاء أخرى.
فالشعب الفلسطيني الذي استطاع طوال أكثر من نصف قرن تخطي مصاعب وأخطاء كبيرة وجسيمة وتنحية محاولات عديدة لهضم حقوقه, قادر على مواجهة المصاعب في هذه المرحلة والخطر الوحيد عليه يكمن بتقديم التنازلات المجانية مقابل وعود خارجية طنانة لا قيمة ولا تأثير لها على أرض الواقع.
المرحلة الحالية يجب أن تتوجه فيها الجهود للاستحقاقات الوطنية الداخلية, وضرورة الاستفادة القصوى من الدروس الماضية, وأي ربط بينها وبين ما يطرح حالياً حول المفاوضات من شأنه التشويش على المحاولات الرامية لرص صفوف الشعب الفلسطيني, وقواه السياسية والمقاومة خلف الثوابت الوطنية والحقوق الثابتة.