ورأى مقدم التقرير: إنه نتيجة لكون الاقتصاد مادة جافة لا تمتع ولا يتبعها المتلقون فقد سعت هذه الدراسة إلى إضفاء الرطوبة والامتاع والطرافة إلى هذا العلم, فعدلت في حساب مؤشرات النمو الاقتصادي والوطني, من الناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي و... و..... إلى حساب معدلات السعادة.. والناتج الإجمالي للسعادة, ودخل البلد أو المجتمع من هذه السعادة.. وطبعا تعتمد هذه الدراسة بصورة أساسية على سبر آراء المجتمع.
ورغم أن الموضوع أخذ طابع الطرافة والفنتازيا فهو بحق جدير بالاهتمام, وليس أبدا مجرد أعمال لأناس لا يملكون عملا.. إن هذه المحاولة بغض النظر عن دوافع أصحابها, هي بحث حقيقي بجهود بسيطة عن المقولة التي تقول: كل شيء في خدمة الإنسان.. أي أن أي نمو في الاقتصاد وتطور في معدلات الدخل القومي والناتج المحلي الإجمالي لا معنى له إن لم يكن في خدمة الإنسان, وهي مقولة سادت لبعض العقود.. لكنها شهدت الغربة والتغرب منذ سيطرت قوى السوق على الحياتين الاقتصادية والاجتماعية في العالم.. وتحول العالم إلى حالة ديجيتال لا يفهم ولا يشعر ولا يحس إلا بالأرقام.. هذا العالم بالديجيتالا هو عالم حروب تنصاع له البشر, عالم قوة وسيطرة وجبروت, عالم أصولية من كل الأنواع تتصارع.. على حساب العقل العلمي الإنساني الذي انحسر دون شك ليدفع ضريبة الخطأ والخلل الذي تراكم طويلا في بناء مجتمعات الاشتراكية التي انتظرت البشرية منها أن تقدم البديل!! ولكن.. ولما فشلت.. وسقط البديل.. تمادت الرأسمالية إلى حدود غير مقبولة.. صحيح أنها جددت نفسها بهذا الشكل أو ذاك.. لكنها أمام القهر البشري الذي تتسبب فيه ستجدد أيضا خصومها بهذا الشكل أو ذاك.. فكما خلقت الاشتراكية من سيرورة الرأسمالية المجحفة اللاإنسانية في ظل الثورة الصناعية, ستولد اشتراكية أو غيرها مقاومة رافضة من خلال الرأسمالية الرقمية المعلوماتية المعاصرة.. هذه الدراسة البسيطة التي نشرتها تلك الصحيفة البريطانية قد تكون مؤشرا صغيرا, لكنه ينكأ جراحا عميقة مؤلمة في عالم رقمي يعيش الحرب دون أن يدري.. يعيش الفقر في ظل تراكم الثروات.. يعيش الأوبئة والأمراض في ظل الأرقام التي تعرض ما تشاء فقط..
يعلم كثيرون أن معدلات النمو الاقتصادي بنمو الناتج المحلي الإجماليا ونمو الدخول القومية والفردية وصلت بأرقامها إلى القمم في مواقع عديدة من العالم, في دول كثيرة في العالم, متوافقة مع واقع اجتماعي رث ومجحف في ظلمه ولا إنسانيته, إلى درجة أن معدلات الجريمة والمرض والجوع والدعارة وبغاء الأطفال كانت أشد تفشيا في دول تحلق بأرقامها, إلى درجة أن ديناصور الرأسمالية أعجبه حالها فسماها بالنمورا.. قبل أن يركعها في اليوم العاشر ليحولها إلى أقل من ذلك بكثير -هل قرأتم قصة زكريا تامر النمور في اليوم العاشر?- أخيرا أقول:
طبعا لا ينطبق ذلك على تجارب الجميع.. فقد استطاعت مجتمعات مواجهة خطة مسخ النمور أن تنفرد بوضع خاص في عالم الديجيتال وكانت التجربة الماليزية هي الأهم..
لكن.. لننتبه إلى دراسة الامتاع والمؤانسة في تلك الصحيفة البريطانية.