تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاثنين 6/ 12/2004م
مصطفى المقداد
أعترف بأنني لم أمتلك القدرة والمقومات اللازمة للدفاع عن النفس, عندما فاجأني أحد الزملاء ممن يوهمونني بمتابعة الآراء والقراءات التي أكتبها, وأتناولها بعض الأحيان في هذه الزاوية الهادفة إلى الالتفات إلى هموم الناس ومشكلاتهم بصورة مباشرة.

وقد كانت الغاية الأساسية التي حكمت إقرارها هي متابعة قضايا الناس واهتماماتهم في شتى المجالات, والبعد في هذه الزاوية عن الغموض والتعويم والتعميم, فهي تهدف إلى تحديد الغاية مباشرة والذهاب إليها, والدخول في كنهها دونما مواربة أو تعمية..‏

وبالعودة إلى زميلي النشيط, فهو قد اتهمني بأني أتحدث أحياناً عن المصلحة العامة, وأتطرق إليها في فترات متقاربة, بمعنى أنني قد أبتعد عن ذلك, أو لا أمثله, وقد لا أتمثله?‏

ليس بالضرورة أن يكون زميلي قصد أن يثير في دواخلي أكثر من تساؤل, واستفسار حول طبيعة وماهية ما أكتب, وهل ألامس الحقيقة فيما أتناول? وهل أمثل هموم الناس في الزاوية التي تحمل حديثهم ومناقشاتهم?‏

وأعترف أن سبب الحيرة التي ما زالت تلازمني منذ عدة أيام, على الرغم من أن الحديث كان سريعاً, هو أنني لا أحبذ استخدام الكلمات والعبارات الرنانة والكبيرة, كما أنني أشكك أحياناً في مصداقية أولئك الذين يكثرون من استخدام عبارات (الحفاظ على المصلحة العامة) و(الدوافع الوطنية) لأنني أوقن أن المعنى الحقيقي للانتماء يتمثل في القيام بالعمل المنوط بأي فرد على الوجه المطلوب, ودون أن يكون هناك من داع للتبجح بالعطاء, والعمل والإخلاص والتفاني, ذلك أن النتائج تكون واضحة دونما حاجة للحديث عن ذلك الارتباط.‏

وأنا أدرك أن خير من يتحدث عن العفة هم المتطاولون والمخربون والسارقون والمرتشون, فيما يعمد المخلصون حقيقة إلى ترك نتائج عملهم تتحدث عنهم.‏

ولكن ما شأننا - نحن معشر الصحفيين - إن كان واقع عملنا يفرض علينا الخوض في المطالب العامة, ويجبرنا على تكرار الحديث عن المصلحة العامة باعتبارها الهدف المرتجى من أي عمل أو نشاط في مختلف المجالات.‏

فهل نكسر أقلامنا, ونهدر أحبارنا ونلتزم خدورنا, ونحقق بالتالي غاية (المجدين في اختيار الأوصاف المنمقة) و(الضالعين في تحسين صورة البشاعة) و(القادرين على تزييف الحقائق وتغييرها)?‏

حقيقة أني أخشى كثيراً في مهاجمة الفساد, وأعزف عن كيل المديح, حتى أنني أظلم نفسي, وأظلم بعض الذين يقومون بأعمالهم وفقاً للقاعدة الأخلاقية التي تقتضي إنجاز العمل بصورة حسنة, فهل تراني بعد هذا استمر في ذلك الخوف..‏

أعتقد أنني سأبقى أعيش تلك الحالة, لأننا في مرحلة غير واضحة الحدود, وتضيع فيها روائز ومعايير العمل, وبالتالي فإن المكافأة لا تكون بحجم العمل بالضرورة.‏

وبالعودة إلى زميلي فإني ألزم نفسي بأن أتحاشى ما استطعت الحديث أو الدفاع عن المصلحة العامة, أو الحقوق الوطنية, لأنها بطبيعتها لا تحتاج مدافعاً, فهي بجوهرها تمتلك القدرة على الحضور وفرض وجودها..‏

 

 مصطفى المقداد
مصطفى المقداد

القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30395
القراءات: 30402
القراءات: 30389
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30394
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30380
القراءات: 30390
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30393
القراءات: 30390

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية