إلا ان هذا الواقع الذي انتهى بالشركة إلى صدور قرار بحلها وتصفية ممتلكاتها, بات يطرح الكثير من الأسئلة حول التعامل مع الشركات المشتركة التي تدخل الدولة جزءاً أساسياً في أعمالها.
والقرار المذكور الذي لم يتعامل بلغة العواطف جاء قاسياً على الكثير من العمال الذين أفنوا عمرهم في العمل ضمن أروقة الشركة وعلى بولماناتها ذهاباً وإياباً إلى مختلف المحافظات السورية والى لبنان وتركيا والسعودية وغيرها, إضافة لأولئك الذين بقوا سنوات طويلة في ورشات الصيانة ومراكز التسويق ومكاتب قطع التذاكر..,والسائقين والمرافقين وغيرهم.
هؤلاء بلغة الرقم يزيد عددهم عن /900/ عامل بين فني وإداري وسائق وغير ذلك , وهم لا يعرفون غير هذه الشركة مصدراً للرزق والاعتياش, لذلك جاء القرار صعباً عليهم لأنه لم يحدد مصيرهم وهل سينطلقون في متاهة البحث عن عمل بديل لهم ولعائلاتهم, أم أن المالك المتوقع للكرنك سيرأف بخبراتهم وأوضاعهم فيبقيهم إن بقي عمل الشركة.
صحيح أن الحكومة أعلنت عن رأيها بوضوح بأنها ليست مع أي شركة خاسرة, ولن تدعم أي قطاع تتكرر فيه الخسائر, لكن الحكومة التي استغرقت زمناً في التداول والمباحثات حول مصير الشركة وقبلها ما يتعلق بأسباب الخسارة لم تصل إلى مؤشرات واضحة تضع النقاط على الحروف, بل على العكس انصرفت اللجان التي درست البدائل لوضع الشركة إلى البحث عن مسارب قانونية لتصفيتها إن لم نقل إعدامها بشكل واضح..حيث فقدت الوسيلة الى حالة إنعاش تعيد هذه الشركة إلى ما كانت عليه في سابق عهدها من حضور وانتشار واسع لدرجة أنها (الكرنك) أعطت اسمها لكل الشركات المحدثة التي تعمل في مجال النقل بين المحافظات, فكل بولمان عند عامة الناس اسمه الكرنك..وهذا على ما يبدو لم يشفع لها, ولم يساهم في إعادة النظر بأسباب الخسائر بل جاء القرار واضحاً..الكرنك إلى مصير محتوم مثلها مثل خلق الله جميعاً.
عمال الشركة الذين تحدثنا عنهم استنكروا هذا القرار من باب تضرر مصالحهم المشروعة, وزادوا على ذلك بأن أحداً لم يسألهم ولم يأخذ رأيهم بالموضوع فكانوا جزءاً من مقتنيات الشركة التي لا حول لها ولا قوة مع العلم أنهم أكثر اطلاعاً على ما يمكن أن يشكل حلولاً للإنعاش وإعادة الحياة للشركة,فهم يؤكدون أن شركتهم تملك الكثير من العقارات المهمة., وتملك آليات تسويقية حديثة لا تزال تقوم بدورها على أحسن وجه,وتملك خبرات مهمة, وآليات تسويقية , خاصة بعد دخول الشركة مضمار الخدمات السياحية والتوسعات الكبيرة التي شكلت قفزة قطعت ظهرها وقادتها إلى هذا المصير.
وقالوا إن الاستغناء عن جزء من هذه الأملاك يمكنه حل المشكلة من جذورها,ويمكنه صرف نفقات العمال ورواتبهم, ويمكنه تحديث الآليات المتوقفة وشراء قطع التبديل اللازمة..لكنهم في قرارة أنفسهم يدركون أن شيئاً ما جرى في غفلة عن الجميع قاد الشركة إلى ما آلت إليه, والأجدى لو تنبهت الجهات المسؤولة إلى هذا الشيء بدلاً من إرسال /900/ عامل إلى مصير صعب تضيق فيه مساحات البدائل المشروعة..
فهل من جهة تستمع لرأي عمال الشركة المظلومين جداً..
وهل من حل يدخل الاستقرار إلى نفوسهم المعذبة.
وهل..وهل..فهل من مجيب?1